مبالغات كوخافي
بقلم ناصر ناصر
30-1-2021
يبدو أن الكلمة ذات الـ 45 دقيقة التي ألقاها رئيس أركان دولة الاحتلال أفيف كوخافي في معهد أبحاث الأمن القومي INSS الثلاثاء 26-1-2021، لم تخرج كثيراً عن طبيعة شخصيته التي تنحى إلى الاستعراضية والمبالغة في بعض الأحيان، وذلك رغم خروج رسائلها عن سياق الرسائل التي كان يبثها سابقوه في الوظيفة، والتي توافقت مصادفة أو قصدا على الأرجح مع رسائل نتنياهو الذي صرح في أعقابها أن هذا يمثل موقفه.
بغض النظر عما إذا كانت رسائل كوخافي موجهةً إلى بايدن بالدرجة الأولى أم إلى قادة إيران؛ فقد ظهر عنصر المبالغة الاستعراضي في كلمة كوخافي في تقريره الحاسم بأن إيران ستستخدم القنبلة النووية، وأنه يُعدّ عملية لضرب إيران، وهذا يعيد إلى الأذهان نغماته الحاسمة عندما قرر خطته الخاصة، والتي جاءت بديلاً لخطة جدعون لأيزنكوت، حيث وعد غزة باستخدام قوة برية حاسمة أكثر فتكاً وتدميراً، حيث هدف المعركة عنده هو التدمير وليس الاحتلال، ولم يفعل مذ ذاك إلا المزيد من التهديدات، ولا يعني هذا بحال الاستهانة بتهديدات رئيس أركان جيش البطش والقمع الاسرائيلي، والذي يتميز في ساحات الميدان طالما لم يجد عنصراً حقيقياً يقاوم مخططاته .
أكد كوخافي مرة أخرى أنه لن يمتنع عن ضرب مواقع مدنية فيها منصات صواريخ، وهذا تكرار لتهديداته لغزة ولبنان، وهو بهذا يريد التأكيد على صورته الاستعراضية كمندفع لا يهمه القيم والأخلاق في الحرب، وهي حقيقة يدركها كل متابع بشأن الصراع العربي الاسرائيلي، فإسرائيل لم تحترم يوماً حقوق الإنسان، ومبادىء العدالة الانسانية، ولا حتى القانون الدولي، وقد يمثل كوخافي في استعراضاته ومبالغاته جزءاً من سياق إسرائيلي أوسع يتميز من "فقدان الحياء" ونزع الأقنعة وعدم الحرص على الإختباء وراء الشعارات والمبادىء كالديموقراطية وحقوق الإنسان، والذي يمثله بالدرجة الأولى صعود اليمين الاستيطاني في إسرائيل.
تضمنت كلمة كوخافي أيضاً التحذير من عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي واصفا الأمر بأنه " أمر سيىء" وغير صحيح من الناحية الاستراتيجية والعملياتية، أما عملياتياً فلإنه يسمح بتخصيب كميات وتطوير أجهزة طرد مركزية لدرجة تسمح لإيران بالوصول للقنبلة.
أما استراتيجيا فسيؤدي إلى تحويل المنطقة إلى نووية، فهل يعتقد كوخافي بأن بايدن يعمل في مزرعة والده؟ وأنه يملك الحق في إصدار التوجيهات أو التعليمات له ؟
هذه عقلية من نشأ وترعرع في ظل احتلال قمعي وغاشم تعوّد على أن يحصل على ما يريد، وقد يكون آن الأوان لوضع حدٍ له.