بقلم: فالح حبيب
ترجمة حضارات
تُرى ما الذي يقف خلف تصريحات ودعوات رئيس العربية الموحدة النائب منصور عباس الذي يُكرر دعوته للعربية للتغيير ونوابها للانضمام للموحدة، وبالتالي للائتلاف الحكومي في كل فرصة سانحة تقريبًا من حين إلى آخر؟
دائمًا ندعو للوحدة والتعاون مِن باب المشاركة والتأثير.
توجهت للنائب منصور عباس حول ذلك ووضح وجهة نظره في الأمر من خلال تصريح خاص قائلا:
"يد الموحدة كانت وما زالت ممدودة للتعاون مع الجميع من موقع المشاركة والتأثير في الائتلاف، وليس من موقع دكة الاحتياط والهامش وانتظار الفتات.
مجتمعنا العربي يستحق منا العمل بإخلاص وجد واقتدار لتحصيل مطالبه وحقوقه، ولن يرضى بالتهريج السياسي والمسرحيات التي لا تسمن ولا تغني من جوع".
واضح أن النائب منصور عباس يريد أن تكون الأحزاب العربية مؤثرة على طريقة الموحدة، لكن هناك مَن انتقد طريقها ولم يقبل نهجها، بل وعارضه بشدة.
ألا يعلم النائب منصور عباس أن هذه الخطوة قد تكون مقبرة رغم "المصلحة"؟! فنواب التغيير الذين التزموا بخط المشتركة جماهيريا لا يمكنهم العودة إلى الخلف خطوة، لأن ذلك دون مبررات حقيقية واضحة سيُفسر شقا لوحدة المشتركة واللهاث خلف مصالح آنية قد تفرض على العربية للتغيير البقاء خارج الصورة تماما دون أي تحالفات مستقبلية في ظل التقطب القائم على الساحة العربية، لتجد نفسها "لا هون ولا هون"؟ فالمبدأ واحد يجب ألا يتغيّر بتغير الظروف، لأن "التغيير" في هذه الخطوة والتغيير قد لا تضمن بقائها السياسي وفيه مخاطرة كبيرة، فما ضمانها أن يبقى تحالفها مع الموحدة قائما مثلا إذا فرضنا انضمامها؟! لهذا ربما أتفهم عدم التعاطي مع هذه الدعوة وتجاهلها المتكرر، فقد يكون فيها "مصلحة" للوهلة الأولى وعلى المدى القصير، فالموحدة يمكنها أن تزيد مِن حجم ضغطها وتأثيرها داخل الائتلاف، وكما قالها لي مصدر كبير فيها: "نُكبر حجم العائلة"، بإشارة منه لتعزيز قوة تأثيرها وحنكتها ومساحة مناورتها، أما العربية للتغيير يمكنها تسجيل "إنجازات"، لكن هذه الخطوة، ونظرا للمعطيات السياسية الحالية، ربما تكون بمثابة مقبرة، مقبرة لماض وحاضر اجتهدت "التغيير" أن يكون ناصع البياض مشرّفا وتعمل لمستقبل سياسيٍّ يكون أفضل، بين الليكود والموحدة، شبه في الآلية واختلاف بالمآرب والأهداف ولا وجه للمقارنة
مَن ينظر لدعوات الموحدة المتكررة للعربية للتغيير للانضمام إلى الموحدة، وبالتالي الائتلاف الحكومي، قد يسأل نفسه، ألا يوجد وجه شبه بين ما تدعو اليه الموحدة وبين ما يصبوا إليه الليكود مِن خلال دعوته ومقترحه لوزير الأمن غانتس أن يُفكك الشراكة ويتحالف مع الليكود وأن يتقلّد منصب رئيس الحكومة دون تناوب الأمر الذي يرفضه غانتس مرارا وتكرارا لاكتوائه بعدم التزام نتنياهو بوعوداته، وإن اختلفت الأهداف إلا أن التفكيك كعملية وآلية هي ذاتها، وأوضح:
لاحظوا أن ما لا يقوله نتنياهو يقوله ميكي زوهر وغيره: "أمام غانتس فرصة سانحة يمكنه أن يكون رئيس حكومة منذ الغد صباحا، هذا خياره إذا كان يرغب بذلك أم لا، لطالما بقي نتنياهو في الصورة يمكنه تحقيق حلم".
عدا عن أن التصريح فيه مِن الفوقوية ما فيه تجاه وزير الدفاع غانتس، فيه سخرية واستهتار بذكاء الجمهور، وكأن الليكود هو مَن يُقرر وما زال "بقوته"، ولو كان ذلك صحيحا حقا لمنحوا الحكم لأنفسهم، هذا بالسطحية. أما بالأكثر عمقا، فواضح أن هناك مَن يقلقه جدا الاستقرار في الحكم واستقرار ثبات الحكومة، لأنه يعلم أن يوم ما بعد اجتياز الموجة الحالية للكورونا ستتعزز قوة بينت وساعر وإمكانية اِضعافهم ستكون ليست بالمهمة السهلة.
هناك مَن بدأ يقلق أكثر على مصيره السياسي، بوجود قيادة جديدة غيره "تنبت" في "أرض اليمين" والمعسكر الوطنيّ.
المواطن الإسرائيلي بدأ يعتاد على وجود غير نتنياهو في الحكم، وهذا ما يُقلق نتنياهو كثيرا ويؤرقه، فلا يكف عن محاولات اسقاطها بأسرع وقت، لأنه بدأ يُدرك أنه كلما تقدم الوقت ضاعت فرصته بذلك، فالآخرين يُثبتون أقدامهم ليس كنواب في مداره، بل قادة منافسين له لا يبالون فيه.
الثبات يساهم ببناء صورة جماهيرية حقيقية أن لكل شخص هناك بديل أو حتى بدلاء. مع غانتس نتنياهو يمكنه تدبر الأمر، لأنه لا ينافسه على تولي قيادة نفس المعسكر وهذا هو الفرق.
بكل ثمن يريد تفكيك الحكومة، أما الموحدة فتريد تفكيك المشتركة حاليا ليكون هناك معسكرين واضحين، ولتزداد قوة وحجم وتأثير هذا التيار والمعسكر، شبه بالآلية وإن اختلفت الأهداف ولا مقارنة بينها.
هي أضغاث أحلام، وما أنا بتفسير الأحلام بعالم، أم دعوة توافق و"سلام"!
هناك مَن يرى أن تحقيق المصلحة العامة للجمهور العربي لا يأتي مِن خلال النهج الحالي للموحدة، فالمشتركة تُسميه "مقايضة مِن أجل تحصيل فتات بعيدا عن الكرامة الوطنية"، والموحدة تُسميه "مشاركة وتأثير دون الجلوس على موقع دكة الاحتياط والهامش وانتظار الفتات، لتحقيق مصالح الناس وحماية كرامة الجمهور"، ليبقى هذا السجال السياسي قائما بين القائمتين وأزمة عدم الثقة تزداد مع كل خطوة ومرور الوقت، يعلو السجال ويسخن تارة ويفتر تارة أخرى، تتحكم بإيقاعه الأحداث وتفاعلها وردة فعل الجمهور والرأي العام.
هل هي دعوة لإعادة تحالف قديم بطريقة متجددة أم أنها مساعي لشق المشتركة الثلاثية ومن ثم إبقاء التغيير خارج الصورة؟!
رئيس الحركة الإسلامية الشيخ حماد أبو دعابس إلى جانب النائب أحمد طيبي
صورة وعبرة، لا داعي لمنحها تأويلات سياسية أبعد مما فيها
الصورة المُرفقة للمقال التحليلي وقد منحها كثيرون تفسيرات وتأويلات سياسية وكأنها بداية تفاهم لتحالف جديد لا داعي لمنحها تأويلات سياسية ليست صحيحة، كل ما في الأمر أن هذه الصورة والتي يظهر مِن خلالها رئيس الحركة الاسلامية الشيخ حماد أبو دعابس إلى جانب النائب أحمد طيبي بكل تناغم في مناسبة اجتماعية، حفل زفاف آل غيث في رهط، تبدو للوهلة الأولى غير مفهومة ضمنا، لكنها المفهوم ضمنا كله! لأنه هذا ما يتوقعه الجمهور مِن قادته، أن تبقى روح التعاون والعلاقات الاجتماعية دائمة بغض النظر عن الخلافات السياسية وما يعقبها أحيانا مِن تشنجات أو توترات وتلاسن.
ولكن يتوقع الشعب أيضا مِن الشيخ الجليل حماد أبو دعابس، وهو أهل لذلك، أن يرتدي الكمامة كقائد ومثالا يُحتذى به والموحدة مؤخرا قد أطلقت حملة للتقيّد بالتعليمات الاحترازية.
ربما فمن يدري، وحتى نلتمس الأعذار، أن يكون قد خلعها لوجود شراب أمامه، خاصة وأن الشيخ حماد مِن دُعاة التقيّد بالتوجيهات الاحترازية ولطالما دعى إليها مِن على كل منبر.
هذه الفكرة والعبرة مِن خلف الصورة، أبدا لا تعني شيئا عن وجود اتصالات لتحالف جديد على الأقل في هذه المرحلة.
على كل، إذا كانت أضغاث أحلام أم دعوة سلام سنعلم عنها عاجلا أم آجلا و "التغيير" صاحبة قراراها، وما سيجري فيما بعد ستكشفه لنا الأيام فقط، فإما أضغاث أحلام، وما أنا بتأويل الأحلام بعالم، وإما التوافق و"السلام".