الانفجار في قطاع غزة ليس سوى مسألة وقت

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات


*ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب فقط.



انتهت أحداث "يوم الغضب" في جنوب قطاع غزة الليلة الماضية دون وقوع حوادث غير عادية؛ حيث وصل آلاف الفلسطينيين إلى المنطقة الحدودية في خان يونس ووقعت مواجهات ورشق خلالها المتظاهرون جنود الجيش الإسرائيلي بالحجارة وعدة عبوات ناسفة، وقام الجنود بتفريق المتظاهرين بالذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بإصابة 14 فلسطينيا.


الهدوء النسبي الذي شهدته الأحداث الليلة الماضية يعود إلى الضغط الهائل الذي مارسته مصر على حمـــ اس لتهدئة المظاهرات على السياج الحدودي، وكذلك إلى حقيقة أن الجيش الإسرائيلي كان أكثر استعدادًا بقوات كبيرة وقناصة لكبح المظاهرات على السياج الحدودي. لكن المظاهرات ستستمر في الأيام المقبلة، اتخذت جميع الفصائل الفلسطينية بقيادة حمـــ اس قرارًا استراتيجيًا باستئناف النشاط الشعبي على الحدود حتى تلبية مطالبهم من "إسرائيل": إدخال فوري للأموال القطرية إلى قطاع غزة، وفتح المعابر لإدخال مواد بناء غير محدودة وإعادة الوضع إلى قطاع غزة كما كان في أيار / مايو من هذا العام عشية جولة القتال الأخيرة.


قال محمد الهندي، القيادي البارز في حركة الجهــــ اد الإسلامي، الليلة الماضية خلال تجمع حاشد على حدود غزة، إن الفصائل الفلسطينية وافقت على مواصلة الأنشطة الشعبية حتى نهاية الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وأن زعيم حمـــ اس يحيى السنوار أبلغ مصر بذلك.


توترات بين حمــــ اس ومصر..


أبلغت مصر حمـــــ اس بأنها تقوم ببادرة حسن نية لها اعتبارًا من اليوم فيما يتعلق بمعبر رفح، بعد أن قام خلال مظاهرة الليلة الماضية بنشر قوات الضبط الميداني على طول الحدود مع "إسرائيل"، وفي بعض الحالات منع المتظاهرين من الوصول إلى السياج الحدودي، امتثلت حمـــ اس جزئيًا لطلب مصر بمنع المزيد من التصعيد ضد "إسرائيل" مؤقتًا وتوقفت أيضًا عن إطلاق البالونات الحارقة على مستوطنات غلاف غزة؛ لذلك، يرد المصريون أيضًا جزئيًا على حماــــ س، فبدءًا من اليوم ستعيد فتح معبر رفح لمرور البضائع من وإلى قطاع غزة، كما ستسمح مصر لعدة مئات من الفلسطينيين العالقين في منطقة العريش بالعودة إلى منازلهم في قطاع غزة.


أغلقت مصر معبر رفح في الاتجاهين هذا الأسبوع بعد خرق حمــــ اس لوعود للمخابرات المصرية بتجنب التصعيد على الحدود مع "إسرائيل"، بعد عودة مئات الفلسطينيين من مصر إلى منازلهم في قطاع غزة اليوم، وسيظل المعبر مغلقًا حتى إشعار آخر.


السيطرة على معبر رفح هي في الواقع الرافعة الرئيسية للضغط التي يجب أن تمارسها مصر على حمــــ اس لمنع التصعيد، لكن حتى هذا ليس فعالًا دائمًا، حمـــ اس تعمل فقط لمصالحها الخاصة، في مايو الماضي تجاهلت حمــــ اس المصالح المصرية وعلاقاتها الوثيقة مع المخابرات المصرية وشنت هجوما صاروخيا على القدس وفي عملية عسكرية عرفت باسم "سيف القدس" بينما تخرق كل وعودها لمصر بالتحرك نحو التهدئة مع "إسرائيل".


وبحسب مصادر حمــــ اس، أعلنت مصر لحمــــ اس هذا الأسبوع أنه إذا استمرت المنظمة في التصعيد مع "إسرائيل"، فإنها ستنسحب من موقع الوسيط بينها وبين "إسرائيل"، لكن حمـــ اس لم تسعد بالتحذير المصري، فقد بعثت المنظمة برسائل للمخابرات المصرية مفادها أنه في حالة حدوث ذلك فإنها ستخلي أفرادها الأمنيين المنتشرين على طول الحدود مع مصر وتسمح بظاهرة التهريب.
 كما هددت حمــــ اس مصر بأنها ستجلب آلاف المتظاهرين إلى الحدود المصرية مع قطاع غزة للتظاهر ضد النظام المصري وسياساته وكذلك تصعيد التظاهرات على الحدود مع "إسرائيل".

كل هذا مصدر قلق كبير للمصريين الذين توصلوا إلى اتفاق مع يحيى السنوار عام 2017 بشأن الحفاظ على الهدوء الداخلي في قطاع غزة والحدود مع مصر مقابل فتح معبر رفح بشكل منتظم. مصر قلقة جدًا على وضعها الأمني ​​الداخلي، وهي حريصة جدًا في علاقاتها مع حمــ اس حتى لا "تكسر الأدوات" حتى لا تعود حمـــ اس إلى أيام تعاونها مع فرع داعش في شمال سيناء والإخوان في مصر في سلسلة أعمال "إرهابية" ضد الرئيس السيسي.


كسر المعادلة الاسرائيلية


كانت مصر حذرة للغاية مع حمـــ اس منذ انتهاء جولة القتال الأخيرة لأن مصلحتها الأولى هي الحفاظ على الوضع الأمني ​​الداخلي في مصر، صاغت المخابرات المصرية هدنة طويلة الأمد بين "إسرائيل" وحمــــ اس تتضمن أيضًا إعادة إعمار قطاع غزة وصفقة تبادل أسرى، حمـــ اس تضلل المصريين، تخلق إحساسًا بأنها تريد هدنة لكنها في الحقيقة تستخدم القوة لتقويض الاستقرار الإقليمي لابتزاز مصر و"إسرائيل"؛ لذلك، فإن "إسرائيل" حريصة جدًا أيضًا بالتعامل مع حمـــ اس، فقد تعلمت دروسًا من جولة القتال الأخيرة.

أعلنت "إسرائيل"، صباح اليوم، أنها ستدخل تسهيلا لقطاع غزة، وستزيد عدد التجار الذين يمكنهم دخول "إسرائيل"، والسماح للمركبات والمعدات بالدخول للمشاريع الدولية في قطاع غزة. 
لن يغير هذا الاتجاه العام لحمـــ اس: يحيى السنوار يعمل من خلال القوة لكسر المعادلة الإسرائيلية التي تربط إعادة إعمار قطاع غزة بإعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الأربعة في أسر حمــ اس أو على الأقل إحراز تقدم جاد نحو عودتهم. يحيى السنوار واثق من قوة صواريخ منظمته وقدرته على فتح جبهة أخرى بالتوازي ضد "إسرائيل" من جنوب لبنان من خلال إطلاق الصواريخ من هناك أيضًا.


لقد اتخذت حمــ اس قرارًا استراتيجيًا لي الايدي مع "إسرائيل" وإملاء شروطها عليها، وهذه ليست نزوة يحيى السنوار الشخصية، ولا يمكن لـ"إسرائيل" الخضوع لهذه المطالب، لذلك أوضح رئيس الأركان أفيف كوخافي أمس أن "إسرائيل" تستعد لمعركة عسكرية أخرى في قطاع غزة وألقى المسؤولية على حمـــ اس. تقدر مصادر أمنية إسرائيلية أن الانفجار في قطاع غزة هو مسألة أيام في ظل نية المنظمة الاستمرار في استفزاز جنود الجيش الإسرائيلي على الحدود وسكان مستوطنات غلاف قطاع غزة، أحد سيناريوهات الجيش الإسرائيلي هو أن حمـــ اس تخطط لإطلاق صواريخ خلال اجتماع الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء بينيت الليلة في البيت الأبيض لإثارة قضية قطاع غزة على رأس جدول أعمال الاجتماع.
ومن المتوقع أن يتكثف التصعيد بمجرد انتهاء زيارة رئيس الوزراء بينيت للولايات المتحدة، لذلك ستشعر "إسرائيل" بمزيد من التحرر في ردودها العسكرية على حمــــ اس.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023