إسرائيل ديفينس
دكتور مايكل ميلستين
ترجمة حضارات
في الأيام الأخيرة يقترب يحيى السنوار من تحقيق الهدف الذي وضعه لنفسه عشية جولة القتال الأخيرة: تغيير قواعد المعادلة مع "إسرائيل".
في هذا السياق، نجح في تحقيق أكبر قدر من الإنجازات بأقل قدر من الضرر: كما بادر في جولة عسكرية حولت حمـــ اس إلى هجوم محسوب نسبيًا.
وكذلك إنجازات استراتيجية قصيرة المدى تتمثل في تعزيز مكانة حمــــ اس العامة وصورتها كقائدة وطنية، والنجاح في إثارة المجتمع العربي في "إسرائيل" بشكل غير مسبوق.
تمكن أيضًا من استعادة الإنجازات التي كان يمتلكها حتى اندلاع جولة القتال وإعادة إرساء "الترتيب القديم" الذي انتهكه هو نفسه بشكل صارخ.
كما تتواصل الاحتكاكات العنيفة ضد "إسرائيل" والتي تشير إلى أن جولة القتال الأخيرة لم تخلق رادعًا ضده من "إسرائيل" كما أنه لم يقدم تنازلات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بقضية الأسرى والمفقودين.
بعبارة أخرى، أثبت السنوار أنه قادر على الشروع في خطوة هجومية والرد على التطورات في الضفة الغربية، حتى بدون سبب مبكر للاحتكاك في قطاع غزة، دون التعرض لأضرار استراتيجية شديدة، وهي صيغة من المرجح أن تدرس كيفية تكرارها مرة أخرى في المستقبل.
انهيار عقيدة التفاهمات
جولة القتال الأخيرة والاحتكاكات المستمرة في قطاع غزة منذ انتهائها تعكس فجوة عميقة بين تصور "إسرائيل" وتصور حماس.
بينما تعتبر "إسرائيل" التسوية وصفة لهدوء طويل الأمد وتقدر أن حمـــ اس لديها نضج عميق لتبنيها (الافتراض البارز بالفعل في اغتيال بهاء أبو عطا، أحد قادة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة في تشرين الثاني 2019، والذي قدم كعائق جعل من الصعب على حمـــ اس الاستسلام لفكرة تسوية)، ترى حمـــ اس في ذلك هدوءً مؤقتًا في الصراع المستمر مع "إسرائيل".
بمعنى آخر، يعكس الواقع المستمر منذ أيار وحتى الآن انهيار عقيدة التفاهمات القائمة على الافتراض بأن التحسن المستمر في نسيج الحياة في قطاع غزة يؤدي حتماً إلى خسارة ويقلل من دافع حمـــ اس للقيام بأعمال عنيفة.
إن التسهيلات تجاه قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة - على الرغم من استمرار العنف الذي تمارسه حمــــ اس، والذي بلغ ذروته بقتل جندي على حدود غزة - يعكس إلى حد كبير الرغبة في مواصلة الجهود بل وتكثيفها رغم فشلها.
وتعكس هذه الفجوة أيضًا صعوبة "إسرائيل" في الخوض في منطق ونوايا حمـــ اس، التي أظهرت استعدادها لتعريض التفاهمات لتحقيق أهدافها الأيديولوجية للخطر، وعلى رأسها الكفاح المسلح ضد "إسرائيل".
في الأسابيع الأخيرة، أبدت الحركة استعدادها لخوض صراع عنيد، وإن كان بدرجات متفاوتة (بشكل أساسي إطلاق البالونات، والاحتكاك في منطقة السياج الحدودي، و "الارباك الليلي" التي تعتبره حمــ اس نوعًا من المعركة بين الحروب)، والتي تهدف إلى استعادة جميع الإنجازات التي كانت بحوزتها حتى جولة القتال الأخيرة.
في هذا السياق، تبرز المساعدة المالية القطرية، أنه لا يوجد معنى حقيقي لتحديد الجهة التي تمنح والجهة التي تقوم بالتوزيع.
علاوة على ذلك، فإن مثل هذا الواقع يساهم في تعزيز مكانة إدارة حمــــ اس، ويترك التأثير العميق لقطر في قطاع غزة كما هو ولا يمنح السلطة الفلسطينية موطئ قدم حقيقي في المنطقة.
"المحاولة و الخطأ"
وبالتالي، فإن حمـــ اس في السلطة تواجه عالمًا أكثر تعقيدًا من القيود ولكنها ليست بالضرورة "معتدلة" أو أكثر تقييدًا، لكن الجهة المتطرفة التي تهيمن على وضعها الجديد بوسائل أكثر تمنحه القدرة على تحقيق أهدافه الأيديولوجية بشكل أكثر فاعلية والتي لم تتخلى عنها أبدًا.
يجب على "إسرائيل" أن تستخلص استنتاجين رئيسيين من أحداث الأشهر الأخيرة في قطاع غزة. الأول أن صورة الردع لديها تآكلت في نظر السنوار الذي يعتقد أن التعامل مع أزمة كورونا، فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية والتورط السياسي المستمر، يجعل من الصعب على "إسرائيل" شن حرب قوية في قطاع غزة. وعلى حسب ذلك فإن "إسرائيل" في وضع مضغوط وبالتالي يمكن انتزاع تنازلات منها.
سلوك السنوار تجاه "إسرائيل" يتم على أساس "التجربة والخطأ" وقراءة دقيقة لـ"إسرائيل"، على عكس الحجة التي أثيرت بأنها أصبحت مسيحية وغير عقلانية.
ثانيًا، يجب على "إسرائيل" أن تفهم أن مجال المناورة لديها قد تقلص إلى حد كبير، يوجد حاليًا بديلان فقط يواجهانه:
الأول - اعتماد شروط السنوار بشكل كامل، أي العودة إلى التفاهمات القديمة والتخلي عن كل ما تم تعريفه على أنه "خطوط حمراء":
لا توجد مبادرات مدنية دون إحراز تقدم في قضية الأسرى والمفقودين و "قانون البالون كقانون الصاروخ". إذا نجح السنوار في استئناف دفع رواتب موظفي حمـــ اس، حتى لو تم ذلك من خلال السلطة الفلسطينية، فإن ذلك يعني العودة إلى الوضع الذي كان قبل جولة القتال.
في هذا الواقع، قد يوافق على التهدئة، ولكن في نفس الوقت حاول واختبر ما إذا كان قادرًا على تطبيق القواعد الجديدة للعبة، أي الاستجابة بقوة واستباقية للتطورات في الضفة الغربية أو القدس أو حتى المجتمع العربي في "إسرائيل".
الحل: جولة عسكرية قوية
إذا أرادت "إسرائيل" تجنب الوقوع بشكل سلبي في هذا السيناريو، فعليها التفكير في بديل ثانٍ - بدء جولة عسكرية قوية مثل الجولات الثلاثة التي بين عامي 2008-2014. إذا كانت هذه الخطوة مصحوبة بإلحاق ضرر بعناصر داخل قيادة حمـــ اس، فقد تسمح لـ"إسرائيل" بتشكيل واقع استراتيجي أكثر راحة في "اليوم التالي".
قد تكون النتيجة العملية وقفًا تامًا للاحتكاك العنيف أو تقليصًا كبيرًا في نطاقه، تمامًا مثل الواقع السائد في قطاع غزة في السنوات التي أعقبت حرب 2014، وربما حتى مرونة حمــــ اس بشأن قضية الأسرى والمفقودين، سيكون ذلك ممكناً إذا أظهرت "إسرائيل" جموداً ولم تقدم تحركات مدنية كبيرة نحو قطاع غزة دون اختراق في نفس القضية.