مركز القدس للشؤون العامة والدولة
يوني بن مناحيم
09 فبراير 2021
ترجمة حضارات
في البداية يجب التأكيد على أنه لم يتم اتخاذ أي قرار في "إسرائيل" لمهاجمة وضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ حيث أن هذا الامر بحاجة إلى قرار سياسي يتم اتخاذه في الكابينيت الأمني وله تداعيات إقليمية ودولية بعيدة المدى، ومع ذلك، فإن "إسرائيل" قلقة للغاية من احتمال تركها بمفردها في مواجهة التهديد النووي الإيراني بينما تسرع إيران نحو قنبلتها الأولى؛ لذلك أوعز رئيس الوزراء نتنياهو للمؤسسة الدفاعية بتجهيز الخيار العسكري وتحديثها؛ لأن "إسرائيل" أعدته في السابق، بل وخصصت ميزانية قدرها 11 مليار شيكل، لكنها في النهاية لم تتحقق.
تنبع الحاجة إلى تحديث الخطط الهجومية للجيش الإسرائيلي في إيران وإعداد الميزانية اللازمة لها من تغيير الإدارة الأمريكية وقرار قيادة آية الله بخرق صارخ للاتفاق النووي والاندفاع نحو القنبلة النووية من خلال عملية متسارعة لتخصيب اليورانيوم.
تبنت إدارة ترامب الموقف الإسرائيلي من الاتفاق النووي مع إيران، حتى أن الرئيس ترامب انسحب منه.
كان الرئيس الأمريكي الأكثر ودا "لإسرائيل" منذ إنشائها على استعداد لاستخدام الخيار العسكري لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
ومع ذلك، تغيرت الظروف، وتنفي الإدارة الجديدة الخيار العسكري وترى أن التوصل إلى اتفاق نووي معزز مع إيران هو أفضل طريقة لوقف الاندفاع الإيراني نحو قنبلة نووية.
إيران ستعود إلى سوريا..
الإشارات الآتية من إيران مقلقة للغاية وتشير إلى تقوية التيار المحافظ، خاصة بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني والعالم النووي محسن فخري زاده قبل الانتخابات الرئاسية الصيفية.
ويبدو أن "الحرس الثوري" الإيراني سيخوض في الانتخابات نيابة عنهم مرشحًا يحظى بدعم المرشد الأعلى خامنئي.
مع اقتراب الانتخابات، من المتوقع أن تظهر القيادة الإيرانية موقفًا متشددًا في المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي، فإيران لا تريد حقًا الاتفاق النووي، فهي تريد الإزالة الفورية للعقوبات الشديدة التي فرضها عليها الرئيس ترامب.
الأمر الذي يمكنها إعادة بيع النفط واستخدام النظام المصرفي العالمي.
سيخصص المبلغ الكبير الذي سيتدفق إلى حساباته المصرفية لإعادة تأهيل الاقتصاد وتعزيز مشروع الصواريخ الباليستية وتعزيز قوة ميليشياته في العراق وسوريا ولبنان واليمن وقطاع غزة.
وبذلك ستستمر إيران في زرع الصراعات في الشرق الأوسط لزيادة نفوذها الإقليمي، وتصريحات إدارة بايدن تشجعها على الاستمرار في هذا المسار، والإدارة الجديدة مستعدة للتنازل عن أدوات الضغط التي استخدمها الرئيس ترامب، والإيرانيون يهاجمون إدارة بايدن ويتبعون سياسات عدوانية حثى يتم رفع العقوبات.
الخيار العسكري..
تنتهج إيران سياسة متطورة وتحاول تفكيك التحالف المعادي لإيران بين "إسرائيل" ودول الخليج الذي أسسته إدارة ترامب.
في الأسبوع الماضي، أعلنت إيران أنها مستعدة للتفاوض مع السعودية، زعيمة الخليج، وأنها تريد التوصل إلى اتفاقيات مع دول الخليج تسمح بـ "حسن الجوار".
انضمت قطر إلى هذا الطرح، وبعد تلقيها الطلب والمصالحة بمساعدة إدارة ترامب مع "الرباعية العربية"، أصبحت فجأة "وسيطًا" إقليميًا وعرضت خدمات الوساطة بين إيران ودول الخليج وبين إيران والولايات المتحدة.
تخشى السعودية نفسها مواجهة مع حكومة بايدن، ويخشى ولي العهد السعودي من رغبة الرئيس بايدن في الإطاحة به بسبب قضية اغتيال الصحفي خاشقجي وانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة والحرب ضد الحوثيين في اليمن.
تحاول إيران إغراء دول الخليج للدخول في حوار معها لإضعاف اتفاقيات التطبيع بينها وبين "إسرائيل".
هذه التطورات ليست في صالح "إسرائيل"، والتقدير في "إسرائيل" هو أن المفاوضات بين إدارة بايدن وإيران بشأن الاتفاق النووي ستكون طويلة وستستغرق عدة أشهر تقترب خلالها إيران أكثر فأكثر من تحقيق القنبلة النووية.
كما أن هناك سيناريو بعدم التوصل إلى اتفاق في النهاية، لذلك يجب أن تكون "إسرائيل" مستعدة عسكريًا للعمل ضد المنشآت النووية في إيران لمنعها من الوصول إلى القنبلة.
سبق أن هاجمت "إسرائيل" ودمرت المفاعل النووي في العراق والمفاعل النووي في سوريا، ولكن الوضع مختلف هذه المرة، إيران تخصب اليورانيوم في منشآت سرية تحت الأرض، ولا تمتلك "إسرائيل" القنابل التي تخترق هذا العمق، ويهدد الإيرانيون أن محاولة تدمير منشآتهم النووية سيهاجمها عناصر إيرانيون بعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف من جميع الجبهات، شمالا وجنوبا.
ويقول مسؤولون أمنيون كبار إن أي خطوة هجومية تتطلب تنسيقًا سياسيًا وأمنيًا مع الإدارة الأمريكية.
لقد أعلن الإيرانيون بالفعل أنهم بمجرد مهاجمتهم سيضربون بالصواريخ جميع القواعد الأمريكية في الخليج والعراق.
قد تؤدي مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إلى حرب إقليمية تنجذب إليها القوى العظمى أيضًا.
ومع ذلك، فإن الحصول على قنبلة نووية إيرانية هو "خط أحمر" لدى إسرائيل، ويشكل تهديدًا وجوديًا لها من دولة تهدد بتدميرها عاجلاً أم آجلاً، لذلك فإن المستوى السياسي في "إسرائيل" يستعد لأسوأ سيناريو والولايات المتحدة لن تقف إلى جانبها وستضطر "إسرائيل" إلى التصرف بمفردها لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.
يزعم الإيرانيون أن تصريحات رئيس الأركان كوخافي بخصوص الخيار العسكري هي جزء من الحرب النفسية التي تشنها "إسرائيل" ضد إيران، لكنهم قد يتفاجؤون بأن "إسرائيل" لن تساوم على أمنها ولن تمد عنقها للذبح.
