لماذا مخيم بلاطة؟

إسلام حامد

باحث وأسير فلسطيني

بقلم الأسير:
إسلام حامد

 المخيم الذي أشعل انتفاضة الحجارة في الضفة الغربية يعود إلى الواجهة من جديد، اليوم وليس متأخرًا يدخل مخيم بلاطة الكبير بأهله وأبنائه، الصغير في مساحته الجغرافية، إلى نيشان التهديد، وعلى رادار المتابعة في الأجهزة الأمنية الصهيونية.

 للمتابع للشأن الفلسطيني وعلى مدار سنوات طويلة، كان المخيم يمثل حالة جدل فلسطينية داخلية بتركيبته الوطنية وفعله المقاوم وأسماء بارزة خرجت على السطح، مثل الشهيد حاتم رزق ورفيق دربه صاحب الحالة الأكثر توهجًا أمام أجهزة أمن رام الله، الشهيد أحمد الزعبور، عدا عن حضور المخيم التاريخي منذ انتفاضة الحجارة عام 1987م، مرورًا بانتفاضة الأقصى، وصولًا إلى الصيغة الحالية من العمل الوطني والفدائي.

 هذه السياقات كانت دائمًا على مدار الاحتلال الصهيوني ولاحقًا أجهزة أمن رام الله، من أجل تنفيذ عدة أهداف أهمها تغيير البنية الثقافية والاجتماعية للسكان وصولًا إلى إلغاء الروح الوطنية المقاومة، وإخلال بدلًا من كل ذلك قيادة تتبع للأجهزة الأمنية، ومشروعات لا تخدم الأجندات الفلسطينية الوطنية، كل هذا تماشيًا مع اتفاقية أوسلو للسلام المزعوم والتزامات أخرى.

 ولكن ما كان غائبًا هنا ما هو موجود في المخيمات الفلسطينية -وهنا بلاطة نموذجًا- من جينات الرفض والتمرد والتي لا يمكن كسرها، وهذه الميزة حفظت المكانة الوطنية والهدف السامي لأصحاب المخيم بالعودة إلى الديار المهجرين منها.

 إلا أن محاولات التغيير والاستبدال التي حاولت أكثر من جهة أن تنجز مخططاتها، يتم الإعلان عن فشلها من خلال عدة مظاهر، أهمها وجود ترسانة من السلاح والأدوات القتالية التي يمكن أن تتوجه للعمل المقاوم في أي لحظة، وإجماع وطني في المخيم على عدم السماح للسلطة وأجهزتها الأمنية بدخول المخيم وفرض سيطرتها عليه، والاشتباك المستمر مع العدو الصهيوني كما حدث مؤخرًا، وراح ضحيته فتى شهيد من عائلة الحشاش العريقة.

إذًا ما الذي تغير؟

 إن محاولة صقل عقل جمعيي جديد للمخيم على مدار سنوات التنسيق الأمني المباشر، أخرجت جيلًا شابًا جديدًا يحمل السلاح ويؤمن بالمواجهة أيٍ كانت، هذا التغيير والحضور المسلح البارز للمخيم جعل المقدر الأمني الصهيوني وأجهزته الأمنية ينتبه للفشل الذي تكبده في مخيم بلاطة، وقبله في قلعة الشهداء والانتصار مخيم جنين القسام وكافة مخيمات الضفة الغربية بشكل عام، والذي دعاه إلى وضع خطة أمنية جديدة في مواجهة الحضور العسكري الوطني داخل المخيمات على أمل أن يوفر شيئًا من الأمن في الكيان الصهيوني، عنوانها الضربات المركزة والمستمرة على المخيم وعلى الأطراف حتى يتم إنهاك المقاومة الفلسطينية.

 المقدر الأمني الصهيوني يعرف جيدًا خطورة الوضع اليوم كون السلاح أصبح منتشرًا في أيدي الجمهور الشاب في المخيمات، والذي لا يحمل أجندات تنظيمية، وهدفه الوحيد قتال العدو الصهيوني وعملائه في الميدان.


                                                                                                                   

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023