هلكة العالم علي يد أغيلمة من أمريكا

حضارات

مؤسسة حضارات

المقال الأسبوعي لفضيلة الشيخ رائد صلاح

كانت المناظرة الأولى في التاريخ الأمريكي في انتخابات الرئاسة بين “جون كينيدي” و “ريتشارد نيكسون” وكانت تلك المناظرة بعام 1960م، ثم ها هي الملايين من أهل الأرض قد تابعت المناظرة بين “جو بايدن” و “دونالد ترامب” المتنافسين في انتخابات الرئاسة الأمريكية ونحن في منتصف عام 2024م، حيث ستجري انتخابات هذه الرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني 2024م، ولو تم رسم دالة لمستوى هذه المناظرات منذ عام 1960م حتى هذا العام 2024م لوجدنا أن هذه الدالة تشير إلى انحطاط غير مسبوق في مستوى المناظرة التي جرت بين المراهقين سياسيًا “بايدن و ترامب”، وقد صدق من وصف هذه المناظرة من إعلاميي أهل الأرض أنها قامت على جدل شائن!!، وجدل أخرق!! 

الأمر الذي دفع “جون كينج” مراسل الشؤون الوطنية في شبكة الـ (سي . أن . أن) الإخبارية، أن يصف “بايدن” خلال تلك المناظرة أنه كان ذا أداء بائس، وأما صحيفة “نيويورك بوست” فقد وصفت “بايدن” خلال تلك المناظرة أنه بدا فارغًا، وأما وكالة “بلومبيرغ” فقد أشارت إلى أن أداء “بايدن” خلال تلك المناظرة تخلله تكرار كلام وسعال وبيانات كاذبة، كما أنه تجمد لوقت طويل ما من شأنه أن يُثير مخاوف تتعلق بلياقته البدنية والعقلية!! وهذه شبكة “أن . بي . سي”، نقلت عن أحد الاستراتيجيين الذين عملوا في الحملات الرئاسية قوله: (إن هذه المناظرة كانت مسمارًا في نعش السياسة)!!، ولم تبالغ هذه الوسائل الإعلامية بهذه الأوصاف لأن تلك المناظرة كانت تتسم بالشراسة وتبادل الإهانات والصبيانية، ولعل سكان ولاية “جورجيا” أظهروا ندمهم لأنهم استضافوا تلك المناظرة!!، وإلا هل يُعقل أن يعتلي كل من “بايدن و ترامب” منصة المناظرة دون أن يتصافحا وكأنهما في مصارعة حرة أمريكية يجوز فيها كل شيء حتى إزهاق الأرواح وكسر الجماجم والعظام، وإن مما بات مقطوعًا به أن هذين المرشحين اللذين فشلا بإدارة هذه المناظرة وفق الحد الأدنى المطلوب لن ينجح أي منهما بإدارة أمريكا، ولا المُساهمة الإيجابية بإدارة العالم!! 

وسلفًا أقول ويل لأهل الأرض إذا نجح “بايدن”، وويل لأهل الأرض إذا نجح “ترامب”، حيث كشفت هذه المناظرة عن مدى التدهور الأخلاقي إلى جانب التدهور الصحي والنفسي والإنساني عند كل من هذين المراهقين سلوكًا والعجوزين سنًا “بايدن و ترامب”، وهذا التدهور المُريع يعكس مدى التدهور الخطير والمُقلق في دهاليز السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، لأن هذين المُراهقين سلوكًا هُما نتاج هذه السياسة الأمريكية المُنتفخة ورمًا لا صحة، وما هما وهذه السياسة المتوحشة إلا كما قال المثل: (كل إناءً بما فيه ينضح)، وكم هو مُرعب عندما يتصور كل عاقل من أهل الأرض أن واحدًا من هذين المُراهقين سلوكًا، الذين تشاتما بالبث المباشر بألفاظ دون السوقية حتى الثمالة سيصير أحدهما بعد أشهر معدودة رئيسًا لأمريكا وسيمسك بيديه مفاتيح العالم وحقيبة إطلاق الصواريخ النووية العابرة للقارات، وسيتسلط على قيادة الأساطيل العسكرية المُدمرة التي تجوب محيطات الكرة الأرضية ليلًا ونهارًا، فأي أمان لأهل الأرض بداية من سكان أمريكا وصاعدًا، إذا كان أحد هذين المراهقين سلوكًا سيتحكم بكل هذه المفاتيح والقدرات العسكرية المدمرة القادرة على تفجير الأرض وإحالتها إلى شظايا، ويوم أن قرأت بتمعن كل ما قاله كلٌ من هذين المراهقين سلوكًا عن الآخر في هذه المناظرة التي لطخت وجه أمريكا المُلطخ، قلتُ في نفسي: صدق كل منهما بما قال عن الآخر وإن كان في الأصل كذوبًا، فمن أهم ما قال “ترامب” عن “بايدن”، الذي كان ينقصه البوظة الأمريكية ذات الحجم الكبير في تلك المناظرة ما يلي: 

• (بايدن أسوأ رئيس في تاريخ أمريكا): وصدق ترامب في ذلك فعلى عهد “بايدن” ضاعت هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وضاعت محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، وضاعت الأمومة والطفولة والإنسانية على أعتاب غزة، وبات أهل الأرض مذعورين حيث ما عاد لهم عنوان ينصر المظلوم ويضرب على يد الظالم وامتلأت الأرض ظلمًا وجورًا. • (أترشح لإصلاح ما أفسده “بايدن”): وهذا يعني أن “بايدن” مُفسد في الأرض وصدق “ترامب” في ذلك، “فبايدن” قد أهلك الضرع والزرع والنسل وطغى في البلاد وجعل أهلها شيعًا، وتربع على خراب الأرض وهو ينظر إليها كالأبله، كنظرات “نيرون” عندما حرق روما.


• (نقترب من حرب عالمية ثالثة والعالم ينفجر بسبب قلة الاحترام لأمريكا في عهد “بايدن”): وقد صدق “ترامب” في كل ذلك، فها هو العالم على شفير حرب عالمية ثالثة بسبب تراكمات السياسة الأمريكية الرعناء منذ عقود وعقود ووصولًا إلى سياسة “بايدن” الكارثية، وها هي الكرة الأرضية أينما نظرنا إليها نجد نقاط توتر ساخنة بين الدول الكبرى والصغرى تنبئ بخطر اندلاع حروب إبادة قد تحرق الحضارة وتُعيد البشرية قرونًا إلى الوراء، ومن يدري لعل أهل الأرض قد يعودون مرة ثانية لركوب الحمير بدل السيارات والقطارات والطائرات، ولعلهم يعودون للتداوي بالأعشاب والكي بالنار والإدّهان بدم الضفادع والخفافيش، إذا ما انهارت المنظومة الصحية العالمية!!، لماذا كل ذلك؟! بسبب حماقة السياسة الأمريكية منذ عقود وعقود ووصولًا إلى حماقات “بايدن”، ولذلك سقطت هيبة أمريكا، وما عاد لها أي احترام في نظر أصغر طفل في العالم، بل إن كل أطفال العالم باتوا يحتقرون السياسة الأمريكية بعد أن رأوا بالبث المباشر كيف قامت السياسة الأمريكية بإعدام الطفولة في غزة قصفًا وحرقًا وتجويعًا وتشتيتًا، وفي المقابل لقد صدق “بايدن” بما قاله عن “ترامب” في تلك المناظرة الخليعة الماجنة، وهاكم بعض ما قاله “بايدن عن ترامب”:

 • (“ترامب” أسوأ رئيس للولايات المتحدة): وقد صدق “بايدن” في ذلك فهو “ترامب” الذي تحدّى مشاعر الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني وسائر أحرار العالم ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المباركة. 

• (أنت طفل): وقد صدق “بايدن” في ذلك، فكلاهما طفل مراهق في سلوكه، ولو نظر كل عاقل إلى “ترامب” وهو يتكلم في أي موقف لوجد أن حركات جسده وتمايل رأسه وتسريحة شعره وامتداد فمه خلال الكلام وتباعد شفتيه، لا يصدر كل ذلك إلا عن طفل مُدلل أفسدته النعمة والرفاه.

 • (“ترامب” أقام علاقة مع ممثلة أفلام إباحية “ستورمي دانيلز”، بينما كانت زوجته حامل): وقد صدق “بايدن” في ذلك غير أنه لم يأتِ بجديد فقد سبقه في ذلك كثير من فضائح الرئاسة الأمريكية الغرامية التي ما خفى منها أعظم مما تم كشفه، وإلى الآن لا يزال أهل الأرض يحفظون بسخرية ملف “كلينتون – مونيكا)، ومن يدري لعل “ترامب” يعتبر ذلك تاج فخار له ولا يراه عيبًا ينال من شخصيته في أجواء فجور منفلت لا حدود له. 

• (شخص مُدان): وقد صدق “بايدن” في ذلك، فكل أهل الأرض يعرفون أن حزمة ملفات ذات نكهات مختلفة تُطارد “ترامب”، ومع ذلك يخرج على الناس بكامل زينته، ويتكلم أمامهم مُتمايلًا كأنه بهلوان في سيرك لرياض الأطفال، فيا لتعاسة السياسة الأمريكية التي قد يقودها “ترامب” الذي قد يدخل إلى البيت الأبيض مُحدودب الظهر من ثقل ما يحمل من ملفات باتت تطارده في القضاء الأمريكي، ومع أن فاقد الشيء لا يعطيه إلا أن “ترامب” المطلوب للعدالة يُصر أن يدّعي أنه حارس العدالة، ومع أنه المُضيع للأمانة إلا أنه يُصر أن يدّعي أنه خزانة الأمانة، فيا لشقاوة البشرية التي قد يطل عليها “ترامب” من منصة البيت الأبيض ليُحدثها عن القيم والأخلاق والآداب، وهو “ترامب” الذي بات معروفًا على حقيقته لكل أهل الأرض، فيا له من انحطاط غير مسبوق في تاريخ البشرية. 

• (“ترامب” يملك أخلاق قطط الشوارع): فإذا صدق “بايدن” في ذلك فلنا أن نسأله: وأنت يا “بايدن” أية أخلاق تملكها بعد أن تسببت بوقوع الكارثة الإنسانية على غزة، وهي الكارثة التي لم تعرفها غزة منذ اليوم الأول الذي ولدت فيه، والذي مضى عليه القرون الطويلة، ولا نخال أننا سنُبالغ إذا قلنا: “بايدن” يملك أخلاق الذئاب العقورة.

 • (“ترامب” يكذب بشأن سرقة الانتخابات و “ترامب” يُبالغ ويكذب بشأن أزمة الهجرة): وهذا يعني أن تُهمة الكذب تُهمة مُتبادلة بين كل من “بايدن و ترامب”، وكل منهما يتهم الآخر بالكذب، وصدقا في ذلك.

 • (أنت أحمق.. أنت فاشل): وقد صدق “بايدن” في ذلك حيث أن لائحة الأدلة الطويلة التي تثبت ذلك قد عايشها أهل الأرض عندما شغل “ترامب” منصب الرئاسة الأمريكية، وإن كل عاقل يعود إلى تلك الأدلة سيتساءل حائرًا مصدومًا: أبعد كل هذه اللائحة الآسنة يتجرأ “ترامب” ويُرشح نفسه للرئاسة الأمريكية؟! بناءً على كل ما تقدم، هل يقترب أهل الأرض من حرب عالمية ثالثة، كما قال “ترامب” خلال تلك المناظرة، والتي قد تُهلك الحرث والنسل، وقد يكون فيها هلكة العالم على يد أغيلمة في سلوكهم من أمريكا، إما “بايدن” وحاشيته، أو “ترامب” وحاشيته؟!، إن غدًا لناظره قريب.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023