عمر البرغوثي :الانتخابات وحيرة صانع القرار في دولة الاحتـ ـلال

عمار حماد

كاتب وروائي فلسطيني

عمر البرغوثي: الانتخابات وحيرة صانع القرار في دولة الاحتلال
بقلم عمار حماد

لم يتوقع ضابط الشاباك وهو يهدد عمر البرغوثي أبوعاصف قبل رحيله بأسابيع من عواقب ترشحه لانتخابات التشريعية، أن تتحطم خططه لحدث متجاوز لكل السيناريوهات التي يمكن أن يتخيلها طاقم الشاباك و(المقدر القومي) في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وهم يرسمون استراتيجيتهم الهجومية لإحباط تكرار فوز حركة حماس في إنتخابات عام 2006، فقد أعلن أبو عاصف عن إطلاق الحملة الانتخابية حتى قبل أن تقدم القائمة التي يتصدر طبيعتها للجنة الأنتخابات المركزية، ولم يكن بمقدورهم أن يحولوا بينه وبين الجماهير عبر خطفه واقتلاعه في الأسر أسوةً بعشرات الكوادر الفاعلة على أرض الضفة الغربية بعد أن شيعت الحشود الغفيرة، ستة عشر عاماً من جهود الاحتلال المتواصلة لإقصاء المقاومة عن المشهد الإجتماعي والسياسي في الضفة المحتلة، ولعل قائد قسم الأبحاث في الإستخبارات العسكرية ( المقدر القومي) يعيد في هذه اللحظات ترتيب تقيمه الدوري الذي يقدمه لصناع السياسة بدولته، بعد أن تحقق لديه طارئان مركزيان سيحددان طبيعية الرد الاسرائيليين حيال حماس والانتخابات، أولهما سقوط نتائج استراتيجية تجفيف منابع الإرهاب وسياسة ( جز العشب) وغيرهما عبر الاعتقالات والاغتيالات والترهيب إلى آخره، لحصول الحرب التي شنت على حركة حماس في الضفة الغربية مع أول إختيار شعبي رهيب في جنازتي القائدين البرغوثي والدكتور عدنان أبوتبانة، حيث يعجز حزب السلطة بالضفة الغربية حتى الآن رغم كل التسهيلات والإمكانات وعدم الملاحقة عن إنتاج مشهد مماثل لافضل حالات تألقه وشعبيته.
ثانياً تهديد القائد يحيى السنوار للقيادة السياسية بدولة الإحتلال من مغبة التدخل في الإنتخابات الفلسطينية الداخلية والرد بالمثل حال إستمرار ذلك، ويمكن التحليل بأن الصاروخ الذي أرغم بنيامين نتنياهو على الانسحاب من مدينة بئر السبع ليلة الأنتخابات الراهنة لم يكن بعيداً عن هذا التهديد وإمكانية تنفيذه يشكل أوسع حتي لو قيل كالعادة بأن مجموعة عسكرية من الفضاء نزلت على أرض غزة وأطلقت الصاروخ! 
هذا الطارئ في استخدام القوة الراشدة في حماية الانتخابات، يضع صانع القرار عند العدو في حيرة بعد أن كان قد هدد السلطة بإيقاف مشاريع مشتركة ما دون (التنسيق الأمني المقدس) حالة تحالف مع حماس في قائمة مشتركة وشنه حملةً مسعورةً من الإعتقالات لعشرات الكوادر والنشطاء في حركة حماس ،ربما سيتوقف عليه ترك مهمة إضعاف حماس أو حتى إلغاء الانتخابات لأطراف أخرى إن اضطر للتسليم بالأمر الواقع وتخفيض وتيرة الحرب المعلنة تحت تهديد المقاومة، فلا يعلم المرء وربما يعلم مدى جدية التهديد الأوروبي لأبو مازن بتخفيض المساعدات السنوية 600 مليون يورو للنصف حال تراجعه عن إجراء الانتخابات وإلي أي درجة سيصمد الرجل أمام اللاعب الإقليمي الفاعل والرافض لإجراء الانتخابات، وكيف سيكون حال حزب السلطة الفلسطيني عشية الانتخابات إن أصرّ ناصر القدوة وتيار محمد دحلان في غزة تحديداً والناقمين من حركة فتح على خوض الانتخابات وخاصة بعد أن قررت حركة فتح حزب السلطة عدم خوض الانتخابات بقائمة مشتركة مع حركة حماس مفوتةً بذلك فرصةً تجاوز الإحراج الذي سينتج عن تشتيت أصوات الفتحاويين إن حدث ما تغشاه كما جرى لها في إنتخابات الدوائر عام 2006 وغيرها من العوامل التي ( لا نرجو أن تكون سبباً في مساعدة العدو للخروج من أزمته مع خوض المقاومة للانتخابات ولا أدل على حيرته في هذه وأخذه تهديد المقاومة على محمل الجد ما فعله في الأيام الأخيرة مع مسؤولين بارزين من حركة حماس في الضفة المحتلة درج على إعتقالهم المتكرر لدى ادعائهم بالقوة حيث ألمح لهما على إمكانية عدم إعتقالهما إن قررا الترشح للأنتخابات لكنه في ذات الوقت تعهد بتحطيمهما إن سعيا إلى إعادة تشكيل التنظيمي في الضفة الغربية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023