بايدن يغير سياسة سلفه في الشرق الأوسط

نيوز "1"-يوني بن مناحيم

ترجمة حضارات


دخل الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في 20 يناير، ومنذ ذلك الحين يعمل بشكل مكثف لتغيير سياسة سلفه، دونالد ترامب، في الشرق الأوسط. التغيير الرئيسي الذي يخطط له الرئيس بايدن هو تغيير في سياسة الإدارة تجاه إيران، أي: التحول من سياسة الرئيس ترامب القوية تجاه إيران فيما يتعلق بالمسألة النووية أثناء تطبيق العقوبات، إلى سياسة أكثر ليونة تشمل الحوار السياسي ومحاولة حل المشاكل بشكل شامل.

يهدف الرئيس بايدن إلى التوصل إلى اتفاق نووي جديد ومحسّن مع إيران سيشمل مسألتين رئيسيتين لم يتم تناولهما في الاتفاقية السابقة: مشروع الصواريخ الباليستية الإيراني وسياسة الإرهاب في الشرق الأوسط. تتكون منصة صنع القرار في السياسة الخارجية للإدارة الجديدة من ثلاثة فاعلين: وزير الخارجية أنتوني بلينكين، ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس.

يريد الرئيس جو بايدن تغيير سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران 180 درجة وقد بدأ بالفعل في قلب العجلة لكن الإيرانيين يضعون عليه الكثير من الصعوبات، هذه الخطوة ينظر إليها من قبلهم على أنها خطوة ضعف وسيحاولون استغلالها لصالحهم قدر الإمكان. تحاول إيران الآن إملاء التحركات السياسية على الإدارة الجديدة ولا تحاول حتى إخفاءها، فهي تهدد باتخاذ إجراءات أحادية الجانب مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وإدخال 1000 جهاز طرد مركزي متقدم آخر في المنشآت النووية ومنع المفتشين الدوليين من الدخول للمنشآت النووية، حيث أنها تحاول الوصول إلى القنبلة النووية دون وجود رقابة عليها.

يريد جو بايدن من إيران أن توقف فورًا الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها في الاتفاق النووي، خاصة في مجال تخصيب اليورانيوم، والعودة إلى قبول جميع القيود والالتزامات بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أن الإيرانيين يرفضون، ويطالبون أن ترفع الولايات المتحدة فوراً جميع العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب وان تدفع لهم تعويضات عن الأضرار الاقتصادية التي لحقت بهم وتعلن أنها تحترم الاتفاقية النووية التي انسحب منها الرئيس ترامب. 

وهذا الانحناء مستمر منذ عدة أسابيع دون قرار ولكن أبدت إيران استعدادها لوساطة أوروبية بينها وبين الولايات المتحدة.

على الصعيد الفلسطيني، هناك بالفعل بداية حوار بين الإدارة الجديدة والسلطة الفلسطينية بعد أن قاطعت السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية بالكامل بشأن إعلان الرئيس ترامب القدس عاصمة "لإسرائيل". 

اتصل هادي عمرو، المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، برئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، في الأول من شباط، وبحثا تجديد المساعدة المالية الأمريكية للسلطة الفلسطينية والأونروا وفتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس. 

ومن المتوقع أيضًا إجراء مكالمة هاتفية قصيرة قريبًا بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس بايدن، بناءً على طلب السلطة الفلسطينية، ليهنئ محمود عباس الرئيس الجديد على توليه منصبه.

ومع ذلك، يقول كبار المسؤولين في "إسرائيل" إن الرئيس بايدن يريد مواصلة تعزيز القناة مع السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة، لكن من غير المتوقع أن يقترح خطة سلام جديدة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني تحل محل خطة "صفقة القرن"؛ حيث أن الأولوية للرئيس بايدن هي الازمة الصحية والاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية. في غضون ذلك، أوضح وزير الخارجية بلنكين أن الإدارة لن تلغي الاعتراف بالقدس عاصمة "لإسرائيل" ولن تعيد السفارة الأمريكية من القدس إلى تل أبيب. 

كذلك جمدت إدارة بايدن جميع صفقات الأسلحة التي أبرمها الرئيس ترامب مع السعودية والإمارات وتعيد فحصها.

أعلن وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكين أن الولايات المتحدة تعيد فحص علاقاتها مع المملكة العربية السعودية في أعقاب اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي لضمان التوافق مع المصالح والمبادئ الأمريكية. 

وقد أخبر بايدن بالفعل مجلس الشيوخ أن ستنشر الإدارة التقرير الاستخباري السري عن قضية اغتيال خاشقجي، وهو تقرير منع الرئيس ترامب نشره.

تدرس الإدارة الجديدة قضية حماية حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، خاصة من جانب ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يعتبر "أقوى رجل" في المملكة، وتدرس سبل إنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل أساسي وللأزمة الإنسانية الضخمة. أعلنت إدارة بايدن أنها جمدت لمدة شهر قرار إدارة ترامب إعلان الحوثيين في اليمن "منظمة إرهابية" وستعلن قرارها النهائي في هذا الشأن.

وفقًا لمسؤولين أميركيين كبار، لم تصوغ الإدارة بعد سياسة واضحة تجاه العراق التي أصبحت خلال إدارة ترامب مسرحًا للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران التي استولت على العراق من خلال الميليشيات الموالية لإيران

والمحسوبة على تنظيم القاعدة تحت مظلة منظمة الحشد الشعبي. إدارة بايدن تخشى تعقيد المشاكل على الملف العراقي وهي تمضي بحذر وببطء حتى لا ترتكب أخطاء. وينطبق الشيء نفسه على سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، فالادارة في طور صياغة السياسة.
​​​​​​​
العديد من كبار المسؤولين في إدارة بايدن هم أشخاص عملوا في إدارة أوباما، ويقدر بعض القادة العرب في الشرق الأوسط أن سياسة الرئيس السابق أوباما ستعود للسيطرة وستحل محل السياسة الحالية تدريجيًا مع إدارة بايدن كقناة. 

يبدو أن الرئيس بايدن يعترض على إدراج اسم إدارة أوباما في سياسته الخارجية، فهو يدعي أنه ينتهج سياسة مستقلة بشأن الشرق الأوسط دون أي مقارنة بما حدث في الماضي، وسننتظر ونرى ما يتطور مع مرور الوقت.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023