هل نحن بين يدي (خسف بالمشرق)

حضارات

مؤسسة حضارات



الشيخ رائد صلاح


الأصل في فهمنا للآخر أن تضبطنا هذه القاعدة: (لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين)، وهذه المقولة هي حديث نبوي شريف، ووفق هذه القاعدة كان المطلوب منا أن تضبطنا هذه القاعدة في فهمنا للمؤسسة الأمريكية منذ أن لدغتنا أول مرة، ولكن مع شديد الأسف فقد لدغتنا هذه المؤسسة عشرات المرات في الماضي، ولا تزال تلدغنا اليوم، ولا يزال بعضنا يظن فيها خيرًا، وما أحوجنا في فهمنا لهذه المؤسسة لحكمة أمير الشعراء “أحمد شوقي”، عندما قال في أحد قصائده الرائعة: (مخطئ من ظن يومًا أن للثعلب دينا)، وبناءً على هذه الحكمة من أمير الشعراء “شوقي” يجب أن نذكرّ بعضنا ونقول: (مخطئ من ظن يومًا أن للمؤسسة الأمريكية دينا)، إلا البروتستانتية الصهيونية التي باتت مرجعية هذه المؤسسة على الصعيد السياسي والعسكري وهي الموروث الصليبي وعقدة “هارمجدون”!!

ولذلك فإن المؤسسة الأمريكية لن تكون في يوم من الأيام داعية لسلام عالمي ولا مُساندة لحق الشعوب في تقرير مصيرها ولا نصيرة للمظلومين المُعذبين في الأرض ولا مُؤازرة للعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسانية وتعارف الشعوب، بل هي المؤسسة الأمريكية التي لا تزال قائمة كوارثها التي أوقعتها على الأرض تزداد يومًا بعد يوم بداية من الكارثة التي أوقعتها على شعب الهنود الحمر ومرورًا بالكارثة التي أوقعتها على شعب فيتنام وشعب كوبا وشعب أفغانستان وشعب العراق وشعب الصومال وشعب اليابان ثم انتهاءً بالكارثة التي توقعها الآن على الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والشعب اليمني، وقد يكون المخفي أعظم!!

ولأننا ما كُنا سُفهاء في الماضي ولن نكون سُفهاء في الحاضر والمستقبل فلن نصدّق “بايدن” وزبانيته عندما يطل علينا هو أو أحد زبانيته ويدّعون أنهم عاجزون عن الضغط على “نتنياهو” لإيقاف الحرب بغزة أو بلبنان ومنع غرق الشرق الأوسط -على الأقل- في حرب اقليمية، فهي كاذبة المؤسسة الأمريكية عندما تدّعي هذا الإدّعاء، حيث من الواضح أن مصدر السلاح العسكري الأساس الذي لا يزال يمد “نتنياهو” وحكومته منذ ما يزيد على العام بكل القدرات العسكرية هي المؤسسة الأمريكية!!

ولذلك من المستحيل على كل عاقل أن يُصدق أن المؤسسة الأمريكية التي تمد حكومة “نتنياهو” بالقدرات العسكرية عاجزة عن الضغط المطلوب على حكومة “نتنياهو” لوقف هذه الحروب التي تتجه نحو التصعيد ونحو جر كل الكرة الأرضية إلى حرب إقليمية لا يعرف حجم كوارثها إلا الله تعالى، ولذلك ما أقبح الخطاب الرسمي الأمريكي الذي يقول: نحنُ لا ننصح المؤسسة الإسرائيلية بضرب القواعد النووية الإيرانية!!

وكأن المؤسسة الأمريكية تُريد أن تقول إنها تؤيد توجيه ضربة لإيران، ولكنها لا تؤيد توجيه ضربة -بالذات- للقواعد النووية بإيران، لأن من شأن هذه الضربة أن تكون بمثابة (خسف بالمشرق)، وإذا حدث هذا (الخسف بالمشرق)، فلا يستطيع أي مخلوق في الأرض أن يتصور حجم الأضرار ومساحتها ونوعيتها التي قد تنتج عن هذا الخسف -لا قدر الله تعالى- وقد تمتد هذه الأضرار على صعيد عالمي، وقد تنعكس آثار هذه الأضرار على البيئة عالميًا وعلى المناخ عالميًا وعلى ثروة البحار عالميًا، وقد ينتج عنها جوع عالمي وأمراض عالمية وتشوهات بشرية عالمية، وقد تُفسد على الأرض صلاحيتها لإنبات نباتاتها عالميًا، ولذلك لا أدري هل نحن بين يدي (الخسف بالمشرق)، الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف طويل قال فيه من ضمن ما قال: (خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب)، فهل نحن بين يدي هذا (الخسف بالمشرق)، أم أن الذي يقع الآن أو متوقعًا أن يقع الآن يُشير إلى أن هذا (الخسف بالمشرق)، قد اقترب!!

وللفائدة أقول إننا يوم أن نقول: (بالمشرق)، فالمقصود به هو: (مشرق المدينة المنورة)، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال هذا المقطع الهام: (خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب)، وهو بالمدينة المنورة، وواضح جدًا أن المفهوم الجغرافي لمشرق المدينة المنورة هي العراق وإيران وما وراءهما، مع لفت الانتباه أن المقصود: (بالمغرب)، في هذا المقطع الهام هو: (مغرب المدينة المنورة)، والمفهوم الجغرافي لمغرب المدينة المنورة يمتد حتى يصل أمريكا، وهي مُجرد خواطر قد أخطئ فيها أو قد أصيب عندما أقول: أنا شخصيًا لدي فهم للسبب الذي سيقع فيه: (الخسف بالمغرب)، ولدي فهم ظني أين سيقع: (الخسف بالمغرب)، وقد يكون فهمي خاطئًا، ولدي فهم للسبب الذي سيقع فيه: (الخسف بجزيرة العرب)، ولدي فهم ظني أين سيقع: (الخسف بجزيرة العرب)، وقد يكون فهمي خاطئًا، مع التأكيد الذي لا ريب فيه أن معرفة وقت وقوع: (الخسف بالمغرب والخسف بجزيرة العرب)، غيب لا يعلمه أحد إلا الله تعالى، ولا يجوز لأحدنا أن يجزم بمعرفة هذا الوقت، ولكنْ هذان الخسفان سيقعان يقينًا لا ريب فيه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بذلك، ويكفي هذا الإخبار من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلًا قاطعًا أن هذين الخسفين سيقعان، وهذا ما ينطبق على: (الخسف بالمشرق)، فسيقع يقينًا لا ريب فيه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بذلك!!

وقد مرت عليّ برهة من الزمن كنتُ أتساءل في داخلي عن مُسببات: (الخسف بالمشرق)، وحتى الآن لا أجزم بمعرفة هذ المُسببات، ولكن ما يحدث الآن، وما قد يقع في كل لحظة على صعيد منطقة الشرق الأوسط بدأ يوضح لي احتمال تصور وقوع هذا: (الخسف بالمشرق)، مع التأكيد أن معرفة وقت وقوع هذا: (الخسف بالمشرق)، ومعرفة مكان وقوعه هو غيب لا يعلمهُ إلا الله تعالى، ويبقى ما في داخلنا هو مجرد تساؤلات قد تكون لها قيمة وقد لا تكون لها قيمة إطلاقًا!!

وبناءً على ما سلف سأبقى أتساءل على ضوء الأحداث التي نعيشها على صعيد الشرق الأوسط، هل نحنُ بين يدي: (الخسف بالمشرق)؟!، أم يفصل بيننا وبينه سنوات طويلة؟!، وبغض النظر عن أجوبة هذه التساؤلات لا زلتُ أشير إلى قبح خطاب المؤسسة الأمريكية الذي قال علانية إنه لا يؤيد ضرب القواعد النووية بإيران، وكأنه بالمفهوم المُخالف يؤيد توجيه ضربة لإيران بشرط أن تتجنب القواعد النووية!!

وما أقبح مقولة نائبة الرئيس الأمريكي “هارس”، عندما قالت قبل أيام إن المؤسسة الأمريكية ستُضاعف المساعدات المالية للبنان، ولا أدري هل تنتظر منا “هارس”، أن نقول لها: شكرًا على هذا الكرم الحاتمي؟!، علمًا أنها تعلم أننا نعلم أن الأسلحة الأمريكية هي التي تقصف الآن “بيروت وصور والبقاع بلبنان”!!، وهي الأسلحة الأمريكية التي تقصف الآن المُخيمات الفلسطينية بلبنان!!، وهي الأسلحة الأمريكية التي تقصف الآن “عيتا الشعب” وما جاورها من بلدات وضيعات بلبنان، وهي التي قصفت العمارات الشاهقة والمستوصفات الصحية ومباني البلديات بلبنان!!

فعلى من “تتخوث” “هارس”؟!، وأي وقاحة هذه الوقاحة التي رضيتها لنفسها في خطابها!!، ولا أظن أن وقاحة خطابها ووقاحة خطاب “بايدن وترامب” وسائر زبانيتهم قد تنطلي على الجالية المسلمة والعربية والفلسطينية بأمريكا!!، وإن خدعت هذه الوقاحة في خطابها بعض حكام المسلمين والعرب، فلن تخدع الشعوب المسلمة والعربية، ولن تخدع الشعب الفلسطيني ولا الشعب اللبناني ولا الشعب اليمني، بل لن تخدع طفلًا من هذه الشعوب، فالمؤسسة الأمريكية هي المؤسسة الأمريكية ببروتستانتيتها الصهيونية وصليبيتها المُفرطة، فاحذروا أن تصدقوا المؤسسة الأمريكية فهي دجال صغير بين يدي الدجال القادم.. فيا عباد الله تعالى اثبتوا.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023