هآرتس-مقال التحرير
ترجمة حضارات
تظهر حكومة بنيامين نتنياهو نزعة ثابتة وخطيرة للتصرف في الظلام، خلف ظهور الجمهور وفي الوقت نفسه تعتيم وسائل الإعلام.
أعلنت وزارة حماية البيئة أمس، أن محكمة الصلح في حيفا أصدرت أمراً تقييدياً بشأن التحقيق في تلوث الشواطئ بالقطران.
ووافقت المحكمة على طلب الوزارة، وحظرت نشر أي تفاصيل؛ للتحقيق قد تؤدي إلى تحديد السفينة المشتبه بتلوثها.
وكالعادة في مثل هذه الحالات، يجب إقناع الجمهور بأن الدولة تتستر عليها لصالحها؛ حيث أقنعت الوزارة المحكمة بأن "النشر في هذه المرحلة الحساسة يمكن أن يقوض تحقيق معقد ذي جوانب دولية".
إن محاولة الحكومة إخفاء تفاصيل التحقيق في كارثة بيئية عن الجمهور، وفرض السرية على هوية مرتكب الهجوم البيئي، تكاد تكون خطيرة مثل فعل التلوث نفسه.
إن حكومة "إسرائيل" هي الموقعة على طلب إخفاء المعلومات، وهي بذلك تتصرف بشكل صارخ ضد المصلحة الواضحة لمواطنيها، وضد واجبها في الكشف عن هوية الجناة كافة.
الجمهور هو ضحية الجريمة، وله حق ليس فقط في معرفة التحقيق ولكن في معرفة سبب اعتقاد الدولة أنه ليس لها الحق الأساسي في معرفة من هو الجاني الذي أساء إليه.
أبعد من ذلك، هذه ليست الحالة الوحيدة والتي يمكن الاقتناع بأن ظروفها الخاصة تستدعي الإخفاء عن الجمهور.
تأتي الرقابة على التحقيق في كارثة القطران بعد أيام قليلة من موافقة المحكمة على طلب آخر، هذه المرة من قبل الشرطة؛ لإصدار أمر بعدم نشر تحقيق آخر، وهو الأمر الذي وقع حول الحادث الذي عبرت فيه مواطنة إسرائيلية الحدود إلى سوريا.
لم تقتصر السرية على التحقيق نفسه. كما تم الحفاظ على سرية أجزاء من مواصفات صفقة تبادل الأسرى التي أعيدت بموجبها الشابة إلى "إسرائيل" بأمر من الرقابة العسكرية.
لا ينتهي الأمر فقط بالأوامر والرقابة العسكرية.
في العام الماضي، بذلت حكومة نتنياهو قصارى جهدها لإخفاء أنشطتها عن أعين الجمهور، وتصر على إخفاء جميع محاضر كورونا في اجتماعات الحكومة واللجان لمدة 30 عاما، وكأنها حادثة أمنية وليس وباءً عالميًا.
على الرغم من الاختلافات بين الحالات، فإن رائحة الإخفاء شائعة. وتتراوح الأعذار من سياسية وأمنية إلى صحية واقتصادية، فالأمر الأساسي هو إخراج الإعلام والجمهور من الصورة، والعمل بدون شفافية ودون عوائق.
لقد وجدت الحكومة والشرطة طريقة فعالة وسهلة لتجنب الانتقادات العامة من خلال إسكات النقاش العام، لكن ثقافة الحظر والرقابة الإعلانية يجب أن تنتهي، وإذا رفضت الحكومة أن تكون مسؤولة أمام مواطنيها، فإن المحاكم هي التي يجب ألا تتعاون مع هذه السياسة، وبدلاً من ذلك تكون بمثابة ختم مطاطي، ترفض فرض أوامر تقييدية تضر بالمصلحة العامة.