كورونا خلف القضبان

بقلم الأسير: رائد غيث


تجربتي مع الكورونا تحكي حكايات من كانوا حولي، فما أصابني بفضل الله لن يضرني، وإنما أصاب النفس، عشت بهذه التجربة الشعور بالغربة والعجز رأيت من فقد وعيه ومن لازمه الألم ليل نهار ومن كان بحاجةً لساعتين حتى يتمكن من الوصول لقضاء حاجته ولا يعود للنوم لتجنب تصلب الجسد ومعاودة الكره مع المعاناة، وأخٌ نقلت رئتيه وأصبحت على عربة، وجميع هذه المشاهد ومثلها وأصعب منها مر بها العالم ويمر، لكن ما يقهر كان هو الإهمال الطبي من ناحية والعجز عن المساعدة من ناحية أخرى للحد الأدنى.

 قسم العزل في قسم رقم 8، كان عبارة عن أمم متحدة مسلمين ويهود وحتى مسيحي من أرتيريا، وعن تجمع وطني حماس والجهاد الإسلامي وفتح والجبهة الشعبية، جمعتنا الكورونا في خير صورة للتعاون والتضامن في المحنة، الكورونا أخرجتني كما أخواني من روتين الحياة بشكل حادّ، قلبت كياننا رأساً على عقب، لم يعد فرداً ولا شيئًا على حاله، تبادلنا الغرف والأسرة أو(الابراش) والاحتكاك بالإدارة قلّ جداً، حتى الطعام ناله التغير، عشت المجهول الذي قادني للتفكير بأسوأ السيناريوهات راجعت حساباتي، وتغيرت بحد ما أولويات التفكير والسلوك، الكورونا أخرجتني من التفكير والعيش النمطي، وقادتني أو ذكرتني بواقعي كم هو قاسٍ، الحياة وروتينها والجسد بعد الكورونا ليسوا هم من كانوا قبلها.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023