الحقائب في طريقها إلى قطاع غزة من جديد

مــوقــع نيــوز "1"
يوني بـن منـاحيم
ترجمـة حضــارات

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب فقط

الحقائب في طريقها إلى قطاع غزة من جديد


ألقى حاكم قطر الشيخ تميم بن حميد كلمة في مؤتمر للجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام قليلة، لقد كان خطابًا معاديًا لـ"إسرائيل" يوضح مرة أخرى مدى خطأ السياسة الإسرائيلية تجاه قطر، ولماذا لا ينبغي منحها أي مشاركة و "موطئ قدم" في قطاع غزة.


قطر دولة داعمة لـ"لإرهاب" تقع على محور الإخــــوان المسلمين إلى جانب تركيا تستضيف في أراضيها قيادة الإخــــوان المسلمين العالمية وقيادة حمــــاس وقادة الإخــــوان المسلمين الذين فروا من حكم الرئيس السيسي في مصر ومنحوا حق اللجوء السياسي في قطر، كما أنها "تدعم القاعدة وداعش".


تلعب قطر مباراة مزدوجة على جميع الملاعب الممكنة. فهي لا تدعم "الإرهاب" السني فحسب، بل إنها تدعم "الإرهاب" الشيعي، كما هو الحال في حــــزب الله، ولديها علاقات جيدة جدًا مع إيران على عكس دول الخليج الأخرى، كما أنها تدعم وتمول حركة طالبان في أفغانستان.


تقوم الحكومة القطرية بتشغيل وتمويل قناة الجزيرة، التي تبث من الدوحة وهي لسان حال دعاية الفكر الإسلامي الراديكالي، مع مثل هذه الأيديولوجية، فإن فرص توقيع قطر على اتفاقية تطبيع مع "إسرائيل" منخفضة للغاية، وتتمثل استراتيجيتها في استراتيجية نشر "السم" في الشرق الأوسط باستخدام طريقة "فرق تسد"، باستخدام مواردها المالية لغرز أنفها في أي صراع إقليمي من أجل تحقيق أقصى استفادة منه لمصالحها.


تحويل الأموال إلى حمـــــاس


عضو الكنيست رام بن باراك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست ومسؤول سابق في الموساد، قال على القناة 12 قبل أسبوعين إن السبب الرئيسي للتوتر والتصعيد على حدود قطاع غزة هو الجدل حول إدخال أموال المنحة القطرية لقطاع غزة. مصادر في حمـــــ اس تؤكد هذه الأمور، يصر يحيى السنوار على أن الأموال ستوضع نقدًا كما كانت قبل جولة القتال الأخيرة.


30 مليون دولار شهريًا: 10 ملايين دولار لشراء وقود لمحطة الكهرباء، و 10 ملايين دولار لدفع شهري لـ 100 ألف أسرة محتاجة، و 10 ملايين دولار إضافية لدفع رواتب موظفي حمـــاس.


بعد الحرب الأخيرة في قطاع غزة، قرر المستوى السياسي في "إسرائيل" وقف تحويل الأموال القطرية نقدًا إلى قطاع غزة بعد معلومات استخبارية دقيقة، وحسبها استولت حمــــاس على الأموال واستخدمت جزءًا منها في تكثيفها العسكري: بناء نظام الأنفاق ("المترو") وإنتاج الصواريخ، وتم إرسال إشعار بذلك إلى حمـــاس وقطر وكافة الهيئات الدولية التي تتعامل مع الوضع الإنساني في قطاع غزة.


في أعقاب القرار الإسرائيلي، بدأت المحادثات والاتصالات بين مختلف الأطراف لإيجاد آليات أخرى لتحويل الأموال، عبر السلطة الفلسطينية، رغم معارضة حمـــاس، حيث اتفقت قطر والأمم المتحدة الشهر الماضي على آلية لتوزيع مبلغ شهري قدره 10 ملايين دولار للأسر المحتاجة في قطاع غزة. 

وبحسب بيان الأمم المتحدة، فقد بدأ بالفعل توزيع الأموال على العائلات المحتاجة، وتوصلت السلطة الفلسطينية لاحقًا إلى اتفاق مع قطر حول كيفية تحويل مبلغ 10 ملايين دولار إضافي لرواتب موظفي حمــــ اس المسؤولين الحكوميين الموجودين على كشوفات السلطة الفلسطينية.


ولمدة أسبوعين تقريبًا، وصل السفير القطري محمد العمادي إلى قطاع غزة لإجراء الاستعدادات النهائية لتحويل الأموال، لكنه تلقى بعد ذلك رسالة مفاجئة من السلطة الفلسطينية مفادها أنها تنسحب من الاتفاقات مع قطر بخصوص تحويل أموال قطرية إلى موظفي حماس في قطاع غزة، رغم أن الأموال قد تم تحويلها بالفعل من قطر إلى السلطة الفلسطينية. وأوضحت مصادر في السلطة الفلسطينية أن السلطة تخشى رفع دعاوى ضدها للحصول على مساعدة لمنظمات "إرهابية"، وبالتالي سحبت اتفاقياتها.


يعتبر قرار السلطة الفلسطينية بمثابة ضربة قاسية لمصر ومبادرتها للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد بين "إسرائيل" وحركة حمـــ اس في قطاع غزة، وهي مبادرة مقبولة لدى "إسرائيل" وإدارة الرئيس جو بايدن وتشكل الأموال القطرية ركيزة مهمة فيها. يبدو أن الحظ يلعب لصالح حمــــ اس والمسؤولية الآن تقع على عاتق السلطة الفلسطينية التي أبلغت المبعوث القطري بأنها لا تزال تبحث عن طرق أخرى لحل المشكلة.


وتقول مصادر أمنية في "إسرائيل" إن حمــــ اس تبذل قصارى جهدها للعودة إلى الأسلوب السابق المتمثل في تحويل الأموال القطرية نقدًا إلى قطاع غزة حتى تتمكن من الحصول على الأموال. 

وبحسبهم، وبسبب الصعوبات الجديدة وبسبب التوجه الإسرائيلي لمحاولة تحقيق هدوء جديد على حدود غزة بأسرع وقت ممكن، فإن المستوى السياسي يعيد النظر في خيار العودة إلى الأسلوب السابق الذي كان متبعًا قبل جولة القتال الأخيرة وتوافق على إدخال النقود بالحقائب.

قال رئيس الوزراء نفتالي بينيت قبل أسابيع قليلة إن "الحقائب الدولارية إلى غزة يجب أن تمر من العالم". 

وهنا مرة أخرى تصل الفكرة إلى بابه، وهذا تطور خطير على أمن "إسرائيل"، فيما تواصل حمـــ اس تكثيفها العسكري نحو جولة جديدة من القتال ضد "إسرائيل".

حمـــ اس بحاجة ماسة إلى المال، والاتفاق الإسرائيلي على تحويل الأموال نقدًا إلى رواتب موظفي حمـــ اس يخدم احتياجاتها بالضبط.


يبدو أنه لا يوجد فرق كبير بين حكومة نفتالي بينيت وحكومة بنيامين نتنياهو، تعمل الحكومتان باستخدام طريقة "شراء الهدوء مقابل النقود"، وهي طريقة اخترعتها حمــــاس ووافق عليها رئيس الوزراء نتنياهو، وهي تشبه "أساليب المافيا".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023