زامير بين مطرقة القسام وسندان نتنياهو

لا زال مسرح العمليات في قطاع غزة يشهد تفاعلاً مستمراً على الصعيد الأمني والعسكري، حيث رأى الجميع سلسلة من الأعمال التعرضية القسامية المباركة على طول محاور التقدم وبقع القتال بالقطاع، والتي كانت نوعية في توقيتها وتكتيكاتها، وقد ظهر جلياً المهنية الكبيرة والروح المعنوية العالية لوحدات القسام سواء من فرق تنفيذ الواجب أو فرق الدعم والإسناد والاعلام العسكري ..

جاءت هذه البسالة والإبداع بعد أن ساد شعور لدى الكثير في الداخل والخارج والعالم، بأن ثمة عجز قسامي كبير وحالة توقف تعبوي جراء الضغط العسكري والانساني المتواصل على المقاومة وحاضنتها الشعبية ، وجاءت في توقيت حرج في ظل انعدام الأفق السياسي والتفاوضي، وفي ظل خطط خطيرة يحضرها المستوى السياسي المعادي والمستوى العسكري بقيادة زامير في محاولة جديدة لكسر المقاومة وحسم المعركة وانهاء حالة التعثر العملياتي المعادي في قطاع غزة..

ينطلق زامير في خططه العملانية على الحسم والاحتلال والحصار والتجويع، والاعتماد على مجموعات قتال ومجموعة عمليات عامودها سلاح المدرعات، تعيد زخم الحملة البرية في القطاع، على أساس أولوية هزيمة حماس والمقاومة وتحرير الأسرى كتوجيه سياسي واضح، لكن الجنرال زامير العائد من التقاعد اصطدم بتكيف قسامي وتعافي جيد لحد ما في عنصر المشاة لدى القسام، وقيادة وسيطرة على حرس المقدمة ووحدات الستارة على القشرة الخارجية لمسرح العمليات، والذي تطور خلال الأسابيع الأخيرة لأعمال تعرضية مبادرة نحو مراكز تمركز قواته فيما يعرف ( بالمناطق العازلة ) على طول الحدود الشرقية والشمالية..

في إشارة على القدرة القتالية التي يتمتع بها القسام برغم النزيف المستمر من أصوله البشرية والإدارية طوال الحرب المستمرة..

كمائن رفح والشجاعية والتفاح وبيت حانون، وما جاء فيها من تفاصيل ميدانية ومشاهد إعلامية، وقعت موقعاً عظيماً أمام صانع القرار العسكري المعادي، حيث بعثرت أولوياته وطرق عمله المتوقعة، حيث ساد تخبط في تحديد الأهداف الكلية مجدداً للحملة الجديدة هل تحرير الاسرى أولاً ام هزيمة حماس واحتلال القطاع !؟وهذا سبب خلاف مع نتنياهو رأس المستوى السياسي، ثم بدأ زامير ينظر بواقعية لمسار الحرب والواقع بالميدان، وكانت كمائن القسام المركبة والمعقدة والتي كان آخرها  بالشجاعية والتي أصيب فيها نائب قائد سيناء ( 252 ) وقائد كتيبة برفقته، كانت تشكل ضغطاً متزايداً على زامير الذي يراوح في مكانه نتيجة واقع ميداني معقد بغزة وأهداف نتنياهو العالية صعبة التحقيق، فأدرك الجنرال زامير بأنه وقع في ورطة واستلم تركة ثقيلة وجبهات متعددة وتحديات خطيرة، علاجها لن يكن بتصور مسبق، إنما بمعايشة قريبة ومباشرة..

في الكيان هناك انقسام حاد على مستوى الجيش والأمن والساسة بشأن مستقبل الحرب على غزة، وزاد هذا بعد خسران ضباط جدد تحت انقاض منازل مفخخة ، وجاء ترامب بأفكار جديدة ليشكل حالة تيه حقيقة، فلا الكيان قادر على وقف حرب لم تهزم فيها حماس الذي قامت بضربة السابع من اكتوبر التي هددت وجود الكيان برمته حقيقة، ولا الكيان قادر على الاستمرار فيها او خلق ظروف تضمن تحقيق الحسم والانتصار ومنع تكرار الطوفان مجددا …  

 وعليه نعتقد أن استمرار الأعمال التعرضية القسامية بنفس الوتيرة الحالية ورفع مستواها، ستهندس جزء من المشهد الداخلي الاسرائيلي تجاه الحرب، وتعطي دفعة جيدة للاعبين الدوليين لكبح جماح نتنياهو، وتمنح فرصة للجيش الصهيوني ليطرح بشكل مهني وفني مستقبل التواجد العسكري بغزة وتداعيات استمرار الحرب على الجيش والداخل الصهيوني ..

وبالنسبة لزامير كعقلية عسكرية، في حال عدم نجاحه بانزال المستوى السياسي عن الشجرة، سيضطر للهروب للامام وحشد النخبة وقوات الاحتياط وتحريكها تجاه عملية واسعة وحملة برية كبيرة ضد القطاع، ليضمن عدم سقوطه سياسياً وعسكريا كجنرال تم تكليفه بالأركان في ظروف حساسة، ونحن أمام سيناريوهات عديدة خلال الأيام القادمة، تتأثر بالحراك السياسي والوضع الاقليمي والمفاوضات الامريكية الايرانية، والواقع المتغير اللبناني والسوري..

 نسأل الله السداد والتوفيق للمجاهدين وبارك الله في حاضنة الجهاد والمقاومة

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023