حقيقة الصورة: أسرى و محررون

عمار حماد

كاتب وروائي فلسطيني

حقيقة الصورة: أسرى و محررون 
بقلم عمار حماد 


أحيانا عندما ينشغل الناس بأحداثهم المتلاحقة، وقضاياهم الساخنة نصبح نحن الأسرى بإرادتنا الكاملة جزءًا حيوياً، وإلى حد كبير فاعلاً مع قضاياه سواءً من الناحية الشعورية أو العملية في بعض الأحيان كالانتخابات التشريعية المزمع إجرائها أو حتى أصغر من ذلك؛ لذا نتماهى طوعاً مع أي جهد يخدم قضية شعبنا ومقاومته وفي غمرة ذلك يحدث أن يتوقف أحدنا مع نفسه كالذي تخرج عيناه من جسده فتنظر إليه وإلى المشهد من بعيد، هذا ما حدث معي ظهر اليوم وأنا أسير بجانب أخي وصديقي عبد الناصر الذي يعيش تفاصيل الحدث السياسي خارج الأسر بكل أعصابه وجوارحه فتركته يمشي معي على الحقيقة، واعتليت أسوار الساحة أنظر إلينا باستغراب متسائلاً: بحق الله لماذا لا زال المشهد يعود على نفسه معكما منذ أكثر من 25عاماً، تختلط دموعكما مع دموع يحيى السـ ـنوار وروحي مشتهى عام 2000م، و أسرى سجن الخيام يحطمون الأقفال وينطلقون إلى الحرية، ثم تشتبك وجهات النظر فى انتفاضة الأقصى وصالح العاروري يتفق معكما أن حالة المواجهة المباشرة في مخيم جنين ليست للتعميم إنما نموذج لا بد أن يضرب، و يعجبكما رأي محمود مرداوي في عسقلان الرافض لدخول الثوار الشيشان إلى داغستان المجاورة؛  لأن في ذلك ستكون نهايتهم، وقد حدث.
لكن ذروة النقاش في الزاوية القصية في ساحة هدريم عشية انتخاب التشريعي عام 2006 كانت اللوحة التي ظهر فيها أمامكما موسى دودين برفضه الدخول بكامل الثقل الإنتخابي بالتشريعي حتى لا يخيف الخصوم السياسين. 

غير أن صورتكم: عبدالناصر عيسى وعلي العامودي وجهاد يغمور وعبد الخالق النتشة و روحي مشتهي وموسى دودين مازالت في رأس صاحبك وهو يشهد صناعتكم لوثيقة الأسرى مع رفاق القيد والزنزانة مروان البرغوثي وملوح والسعدي، وما أكثر الضحكات التي كانت تضج بها جنبات الساحة وزاهر جبارين يتوسطكما متأبطاً ذراعيكما يروي حكاية الأخوة، وتوفيق أبو نعيم يضحك على بخته، فلماذا بحق الله لا زلتما في هذا المكان تعيدان المشهد لوحدكما، وقد غادرتكما أجزاء الصورة الأخرى نزلت إلى جسدي مرة أخرى لأجد عبد الناصر صامتاً بعد أن انضمت إلينا زوايا منسية من الصورة نسمّيها: أيمن سدر ورائد أبو حمدية ومحمود عيسى وانعكاسات كثيرة لا حصر لها.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023