فتح و معركة القدس

عمار حماد

كاتب وروائي فلسطيني

بقلم عمار حماد 


هل ستقدم مصلحة الحزب على مصلحة الوطن؟
في الوقت الذي كان نتنياهو فيه مشغولا ً بتراشق الاتهامات المتبادلة مع زعيم حزب يامينا نفتالي بينت على خلفية استمرار أزمة اليمين الإسرائيلي في تشكيل حكومة كان محلل الشؤون السياسية في القناه الرسمية يارون ديكل يحذر من الاستمرار بسياسته المتجاهلة لما يحدث في القدس، جاء ذلك بعد أسبوع من التحريض الإعلامي على الشبان العرب في القدس ويافا واعتداءاتهم المزعومة على اليهود؛ حيث انقلب التحريض الى خوف حقيقي بعد تصدي الشبان المقدسيين لمسيرة يهودية دعت لها الحركة المتطرفة "لاهاف" في حي المصرارة، وعدم استسلامهم للوقائع الجديدة التي تسعى شرطة الاحتلال لفرضها في باب العامود عبر وضع الحواجز الحديدية مما أعاد إلى أذهان الإعلاميين فضيحة المؤسسة الرسمية في موضوع البوابات، وذلك وبعد بسالة المقدسيين بدأ التراجع الصهيوني بتحميل رئيس بلدية الاحتلال في القدس المسؤولية على الشرطة التي لم تمنع مسيرة المتطرفين، ثم كانت توصية الجيش للمستوى السياسي بالتهدئة في القدس حتى يهدأ الجنوب (غزة) على إثر تدخل المقاومة في غزة، مما دفع الإعلام لرفع الوتيرة واثبات كذب رئيس جهاز الشرطة الذي نفى وقوع وقائع جديدة في باب العامود، الأمر الذي أدى بالمستوى السياسي بالأخذ بتوصيات جهاز الشاباك بإزالة الحواجز.
وسط هذه المعركة التي ثبت فيها بوضوح الوعي السياسي للشباب الفلسطيني و قدرته الكبيرة للتصدي للعدو ونجاحه في إقناع مقاومته المسلحة أنه جديرٌ في تدخلها، تخرج قيادته الرسمية بموقف مرتبك ومهزوز يخالف روح الانتصار على ارادة المحتل فلا يُبني عليه في تحقيق ما وقعت عليه في القاهرة من وثيقة شرف تجعل من الانتخابات في القدس معركة سياسية يخوضها الكل الفلسطيني.
فهل نعتبر تصريح مركزية فتح بأنه دون اجراء الانتخابات في القدس ترشيحاً وانتخاباً لن يكون هناك انتخابات تلميحاً يقترب الى التصريح بإلغاء الانتخابات، وخاصة بعد أن تواترت التقارير الاعلامية التي تؤكد أن الرئيس عباس سيفعل ذلك تحت ضغط الانقسام الداخلي في فتح والضغوط التي تمارسها أطراف مختلفة منها الاحتلال.
لا أتمنى أن يحدث ذلك في الوقت الذي يصرح فيه أحد أعمدة الأمن في دوله الاحتلال عاموس جلعاد بأنه يعمل لإفشال الانتخابات تسانده في ذلك القوى التي سعت إلى تعميق الانقسام وترك الانطباع بأنّ السلطة القائمة في الضفة الغربية سلطة وظيفية لا غير، فإلغاء الانتخابات يأتي بردود عكسية غير محدودة العواقب على فتح وفي مقدمتها اتضاح هوية الطرف الذي كان يعرقل الانتخابات منذ البداية، و بالتالي التقدم في مسار المصالحة الوطنية وأن الشرعية التاريخية لم تعد ضامناً لثقة الجماهير ودعمها وتحديدا ً بعد أن استعد الشباب المقدسي عملياً ونظرياً للدفاع عن حقه في الانتخاب والترشح بعد أن أثبت للعالم قدرته على انتزاع حقوقه فلن يعذر أحدا حزب السلطة إذا لم يدعم الفرصة التي يتيحها المقدسيون ويترجمها الى معركة سياسية لانتزاع حق الانتخاب والترشح كما دعمت صواريخ غزة معركة باب العمود.
لا شك بأنّ وحدة حركة فتح مصلحة للمشروع الوطني الفلسطيني وعكس ذلك ستكون سيناريوهات لا يحبها الحريصون على وحدة شعبنا واستمرار معركة التحرير و انجاز الاستقلال، غير أنّ مكانة فتح المحورية في الحياة السياسية للشعب الفلسطيني تفرض عليها حسابات فوق حزبية، لطالما نادت بها وعابت ذلك على منافسها ولن تعدم القيادة الوسيلة لرأب صدعها الداخلي والذي يندرج تحت إطار الممكن والمتاح، فليس هو بالجوهري حتى يّقال بانه انشقاق ما حدث في عام 1983 مع خروج فتح الانتفاضة بقيادة أبو موسى إنما خلاف ممكن تسويته داخليا ً، ويجب أن يتم تسويته ولكن ليس بثمن تأجيل الانتخابات كما طالب بعض زملائنا الأسرى.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023