ربما لا مفر من توجيه ضربة استباقية إلى إيران

معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS).
2-2-2021 
البروفيسور افرايم عنبار
ترجمة حضارات



النتيجة الحتمية لتحقيق طموحات إيران النووية هي سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط تشارك فيه تركيا ومصر والسعودية وربما الإمارات العربية المتحدة.

إن تجديد تخصيب اليورانيوم الى 20٪ في إيران وقرارها بإنتاج اليورانيوم المخصب لهي خطوات تختصر الطريق إلى القنبلة النووية.

 يأتي ذلك بالتزامن مع دخول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض بنية واضحة لبدء مفاوضات جادة بشأن اتفاق نووي جديد مع طهران.

 لا يزال موقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران غير واضح، لكن فرص التوصل إلى اتفاق يمكن أن يبدد المخاوف الإسرائيلية بشأن الإمكانات النووية الإيرانية ضئيلة للغاية. 

هذه التطورات تعجل بالهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية، كما صرح رئيس الأركان، أفيف كوخافي.

إن سعي طهران لامتلاك قنبلة نووية، وتطلعاتها للهيمنة على الشرق الأوسط، يعرضان إسرائيل للخطر. 

تعتقد القيادة الإيرانية أن الدولة اليهودية ليس لها الحق في الوجود، وأن إسرائيل ستختفي تحت الضغط العسكري، أو ستدمر عندما تكون ضعيفة وهشة.
بعد الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط، توصلت إيران أيضًا إلى استنتاج مفاده أن إسرائيل هي العقبة العسكرية الرئيسية أمام طموحاتها، وبالتالي أصبحت ليس فقط عدوًا دينيًا، بل أيضًا خصمًا استراتيجيًا يجب التغلب عليه.

مهّد الذكاء الإيراني في تشغيل أذرعها والتنظيمات الموالية لها في الشرق الأوسط، واستعداد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب لمغادرة المنطقة، الطريق لإيران في خطتها لبناء "ممر شيعي" يمتد منها، عبر العراق وسوريا إلى البحر المتوسط. كما تحاول بناء قواعد حول إسرائيل؛ بحيث تكون قادرة من خلالها على نصب صواريخ لردع هجوم على منشآتها النووية وفي حال وقوع مثل هذا الهجوم فلضرب إسرائيل بمقتل.
لذلك؛ تعمل إسرائيل على منع الوجود الايراني في سوريا، وتحاول أيضًا وقف تقدمها النووي. الانفجار الغامض في نتنز في (يونيو 2020)، واغتيال العالم النووي الكبير محسن فخري زادة في (نوفمبر 2020) هما آخر الدلائل على ذلك.

إذا وافقت إيران على الدخول في مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، فسيكون ذلك بهدف تحقيق إنجازات مثل رفع العقوبات الاقتصادية والحماية من الإجراءات العسكرية ضدها، فضلاً عن كسب الوقت لمزيد من التقدم في مشروعها النووي. 

من الصعب الافتراض أن طهران ستوافق على المزيد من القيود عليها. 
علاوة على ذلك، فستجرى انتخابات رئاسية في إيران في يونيو حزيران المقبل، وجميع المرشحين من التيار المتطرف، الذين يعارضون التنازلات.

 وتجدر الإشارة إلى أن الأسلحة النووية يُنظر إليها على أنها شهادة تأمين لبقاء النظام ووسيلة أساسية لتحقيق الهيمنة الإقليمية. وبالتالي يصعب تخيل وضع تتخلى فيه إيران عن الخيار النووي ما لم تُفرض عليها مثل هذه الخطوة.

والنتيجة الحتمية لتحقيق طموحاتها النووية هي سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط تشارك فيه تركيا ومصر والسعودية وربما الإمارات العربية المتحدة. 

هذا السيناريو هو كابوس استراتيجي لإسرائيل.

 إن وجود الأسلحة النووية في أيدي دولتين لا يضمن الردع المتبادل.

 إن الحفاظ على توازن الرعب مع دولة واحدة عملية معقدة تقنيًا وسياسيًا، ويصاحبها حالة من عدم اليقين. 

ليس من المؤكد تمامًا أنه يمكن بناء الردع النووي حتى ضد دولة واحدة، وكذلك ضد العديد من الدول. 

من المرجح أن توافق إسرائيل على أن تفاوض إدارة بايدن على اتفاق نووي جديد، لتجنب الخلاف مع الإدارة الأمريكية وفي محاولة لإقناعها بتحقيق الحد الأدنى من الشروط لاتفاق أفضل من جهتها. 

لكن لن نرى في المستقبل القريب اتفاقية يمكن لإسرائيل التعايش معها بأمان؛ لذلك يجب أن تحافظ على إمكانية استخدام القوة العسكرية لمنع القدرة النووية من إيران.

ومن الجيد في هذا السياق ما قام به رئيس الأركان أفيف كوخافي، حيث سعى إلى تجديد الخطط بشأن هذه القضية. 

إن التهديد العسكري الحقيقي ضروري أيضًا لتحفيز الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تخشى مواجهة عسكرية في الشرق الأوسط على اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران. 

التهديد العسكري ضروري أيضًا للحفاظ على التحالف الإقليمي ضد طهران في مواجهة إحجام أمريكا عن المواجهة العسكرية، خاصة في ظل إدارة بايدن، التي تضم مسؤولين من إدارة أوباما الملتزمون بالدبلوماسية، قد تتعامل دول الخليج فعليًا مع إيران، خاصة إذا قدروا أن إسرائيل غير مستعدة للقيام بعمل عسكري ضد التهديد المشترك.

ليس من المستبعد أن تهاجم إسرائيل عاجلاً وليس آجلاً، من أجل منع إيران من إجراء تحسينات دفاعية حول منشآتها النووية. 

إذا شعرت إسرائيل بالوحدة في المواجهه ضد إيران، وبعد أن يتضح أن العمليات السرية قد وصلت إلى استنفاذ الفائدة منها، فإن اسرائيل ستفكر بجدية في توجيه ضربة استباقية كما حدث في السابق في العراق عام (1981) وسوريا (2007).
لكن هذه المرة قد يكون الثمن أعلى بكثير، ولكن عدم القيام بذلك قد يجبي ثمناً أعلى.

 يبدو أن الوقت قد حان لتنفيذ التهديد، قبل فوات الأوان.




جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023