الكارثة المزدوجة للمبعوث الأمريكي الجديد لإيران

الكارثة المزدوجة للمبعوث الأمريكي الجديد لإيران
مركز بيغين - سادات للبحوث الاستراتيجية
بقلم المقدم (احتياط) الدكتور مردخاي كيدار، 4 فبراير 2021
ترجمة حضارات

عينت إدارة بايدن روبرت مالي مبعوثًا خاصًا للشؤون الإيرانية، هذا التعيين يضع مالي في موقع رئيسي له تأثير كبير على الشرق الأوسط بأكمله، حيث أن القضية الإيرانية مرتبطة أيضًا بالمملكة العربية السعودية و"إسرائيل"، وبشكل غير مباشر، بالقضية الفلسطينية، كما أنه يرتبط باتجاه التراجع عن كل ما فعله الرئيس السابق، دونالد ترامب، في الشرق الأوسط، حتى لو كان تطورًا جيدًا وإيجابيًا.

فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية، من المتوقع أن يدفع مالي الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات في أقرب وقت ممكن، وتحرير الإيرانيين من أي التزام آخر، سواء على الصواريخ بعيدة المدى أو التورط الإيراني المميت في دول أخرى.
اتجاه مالي سيكون إعادة القوة العسكرية والسياسية لطهران، التي كانت عليها أيام الرئيس أوباما، رغم الكوارث التي ستجلبها هذه القوة على مواطني إيران ومحيطها.

فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، من المتوقع أن يقود مالي - وإن من المقعد الخلفي - عملية تنتهي بدولة فلسطينية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بينما تضغط في الوقت نفسه على "إسرائيل" للتخلي عن الجزء القديم من عاصمتها التاريخية، والانسحاب من الوطن اليهودي وإزالة المستوطنات وطرد المستوطنين.

لكن "إسرائيل" ليست الضحية الوحيدة لهذه السياسة المتوقعة، يعرف أي شخص لديه القليل من المعرفة بالتاريخ الإيراني أن هذه الدولة كانت تحت حكم الشاه حتى أواخر عام 1978، ومنذ بداية عام 1979 كانت تحت حكم آية الله.
كان حكم الشاه ديكتاتورية قومية أغضبت الدوائر الليبرالية الأمريكية، ونتيجة لذلك قرر الرئيس جيمي كارتر وقف دعمه للنظام عندما اندلعت مظاهرات حاشدة ضده في عام 1978.

ما دفع كارترإلى الاهتمام بحقوق الإنسان للمواطنين الإيرانيين، ونتيجة لتزايد التظاهرات وانعدام الدعم الأمريكي، ترك الشاه إيرانوانهار نظامه، على أنقاضها نشأت الجمهورية الإسلامية بقيادة آية الله الخميني، الذي سرعان ما وجد أنه نظام ديكتاتوري أسوأ بكثير من نموذج الشاه الحاكم.

للقمع في إيران بُعدان رئيسيان: فردي وجماعي

من الناحية الشخصية، يعرف كل مواطن إيراني ما سيحدث له إذا تظاهر ضد الحكومة أو كتب منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي لا تحبه الحكومة، في أحسن الأحوال سيتم اعتقاله وتعذيبه، وفي أسوأ الأحوال سيتم إعدامه يتم اغتصاب النساء اللواتي يقبض عليهن أفراد الأمن؛ لمشاركتهن في مظاهرات مناهضة للحكومة في السجون.

ينبع الاضطهاد الجماعي من حقيقة أن إيران تتكون من العديد من المجموعات العرقية: الفرس، وهم المجموعة المهيمنة ذات الامتياز، يشكلون حوالي نصف السكان، بينما النصف الآخر يتكون من البلوش والأكراد والأذريين والعرب، الأتراك، بحر قزوين، قشقاص، لوريم، بتيار، هذه المجموعات مجبرة على العيش في ظل الحكم الفارسي القهري، وأي محاولة لتقرير المصير أو تطوير الثقافة أو التراث أو اللغة المحلية يتم قمعها بشدة.

وهنا تأتي العبثية: الدعم الأمريكي لحكم آية الله هو في الأساس دعم لنظام قمع لا يعترف بحقوق الإنسان في البعد الفردي، ولا بالحقوق القومية العرقية على مستوى المجموعة، هذا الدعم مخالف تمامًا للقيم التي تكمن وراء الوجود الأمريكي ويتعارض بالتأكيد مع الأجندة المعلنة للحزب الديمقراطي.

في القضية الفلسطينية أيضًا، تدعم حكومة بايدن الجانب الخطأ من الخريطة. وبحسب التقارير، تعتزم الإدارة إعادة الدعم للسلطة الفلسطينية بهدف أن تصبح دولة، على الرغم من أن هذه الدولة الفلسطينية ستنضم بيقين مطلق إلى قائمة الدول الفاشلة في الشرق الأوسط باعتبارها كيانًا غير متجانس وغير شرعي في نظر سكانها، هذا النقص في الشرعية يعود إلى ثلاثة أسباب:

  1. منظمة التحرير الفلسطينية منظمة فاسدة أسست السلطة على صورتها: محمود عباس هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية.
    المؤسسة والسلطة مبنية على "الأقارب والمعاونين" الذين يستغلون ملذات الحكومة لمصلحتهم الخاصة، ويمكن لجميع السكان الآخرين الذهاب إلى الجحيم.
    في عام كورونا، اتسعت الفجوة بين الحكومة والسكان إلى مستويات لم نعرفها من قبل، لدرجة الاشتباكات المسلحة بين الحكومة ومعارضيها.
  2. يدرك سكان السلطة الفلسطينية جيدًا أن الانتخابات الديمقراطية التي يخطط لها عباس في عام 2021 يمكن أن تأتي بحماس إلى السلطة، كما حدث في الانتخابات الأخيرة للمجلس التشريعي في عام 2006، وسيؤدي نظام حماس إلى تدهور الوضع في الضفة الغربية كما هو في قطاع غزة لأكثر من 13 عامًا، حيث لا يرغب اي شخص بان يكون هذا الامر في الضفة الغربية.
  3. يتعارض حكم السلطة الفلسطينية مع الولاء الطبيعي للعشيرة في الضفة الغربية. في العالم العربي، تعتبر العشيرة أساس البنية الاجتماعية، وبالتالي فإن الدول المتجانسة القائمة على "الحكم القبلي" - مثل الإمارات الخليجية - شرعية في نظر مواطنيها، وبالتالي فهي سلمية اجتماعيًا ومستقرة سياسيًا ومزدهرة اقتصاديًا.
    في المقابل، فإن البلدان غير المتجانسة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان ليست شرعية في نظر مواطنيها، وبالتالي فهي مضطربة اجتماعياً وهشة سياسياً وفاشلة اقتصادياً، ستكون الدولة الفلسطينية نسخة أخرى من النموذج الفاشل وبالتالي لا يريدها السكان.
    لكن إدارة بايدن غير مهتمة إطلاقاً بما يريده الشخص في الشارع، لأن إدارته مرتبطة بمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وبالتالي يدعمون كياناً فاسداً رغم أنه يعاني من انعدام الشرعية.
    إن مستقبل الدولة الفلسطينية هو فشل سيؤذي "إسرائيل" بشكل دائم، ستحتاج دولة فلسطينية كهذه بانتظام إلى عدو خارجي مبتكر من أجل توحيد جميع شرائح السكان تحت المظلة غير الشرعية لنظام فاسد وغير شعبي، وبالتالي فإن فرص السلام بين هذه الدولة و"إسرائيل" معدومة.

    لسوء الحظ، من المرجح أن تدعم إدارة بايدن إنشاء مثل هذه الدولة الفاشلة في تناقض صارخ مع المبادئ الديمقراطية للولايات المتحدة وتطلعها المعلن لتحقيق السلام بين "إسرائيل" وجيرانها.
    إن الاتجاه الواضح لسياسة الإدارة تجاه إيرانوالدولة الفلسطينية و "معاهدات إبراهيم" يتناقض وينتهك المبادئ الديمقراطية الأساسية: حقوق الإنسان، والحقوق الجماعية، وشرعية الحكومة، والسعي إلى السلام.

    السؤال الذي يواجه "إسرائيل" هو ما إذا كانت ستعمل بمثابة حارس البوابة لفضح إخفاقات سياساتها وتناقضاتها للإدارة الأمريكية الجديدة، أو الاستسلام للحقيقة النهائية وقبول النظرة العالمية لمالي وبقية طاقم البيت الأبيض والطاقم السياسي القادم.
    الجواب على هذا السؤال سيأتي في الانتخابات القادمة في "إسرائيل".


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023