نائل البرغوثي والرهان الرابح

عمار حماد

كاتب وروائي فلسطيني

نائل البرغوثي والرهان الرابح 
بقلم عمار حماد 

في إحدى الحواريات التي يجريها الاستاذ علاء الريماوي مع الكتل المتنافسة على مقاعد المجلس التشريعي في برنامجه فلسطين تنتخب، استوقفني اعتراض أحد الضيوف على مبدأ ترشيح أسرى مؤبدات في القوائم المشاركة بدعوى استحالة ممارسة دورهم في الرقابة على السلطة التنفيذية وسن القوانين وخدمات ناخبيهم، وأن هذه الخطوة تتجاوز الرمزية إلى توظيف قضية الأسرى لجلب مزيد من الأصوات، والحقيقة لست بصدد الرد على الضيف الكريم ومن يرى رأيه وتحديداً بعد إقرار العمل بالقانون النرويجي ونظام الإنابة .
وحقيقةً أن معظم مرشحي قائمة القدس موعدنا تحديداً على موعد مع الإعتقال إسوةً بزملائهم النواب السابقين في قائمة التغير والإصلاح الذين كانوا ضيوفاً دائمين لدينا في الأسر، وأن مشاركة المناضلين غير المتقاعدين جزء من المعركة مع المحتل وأنّ من حرر الأسرى يمتلك المزيد يحق له أن يضرب بسيفهم وأن يستثمر الإنجاز بهم، ولكن ما دفعني لأن أكون بطاقة التعريف بشيخ النواب وعميدهم نائل البرغوثي أبو النور الذي يقضي عامه 42 في الأسر، فقد تقف المعلومات لدى الكثيرين عند هذه الحقيقة فقط فلا تتجاوزها فعلى الرغم من كفايتها في الوضع الطبيعي لدى من يحترم نفسه ويمر على تمثال نلسون مانديلا في رام الله فلا يجد تمثال نائل بجانبه .
قبل أكثر من عقدين في عسقلان احتار أسير سوداني من أسرى الدوريات ونائل البرغوثي يحدثه عن بلده في جنوب السودان موهماً إياه أنّ أصله من هناك رغم شقار بشرته وزرقة عينيه ليكتشف في ما بعد أنه موسوعة في الجغرافيا التاريخ.
قبل نصف عام وقفت على باب زنزانته في هداريم فوجدته غافياً وعلى صدره كتاب وفي أذنه سماعه الراديو وبيده الريموت كنترول، كان ذلك بعد أن انتهى من ممارسة لعبة السلة التي يرفض أن يتركها، وبعد أن كان صباحا يرد علي أسئله بحثه عن تاريخ منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ما بعد الاجتياح بقليل.
نائل البرغوثي سياسي بالفطرة لم يتردد الناس عندما اختاروه في إحدى محاولات تشكيل حكومة وحدة وطنية ليكون وزيراً للأسرى، فقابل الرئيس محمود عباس قبل أن يُعاد اعتقاله مع زملائه من محرري صفقه وفاء الأحرار الأولى يُدرس الإعلام السياسي في الأسر يتقن العبرية ويحفظ الخريطة السياسية للعدو الصهيوني عن ظهر قلب ويعيش تفاصيل الحياة السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للشعب الفلسطيني.
لقد رأيته يبكي مرتين الأولى عندما مرت البوسطة قبالة طولكرم فشاهد سارية العلم الفلسطيني العملاق، أمّا الثانية فعندما قام الأسرى بتحرير أنفسهم عام 2000 من سجن الخيام في جنوب لبنان،عندما يحدثك لا تتمنى أن يتوقف إلا في حالة واحدة عندما يضبط مواقفك متلبسة بجرم الحياد على كامل التراب الفلسطيني وخبز الطابون وعكوب الجليل، ستتفاجئ إن كشف لك أحدٌ هويته الحزبية، و في ذات الوقت لم يتفاجأ أحد في انضمامه لقائمة القدس موعدنا ولعل الذي يغيب عن البعض أن الذي تشرفت قائمته بنائل يعلم أنّ المسافه التي تفصله عن بوابة التشريعي أقرب من مسافة سير ضيف علاء إلى منزله.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023