وقف إطلاق النار لماذا الآن ؟ وماذا بعد ؟

حضارات

مؤسسة حضارات

لمحاولة معرفة الإجابة على هذا السؤال لابد من تحليل مواقف الأطراف المختلفة وهي الرئيس الأمريكي ترامب مجرم الحرب بنيامين نتنياهو والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة .
‏بالنسبة لترامب فيبدو انها اجتمعت عوامل سياسية داخلية وخارجية دفعته لاتخاذ القرار ومن أهمها ‏رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام. فقد كرر في العديد من المرات أنه أنهى سبعة حروب وأنه يستحق هذه الجائزة .
‏ومن ذلك أيضا رغبته في تهدئة الرأي العام العالمي المناهض للحرب في غزة والإبادة الجماعية ومشاهد القتل والدمار التي تقشعر لها الابدان في قطاع غزة ،كل ذلك جاء على خلفية المحاولة الفاشلة لاغتيال قادة المقاومة في قطر أثناء اجتماعهم لبحث مقترح أمريكي لوقف النار الأمر الذي رأته جهات مقربة من الرئيس أمرا مبالغ فيه من قبل نتنياهو وتجاوز لبعض الخطوط الحمراء.

‏يحاول ترامب  تعديل مكانته الدولية من خلال تسجيل إنجاز دبلوماسي كبير على شكل إنهاء الحرب التي لم يستطع الرئيس بايدن القيام بها وهذا يعزز صورته الدولية ويؤكد قدراته القيادية في التأثير على السياسات الإقليمية ويعكس نفوذه في المنطقة والعالم .

‏ومن جهة أخرى‏ يشير بعض المراقبين إلى أهمية إنجاز وقف النار في غزة من ناحية تاثير التحقيقات القانونية أو القضائية المتعلقة بالوثائق السرية والتي تجري داخل الولايات المتحدة ضد الرئيس ترامب إضافة لاحتمالات تعزيز فرص ترامب في الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة .
‏ 
‏هل أدرك ترمب أن نتنياهو كان يحاول التلاعب به؟  
من الممكن أن يكون ترمب قد أدرك هذا وقرر الضغط على نتنياهو باتجاه إنهاء الحرب رغم المخاطر على حكومته بسبب تهديدات من شركاء نتنياهو بإسقاط الحكومة . 

‏بالنسبة إلى بنيامين نتنياهو فإن رغبته كانت تبدو جلية باستمرار هذه الحرب وعدم الوصول إلى اتفاق ينهيها في المدى المنظور وذلك بسبب حساباته السياسية الضيقة،
‏هل اضطر نتنياهو للاستجابة لضغوطات ترامب؟ أم أن الأمر كان منسقا أو في سياق المؤامرة بينهما ؟ 
بغض النظر عن ذلك فيبدو أن ضغطه كان مفيداً لنتنياهو لتمرير الاتفاق داخليا أمام شركائه الأكثر تطرفا وعنصرية ، أو حتى تسويق الأمر لهم  كمؤامرة  للإيقاع بحماس في فخ سحب اوراق القوة منها ثم القضاء عليها بشكل كامل .

‏كل هذا على خلفية الموافقة على فرضية أن الحرب قد دخلت مرحلة النهاية الحقيقية وتجاوزت مرحلة الخداع  والمراوغة من قبل نتانياهو

‏بالنسبة لنتنياهو أيضا فقد تكون الضغوطات الداخلية قد وصلت حدها بشكل جعله يدرك أن بإمكانه تحقيق مصالح اكبر بالموافقة على ما يبدو كضغوطات من قبل ترامب أو أن موافقته الاضطرارية لتحقيق إنجازات داخلية مثل تخفيف الضغوطات الشعبية من قبل عائلات الأسرى، والاستجابة للمؤسسة الأمنية والجيش الذي يرى أن الحرب في غزة قد استنفدت أهدافها  العسكرية .

‏على صعيد المقاومة الفلسطينية الذي تغير هو أمر محدود ،فقد كانت حريصة منذ البداية على إنهاء العدوان وحرب الإبادة ضد المدنيين في قطاع غزة الأمر يتوافق مع مصلحتها ومع قيمها وأخلاقها أيضا مصلحتها والتي كانت باستمرار مع وقف الحرب والدخول في تهدئة تسمح بانسحاب كامل للجيش من كافة أراضي قطاع غزة وعودة الفلسطينيين إلى بيوتهم وإعمار القطاع بعد تعزيز المساعدات  والإغاثة الإنسانية.

‏الشيء الوحيد الممكن أنه تغير هو إدراك المقاومة بأن نتنياهو أصبح حريص لا على إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة بل على التخلص من هذا والقضاء عليهم أثناء العمليات العسكرية الجنونيه والهمجية التي يقوم بها جيش الاحتلال مضطراً في أحيان كثيرة استجابة لامر نتنياهو رئيس الوزراء المستبد داخل دولة الاحتلال .
‏من الضروري التأكيد في هذا السياق أن أمر الاتفاق لم ينتهي بعد بشكل كامل رغم الإعلان عنه من قبل الرئيس ترامب، فهناك تفاصيل هامة بحاجة إلى إغلاق وكل طرف يحاول استغلال الضغط الأمريكي والضغط العام على الطرف الآخر لتمرير صياغة ومواقف تخدم مصالحه،، المقاومة تعي هذا وتصر على انسحاب كامل وضمانات واضحة بأن الاتفاق يعني نهاية للحرب وليس مجرد محطة لتجريدها من أوراق قوتها وتحديدا ورقة الأسرى الإسرائيليين في غزة ،ثم الانقضاض عليها وهي في حالة ضعف .
كذلك تحاول دولة الاحتلال التلاعب في أسماء الأسرى بعد أن تلاعبت في أعدادهم ،وتسعى للتحفظ على الكثير من رموز المقاومة الوطنية الفلسطينية مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات ومحمود عيسى وحسن سلامة وإبراهيم حامد وعباس السيد وغيرهم

‏بناءاً على ما سبق يبدو سؤال ماذا بعد ؟.   سابقا لأوانه خاصة في ظل التجربة المتعلقة بأساليب الاحتلال وتحديدا نتانياهو في المراوغة والتلاعب والخداع فما لم يستطيع أن يأخذه بالحرب والدبابات والقتل والدمار سيحاول قطعا أن يأخذه بالمراوغة والتضليل.




جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025