موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
*ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب فقط
لم تكن العمليات المكثفة التي قام بها جهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي في الضفة الغربية ضد البنى التحتية للتنظيمات الفلسطينية تستهدف منطقة جنين بالتحديد، والتي تصدرت عناوين الصحف بعد هروب 6 أسرى من سجن جلبوع، من الأماكن في الضفة الغربية التي كانت على وشك تنفيذ سلسلة من الهجمات في المستقبل القريب، لذلك فإن جهاز الأمن العام يتعامل معها على أنها سباق مع الزمن، فهي تشكل "قنبلة موقوتة"، إذا لم يتم تحييدها فسوف تنفجر.
سيتعين على الجيش الإسرائيلي التعامل مع منطقة جنين بشكل منفصل، فهذه المنطقة تتطلب عملية عسكرية كبيرة على غرار "الجدار الواقي 2" لتفكيك البنية التحتية للتنظيمات التي نمت إلى أبعاد خطيرة، مئات المسلحين من جميع التنظيمات وبكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة غير المشروعة.
لم يعد النشاط الوقائي للجيش الإسرائيلي الذي بدأ بعد عملية الدرع الواقي، والمعروف بلغة الأمن بـ "جز العشب" للاعتقال المستمر للنشطاء كافياً، ولم يعد كافياً بالنسبة لمخيم اللاجئين المجاور له ولتنظيفه بشكل كامل. فيما يتعلق بالبنية التحتية للتنظيمات، لا تستطيع السلطة الفلسطينية، وربما لا تريد، التعامل مع حجم المسلحين العاملين في المنطقة.
استراتيجية مزدوجة
حمـــ اس تلعب لعبة مزدوجة ضد لاعبين إقليميين ودوليين، فمن جهة تقدم صيغة العودة إلى الهدنة، والحصول على المنحة القطرية الشهرية، وإعمار القطاع، ولكن من ناحية أخرى، فهي تحاول إشعال الضفة الغربية بإنشاء بنية تحتية لتنفيذ هجمات ضد "إسرائيل" وصدمة حكم محمود عباس.
تعمل حمــــ اس على تحويل مناطق السلطة الفلسطينية إلى ساحة قتال لمنع أي دخول للجيش الإسرائيلي إلى المناطق والمدن والقرى ولخلق وضع يسهل فيه أي دخول مواجهو من قبل المقـــ اومة الفلسطينية بالنيران الحية، لذا فهي تضخ الأموال لعناصرها لشراء المزيد من الأسلحة وتجنيد ناشطين جدد في أنحاء الضفة الغربية.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، دعت حمـــ اس سكان الضفة الغربية إلى تصعيد المقـــــ اومة الشعبية والمسلحة في الضفة الغربية ضد "إسرائيل".
وقال حسام بدران، القيادي في حمــــ اس، أمس، إن "الضفة الغربية تتجه نحو مواجهة شاملة مع الاحتـــ لال، وفيها ما يكفي من المقاتلين رغم التنسيق الأمني وملاحقة الاحتــــ لال".
وبحسب مصادر أمنية، فإن عناصر البنى التحتية التابعة لحمـــ اس الذين تم اعتقالهم وبعضهم استشهــــ د على يد الجيش الإسرائيلي، خططوا لتنفيذ سلسلة من العمليات وعمليات الخطف للإسرائيليين في وسط البلاد وفي القدس وغيرها.
كشف جهاز الأمن العام عن كمية كبيرة من المتفجرات مخبأة في بئر ماء بالقرية، حيث خطط عناصر البنية التحتية لاستخدامها للهجمات.
يبدو أن حمـــ اس تحاول مرة أخرى اختطاف مدنيين وجنود إسرائيليين من أجل تكديس المزيد من أوراق المساومة وتسريع المفاوضات بينها وبين "إسرائيل" بشأن صفقة جديدة لتبادل الأسرى. كما تبنت حركة الجهـــ اد الإسلامي هذه الاستراتيجية، حيث دعا عضو بارز في المنظمة حضر حبيب في 22 أيلول / سبتمبر إلى اختطاف جنود إسرائيليين للإفراج عن أسرى أمنيين. وشدد على أن "هذه هي الطريقة الوحيدة للإفراج عن 5000 أسير فلسطيني يعيشون في ظروف قاسية في السجون الإسرائيلية".
حمـــ اس تدخل في منافسة داخلية مع حركة الجهـــ اد الإسلامي بمن سينفذ المزيد من العمليات ضد "إسرائيل"، إن الهروب الجريء للأسرى الستة من سجن جلبوع، خمسة منهم ينتمون إلى تنظيم الجهــــ اد الإسلامي، رفع رأس التنظيم في الضفة الغربية، وعزز موقعه في الشارع الفلسطيني، و"أضر" بصورة حمـــ اس، بعد جولة القتال الأخيرة، تعزز موقف حمـــ اس في الشارع الفلسطيني وتمكنت من خلق صورة لـ "درع القدس والمسجد الأقصى" لكن الهروب من سجن جلبوع أخسرها البطاقات مرة أخرى ويجب على حمــــ اس أن تثبت نفسها مرة أخرى على الشارع الفلسطيني كرائدة للمقــــ اومة ضد "إسرائيل".
صالح العاروري رأس الحية
هو يقود استراتيجية حمـــ اس في الضفة الغربية، وهو مسؤول عن إقامة البنية التحتية فيها. صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حمــــ اس ورئيس الجناح العسكري لحماــــ س، إلى جانب نائبه زاهر جبارين.
هناك منافسة شرسة بين صالح العاروري ويحيى السنوار زعيم حمـــ اس في قطاع غزة، وبالنسبة للعاروري لديه مصلحة كبيرة في لإشعال الضفة الغربية لتحقيق "إنجازات" لحمــــ اس في القتال ضد "إسرائيل".
وبحسب مصادر حمـــ اس، فإن صالح العاروري هو من قام بجنيد وتشغيل أحمد زهران، أحد أبرز النشطاء الذين اغتالهم الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع في قرية بيت عنان بالقرب من القدس. وعائلة زهران من المحاربين القدامى في القتال ضد "إسرائيل"، شارك شقيقه زهران زهران في اختطاف الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان واغتيل في عام 1998، واستشهـــ د جده عام 1948 خلال معاركة القسطل في منطقة القدس.
وكان صالح العاروري قد انتخب في تموز الماضي في الانتخابات الداخلية للحركة لمنصب زعيم حمــــ اس في الضفة الغربية، ويرمز انتخابه إلى انتصار المحور الموالي لإيران داخل حمــــ اس على المحور الداعم للإخــــ وان المسلمين. العاروري من سكان قرية العارورة بالضفة الغربية، قضى 18 عامًا في سجن إسرائيلي لتأسيس الجناح العسكري لحركة حمـــــ اس في الضفة الغربية، في عام 2010 أطلق سراحه وتم ترحيله إلى سوريا.
بعد أن غادرت حمـــ اس دمشق وانتقلت إلى الدوحة في قطر بعد معارضة حمـــ اس للحرب الأهلية السورية، انتقل العاروري إلى تركيا، حيث تم ترحيله تحت الضغط الأمريكي الإسرائيلي وانتقل إلى قطر، ولكن تم ترحيله أيضًا من هناك حتى الاستقرار في لبنان في حي الضاحية في بيروت بالقرب من مكتب حسن نصر الله.
وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، فإن العاروري هو القيادي البارز في قيادة حمـــ اس المسؤول عن البنية التحتية العسكرية لحركة حمـــ اس في الضفة الغربية. قام بتنشيط الخلية التي خطفت وقتلت الصبية الإسرائيليين الثلاثة في منطقة الخليل صيف 2014، والتي أدت في النهاية إلى حرب 2014 في قطاع غزة، وكذلك الخلية التي قتلت نعمة وإيتام هنكين في نابلس في شباط 2015.
ينضم اسم صالح العاروري إلى أسماء شخصيات بارزة أخرى في حمــــ اس، إسماعيل هنية، يحيى السنوار، محمد ضيف، روحي مشتهى، فتحي حماد وعلي غندور، المدرجين على قائمة "الإرهاب" الأمريكية. المسؤول البارز في حمــــ اس صالح العاروري يتنقل كثيراً في العالم العربي، فهو مشغول بالسفر إلى قطر وإيران ولبنان وتركيا.
ومن مدينة اسطنبول يوجه العمليات في الضفة الغربية عبر «مقرات الضفة الغربية» التي توظف المبعدين ضمن «صفقة شاليط»، ويتغاضى الاتراك عن نشاطاتها. وإلى جانب صالح العاروري نائبه زاهر جبارين الذي أفرج عنه في "صفقة شاليط" عام 2011.
زاهر جبارين مسؤول عن حشد حمـــ اس العسكري فيما يعرف في المنظمة بـ "مكتب البناء".
يقع هذا الجهاز في مكتب الجناح العسكري في اسطنبول بجوار "مقر الضفة الغربية" الذي يوجه الهجمات، وهو مسؤول عن تطوير القدرات العسكرية لحركة حمـــ اس في المجالات الجوية والبحرية والصاروخية، فضلاً عن تطويرها أسلحة جديدة وحرب إلكترونية وتحويل أموال من إيران إلى حمـــــ اس.
أفاد مسؤولون أمنيون في "إسرائيل" بوجود توجه لقيادة حمــــ اس لتعزيز بنيتها التحتية في الضفة الغربية بعد جولة القتال الأخيرة لمحاولة تقويض استقرار حكم السلطة الفلسطينية، في هذا السياق، تم زيادة تحويل الأموال إلى نشطاء التنظيم في الضفة الغربية.
إن البنية التحتية لحركة حمـــ اس التي تم الكشف عنها هذا الأسبوع في الضفة الغربية قد تم تأسيسها بشكل منهجي منذ حوالي عام، وقد تم الكشف عنها في الغالب، ولكن من المحتمل أنه بعد التحقيق مع المعتقلين ومساعديهم الذين تم اعتقالهم هذا الأسبوع، فإن جهاز الأمن العام سوف يقوم مزيد من الاعتقالات.
تم تشغيل هذه البنية التحتية من اسطنبول في تركيا ولبنان، ويبدو أن جهاز الأمن العام هو الرادع الرئيسي لحمـــ اس في الضفة الغربية، خاصة عندما يتعلق الأمر بإحباط الأعمال العدائية المخطط لها في المدى القريب، على الرغم من التعاون الوثيق مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الحرب على "الإرهاب".