22 أكتوبر 2024, الثلاثاء 10:18 م
بتوقيت القدس المحتلة
المستجدات
ماذا تعني عودة "حل الدولتين"؟

مركز القدس للشؤون العامة

معهد الشؤون المعاصرة

أمب آلان بيكر

 22 أبريل/نيسان 2021

ترجمة حضارات


  • مع ظهور إدارة بايدن الجديدة في الولايات المتحدة، يبدو أن عبارة ""حل الدولتين" قد عادت إلى الواجهة في "إعادة ضبط أولويات سياسات " الإدارة الأمريكية الجديدة فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.2
  • ويتكرر هذا التعبير يوميا من قبل مسؤولي الإدارة وكذلك من قبل القادة والمنظمات الدولية، كما كان خلال فترة أوباما والإدارات السابقة.
  • ومع ذلك، وكما كان الحال في الماضي، فإن هذه العبارة يتم اتخاذها مرة أخرى كشكل من أشكال "التمني" الجماعي والعام، باعتبارها الدواء الشافي الوحيد للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن دون إدراك كامل لتاريخها، وآثارها العملية، وجدوى تنفيذها وسط واقع ذلك النزاع.
  • ويتكرر ذلك على الرغم من أن "حل الدولتين" لم يقبله أبدا أطراف النزاع كحل متفق عليه، على الرغم من أن الوضع الدائم للأراضي، كما هو متفق عليه في اتفاقات أوسلو، لا يزال مسألة تفاوض مفتوحة بين الطرفين. 
  • وعلى هذا النحو، يبدو أن تكرار الدعوة إلى "حل الدولتين" هو محاولة للحكم مسبقا على نتيجة عملية التفاوض تلك.
  • ومن الواضح أن أي مفهوم ل "حل الدولتين" الذي يشمل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل لا يمكن أن ينبع إلا من مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وقيادة فلسطينية موحدة، ولن يكون ذلك نتيجة قرار سياسي حزبي صادر عن الأمم المتحدة أو أي مصدر آخر، أو من دعوات غامضة ومعممة من القادة الدوليين إلى "حل الدولتين" كشكل من أشكال التمني الجماعي.
  • ويجب أن تشمل أي نتيجة من هذا القبيل الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي من قبل الدولة الفلسطينية، بنفس الطريقة التي تعترف بها إسرائيل بدولة فلسطينية كدولة قومية للشعب الفلسطيني.

منذ تنصيب إدارة بايدن في كانون الثاني/يناير 2021، دعا كبار المسؤولين مرارا وتكرارا إلى "حل الدولتين" باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

بعد توليه منصبه مباشرة وفي أول مقابلة له كوزير للخارجية، قال أنتوني بلينكن لـ وولف بليتزر على شبكة سي إن إن في 8 شباط/فبراير 2021، إن الرئيس بايدن يؤيد بقوة حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني حيث قال:

إنها الطريقة الوحيدة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، والطريقة الوحيدة لإعطاء الفلسطينيين دولة يستحقونها.3

بعد ثلاثة أيام، في 11 شباط/فبراير 2021، كرر المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس هذه الرسالة خلال المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الخارجية:

ونعتقد أنه من الأهمية بمكان لإسرائيل والسلطة الفلسطينية الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب تؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض الجهود الرامية إلى دفع حل الدولتين عن طريق التفاوض.4

في 23 فبراير 2021، كرر برايس وعزز الرسالة:

عندما يتعلق الأمر بحل الدولتين، تعتقد إدارة بايدن أن حل الدولتين هو أفضل طريقة لضمان هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية بينما تعيش في سلام جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية ديمقراطية وقابلة للحياة، وهذا هو بالضبط السبب في أن حل الدولتين لا يزال يشكل جوهر الطريقة التي ننظر بها إلى الصراع وأين نؤمن به وكيف نعتقد أنه ينبغي حل الصراع.5

وردا على سؤال إضافي، تابع قائلا:

ومرة أخرى، نؤمن بمركزية فرضية حل الدولتين. لا نريد أن نرى أي من الجانبين يتخذ خطوة من شأنها أن تضع ذلك بعيدا عن متناول اليد.

في 1 مارس/آذار 2021، كرر الشعار:

لقد سمعتم بأشكال مختلفة أن هذه الإدارة تؤيد رؤيتها ورؤية كلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري لحل الدولتين، وأي خطوات تضع حل الدولتين هذا بعيدا عن متناول اليد، عارضناها، وما زلنا نفعل ذلك.

وينصب تركيزنا على تشجيع إسرائيل والفلسطينيين على أن يتجنبوا، كما قلت من قبل، اتخاذ خطوات أحادية الجانب تزيد من حدة التوترات وتجعل من الصعب الحفاظ على جدوى حل الدولتين".6

ووردت إشارات مماثلة في تصريحات صحفية يومية أخرى من قبل كل من المتحدث نيد برايس ونائبته جالينا بورتر في 18 مارس/آذار و23 مارس/آذار و31 مارس/آذار و1 أبريل/نيسان و21 أبريل/نيسان 2021.7


وفي الإحاطة الإعلامية التي عقدت في 1 نيسان/أبريل، ضخم برايس موقف الإدارة، مشددا على ما يلي:

ونحن نعتزم بذل كل ما في وسعنا لتعزيز آفاق حل الدولتين، ونعتزم القيام بذلك مع العلم بأن ذلك يخدم مصالح الولايات المتحدة وقيمها، ولكن الأهم من ذلك، أنه يتسق مع قيم ومصالح الإسرائيليين والفلسطينيين أيضا، وهذا أمر سعت الإدارات المتعاقبة إلى القيام به؛ وهو شيء سنسعى إلى القيام به.

إن ما ندعو إليه وهذا حقا ما يصل إلى جذور وأصل المشكلة هو حل الدولتين.

إن حل الدولتين هو على وجه التحديد ما سيسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش جنبا إلى جنب في كرامة وأمن، وتأمين مصالح الإسرائيليين، ومصالح الفلسطينيين معا، وهذا هو بالضبط السبب في أننا ندعم حل الدولتين هذا، تماما كما فعلت الإدارات السابقة من كلا المسارين السياسيين.


في 8 أبريل/ نيسان، كرر المتحدث نيد برايس مرة أخرى قوله:

هناك إجماع، بالتأكيد، على أن دعم حل الدولتين يتسق مع قيمنا، ويتسق مع مصالحنا، وهذا يدعم الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني،وهذا يتفق مع اهتمامنا بدعم الأمن وتقديم المساعدات الأمنية، الأمر الذي بدوره يؤثر بشكل إيجابي على أمن حليفتنا إسرائيل".8




في 21 أبريل، أضاف برايس تحذيرا:

لقد كنا ثابتين في إدانتنا لأي خطوات تزيد من حدة التوترات وتقوض الجهود الرامية إلى دفع حل الدولتين عن طريق التفاوض، ويشمل ذلك النشاط الاستيطاني والعنف. ومرة أخرى، يبقى حل الدولتين في صميم نهجنا تجاه هذه القضية، وأي شيء يعيد ذلك إلى الوراء هو شيء سنعارضه باستمرار.9

ويعكس هذا الموقف من قبل إدارة بايدن آراء مماثلة أعرب عنها مسؤولون في إدارة أوباما قبل عام 2016،

على سبيل المثال، في تفسيرها لتصويت الولايات المتحدة على الامتناع عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في 23 كانون الأول/ديسمبر 2016، الذي يدين النشاط الاستيطاني الإسرائيلي،10 أشارت الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور إلى "حل الدولتين" اثنتي عشرة مرة.11

سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور تصوت على قرار مجلس الأمن رقم 2334، 23 كانون الأول/ديسمبر 2016.


وبالمثل، دعا وزير خارجية أوباما جون كيري في خطابه حول نزاع الشرق الأوسط في 28 كانون الأول/ديسمبر 2016 إلى "حل الدولتين" ما لا يقل عن 24 مرة!

وفي وثائق دولية رسمية أخرى صادرة عن هيئات دولية ومصادر أخرى، تمت الدعوة إلى "حل الدولتين" خمس عشرة مرة في بيان 1 يوليو/تموز 2016 الصادر عن الأعضاء الرئيسيين في اللجنة الرباعية للشرق الأوسط (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)،12 وتسع مرات في 15 يناير 2017خلال الإعلان الختامي المشترك لمؤتمر باريس للسلام.13



آراء اللوبي "المؤيد للسلام"، في شارعJ:

في المؤتمر الافتراضي السنوي "J-Street" في 18-19 أبريل 2021، كان "حل الدولتين" شائعا في الأولويات المعلنة للمشاركين.14

حيث أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بدعوة من جي ستريت كمتحدث رئيسي في مؤتمرهم، على إيمان السلطة الفلسطينية بـ حل الدولتين القائم على حدود ما قبل يونيو 1967 على أساس القانون الدولي وعاصمتها القدس الشرقية. وقد أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت عن إيمانه الراسخ بأهمية حل الدولتين للصراع، وأعربت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر عن دعوات مماثلة تدعم حل الدولتين.

ترديد مصطلح حل الدولتين في التصريحات

ويبدو أن مصطلح "حل الدولتين" هو شكل من أشكال "اللغة المشتركة" داخل المجتمع الدولي، وخاصة داخل الإدارة الأمريكية الجديدة - وهو الدواء السحري لجميع مشاكل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والمشاكل الأوسع نطاقا في الشرق الأوسط.

ولا يمر يوم دون أن يذكرها بعض السياسيين البارزين أو المجلات أو الهيئة الدولية باعتبارها "الكلمة الطنانة" للنتيجة النهائية، في حين يتهمون إسرائيل وإسرائيل فقط في كثير من الحالات ب "تقويض حل الدولتين".

والواقع أن "حل الدولتين" تعتبره جميع الجهات الفاعلة الدولية الرئيسية المرتبطة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم يلبي، في نظرهم، الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية والتطلعات الفلسطينية إلى إقامة دولة وسيادة.

ومع ذلك، يبقى السؤال عما إذا كان هؤلاء المسؤولون السذج والمطلقون للأحكام والجهات الفاعلة الدولية، يفهمون تماما مصطلحات النزاع وآثاره ونتائجه من خلال الدعوة إلى "حل الدولتين"، في ضوء تاريخ وواقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟


"حل الدولتين" ليس له أساس رسمي وملزم في الوثائق الدولية

كان تطور رؤية "الدولتين" يتوقف منذ البداية على الحقائق المتأصلة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وعلى أساس فرضية أن الدولة الفلسطينية لن تنبع إلا من المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وتضمنت هذه الفرضية اشتراط تجريدها من السلاح ومحدوديتها في قدراتها العسكرية والأمنية وغيرها من الامتيازات السيادية.

وبالمثل، فإن الحدود بينها وبين إسرائيل ستكون نتيجة للمفاوضات الثنائية بينهما وليس لخطوط تعيين حدود الهدنة قبل عام 1967 التي لم يقصد بها بوضوح أن تكون حدودا دولية.

وهذا ما تؤكده الوثائق الدولية التالية:


  • إن الوثائق الرسمية لعملية السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 (1967) و338 (1973)، وكذلك اتفاقية أوسلو والوثائق ذات الصلة التي وقعتها إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية (1993-1999)، لا تشير إلى حل الدولتين وتترك على وجه التحديد مسألة الوضع النهائي الدائم للأراضي التي سيتم التفاوض بشأنها بينهما.
  • وعلى نفس المنوال، تعهد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عرفات للفلسطينيين، في رسالته إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 1993، بأن "جميع القضايا المعلقة المتعلقة بالوضع الدائم ستحل عن طريق التفاوض".
  • وأشارت رؤية رئيس الوزراء إسحاق رابين للوضع الدائم كما ذكر في خطابه الأخير أمام الكنيست في أكتوبر 1995 قبل اغتياله الى إقامة" كيان فلسطيني سيكون موطنا لمعظم السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية"، وأضاف أن الكيان سيكون "شبه دولة وسيدير حياة الفلسطينيين الخاضعين لسلطتها بشكل مستقل".
  • وأشارت معايير كلينتون (2000) في إشارتها حول" حل الدولتين" إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح ذات سيادة محدودة باعتبارها "وطن الشعب الفلسطيني" مع دولة إسرائيل باعتبارها "وطن الشعب اليهودي".
  • أكد مجلس الامن الدولي مجددا في ديباجة قراره رقم 1397 (2002) ضرورة إقامة الحدود الامنة والمعترف بها والمنصوص عليها في قراره السابق رقم 242 (1967)

وفي إشارة إلى "رؤيتها لمنطقة تعيش فيها دولتان، إسرائيل وفلسطين، جنبا إلى جنب داخل حدود آمنة ومعترف بها"، اعتبرت أن الحدود تحتاج إلى التفاوض، ولا يمكن اعتبار خطوط عام 1967 حدودا دولية.

  • كما أكد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في رؤيته لعام 2002 على دولتين تعيشان جنب إلى جنب في سلام وأمان، كما شدد على ضرورة محاربة الدولة الفلسطينية للإرهاب وتشكيل قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة.
  • وأشارت خريطة الطريق القائمة على الأداء لعام 2003 التي وضعتها الولايات المتحدة إلى حل دائم للدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وقابلة للحياة تعيش جنبا الى جنب في سلام وأمان مع إسرائيل وجيرانها الاخرين، ذات حدود مؤقتة، وتمارس الديمقراطية القائمة على التسامح والحرية وتنهي كافة أعمال العنف والتحريض، وشدد على ضرورة التوصل إلى قرار عن طريق التفاوض بشأن وضع القدس وقبول الدولة العربية للعلاقات الطبيعية الكاملة مع إسرائيل.
  • وكان قبول إسرائيل لخارطة الطريق لعام 2003 على أساس أن الدولة الفلسطينية المؤقتة ستكون لها حدود مؤقتة وجوانب معينة من السيادة، وأن تكون منزوعة السلاح بالكامل بدون قوات عسكرية ولكن فقط مع قوات الشرطة والأمن الداخلي التي تملك نطاق محدود من الأسلحة؛ وأن تقوم هذه السلطة بالتحالفات الدفاعية والتعاون العسكري؛ وتعطي لإسرائيل السيطرة على دخول وخروج جميع الأشخاص والبضائع وكذلك على مجالها الجوي وطيفها الكهرومغناطيسي".
  • وقد أكدت رسالة الرئيس بوش إلى رئيس الوزراء شارون في 14 أبريل/نيسان 2004، على رؤيته لحل الدولتين، بقوله أن "الحدود الآمنة والمعترف بها يجب أن تخرج من المفاوضات وألا تنطوي على العودة إلى خطوط الهدنة لعام 1949".


الرئيس جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض 

يوم 14 أبريل من عام 2004. (أرشيف البيت الأبيض)


  • أشار البيان المشترك الذي صدر بعد مؤتمر أنابوليس، بحضور القيادة الإسرائيلية والفلسطينية، والرئيس بوش، وقادة آخرين، بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، إلى هدف وجود دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمان، مع الاتفاق على الشروع فورا في مفاوضات ثنائية بحسن نية من أجل إبرام معاهدة سلام، وحل جميع القضايا العالقة، بما في ذلك جميع القضايا الأساسية دون استثناء، كما هو محدد في الاتفاقيات السابقة."15
  • وفي خطابه في جامعة بار إيلان عام 2009، أكد رئيس الوزراء نتنياهو على رؤيته لشعبين يعيشان بحرية، جنبا إلى جنب، في تكافل واحترام متبادل، ولكل منهما علمه الخاص، ونشيده الوطني، وحكومته، ولا يهدد أي منها أمن الآخر أو بقائه.16

وتتنبأ هذه الرؤية بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تشمل حظر استيراد الصواريخ، ومنع تكوين جيش، أو عقد اتفاقيات وتحالفات مع العناصر الإرهابية، مع الاستخدام المحدود للمجال الجوي، مع اتخاذ تدابير أمنية فعالة لمنع تهريب الأسلحة إلى هذا الإقليم، كما يشمل الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين خارج حدود إسرائيل.



تطور "رؤية الدولتين" في الوثائق الدولية

وفي حين أصبحت رؤية الدولتين عنصرا قياسيا في الوثائق السياسية غير الملزمة للأمم المتحدة، إلا أنها لم تكن أبدا جزءا من أي قرار أو اتفاق رسمي ملزم بين الطرفين.

وكان الافتراض المقبول والمنطقي هو أنه مهما كان الحل الذي سيتحقق، فإنه لن يكون إلا من خلال المفاوضات والاتفاق بين الطرفين، وليس من خلال فرض مثل هذا الحل، أو من خلال الحكم المسبق على نتيجة هذه المفاوضات، أو من خلال إعلانات واضحة تعبر عن الأمل في حل الدولتين.

يذكر أن رؤية منطقة تعيش فيها دولتان، إسرائيل وفلسطين، جنبا إلى جنب داخل حدود امنة ومعترف بها، قد وردت لأول مرة في قرار مجلس الامن رقم 1397 ( 2002 ) الذى تم تبنيه يوم 12 مارس من عام 2002 ، ويدعو الى إنهاء العنف خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية .17

وفي هذا السياق، فإن إعادة تأكيد دعوة مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 242 لعام 1967 إلى "حدود آمنة ومعترف بها" يعني بوضوح أنه يتعين التفاوض على الحدود، ولا يمكن فرض خطوط عام 1967 من قبل أطراف ثالثة كما لو كانت حدودا دولية.

وأكد قرار الجمعية العامة 75/172 الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2020 بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير كبقية دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها دوليا، وشدد على ضرورة التوصل إلى تسوية سلمية تستند إلى "خريطة الطريق التي أعدتها المجموعة الرباعية لحل دائم قائم على وجود دولتين". 18


استنتاج

والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان الاستخدام الضخم والليبرالي والمبهج والغير المقيد لمصطلح "حل الدولتين"، له أي علاقة بالسياق التاريخي والموضوعي في الحقائق الإسرائيلية الفلسطينية وما إذا كان يأخذ في الاعتبار الجوانب المعقدة والعملية لتحقيقه.


لقد أصبح مصطلح "حل الدولتين" شعارا مفيدا وإعلانا سياسيا من قبل قادة المجتمع الدولي، وغالبا ما كان ذلك نتيجة للصواب السياسي والتشدق بالاتجاه الدولي المتنامي.


إن هذا التكرار الليبرالي والجلي لعبارة "حل الدولتين" كما لو كان في حد ذاته قادر على حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يشير إلى عدم فهم معناه وتطوره التاريخي في سياق النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

ومع ذلك، لا يمكن أن يتحقق حل الدولتين هذا دون إدراك الحقائق المتأصلة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كأساس لقبول الطرفين، وكذلك من قبل المجتمع الدولي، لعدة افتراضات أساسية وهي كالتالي:


  • يجب أن تكون الدولة الفلسطينية مستقرة سياسيا واقتصاديا،ولا يمكنها أن تسمح لتنامي العناصر الإرهابية التي يمكن أن تشكل تهديدا لأمن إسرائيل.
  • يجب أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ومحدودة في قدراتها العسكرية والأمنية وغيرها من الامتيازات السيادية.
  • ويتعين أن تقوم مثل هذه الدولة على مبادئ الديمقراطية والحرية والحكم الرشيد وأن تكون ملزمة بمنع الإرهاب والتحريض.
  • ويجب أن تكون القيادة الفلسطينية الموحدة قادرة على الكلام باسم الشعب الفلسطيني بأسره وأن تكون قادرة على عقد الالتزامات والاتفاقيات والوفاء بها،وفي ضوء الانقسام المتزايد بين القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقيادة حماس في قطاع غزة، لا يوجد مثل هذا الوضع في الوقت الحاضر.
  • ويتعين على الدولة الفلسطينية أن تلتزم بضمانات قانونية وسياسية وأمنية قوية بأنها لن تسيء استخدام امتيازاتها السيادية ومكانتها الدولية من أجل انتهاك الاتفاقات أو تقويضها.
  • إن القضايا الثنائية بطبيعتها مثل الحدود والقدس واللاجئين والمستوطنات والمياه وما إلى ذلك، لن تحل إلا بالمفاوضات وليس بالقرارات السياسية الحزبية أو الإعلانات السياسية الصادرة عن القادة الدوليين أو الأمم المتحدة أو أي مصدر آخر.
  • ويجب على أي دولة من هذا القبيل أن تعترف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، بنفس الطريقة التي تعترف بها إسرائيل بدولة فلسطينية كدولة قومية للشعب الفلسطيني.



وأخيرًا، يؤمّل ألا تكون رؤية "حل الدولتين" مجرد شعار لا معنى له، بل تراعي بالفعل المجموعة الواسعة من القضايا الخطيرة والحقيقية الناشئة عن النزاع الطويل بين الطرفين، ويجب أن يستند هذا الحل إلى قبول المبدأ القائل بأنه لا يمكن فرض أي حل من هذا القبيل ولا يمكن تحقيقه إلا عن طريق المفاوضات بين الأطراف المعنية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023