الإهمال الطبي والانتظار يقتلان الاسرى
بقلم الأسير أيمن عبد المجيد
إن الأهمال الطبي بحق الأسرى الفلسطينيين سياسةٌ قديمةٌ حديثة، وتعتبر إحدى أدوات الانتقام من الأسرى وذويهم، وهذه السياسة ليست شعاراً لفظي يتجنى به على إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ،إنما هي تطبيقٌ عمليٌ في حق الاسرى مع سبق الاصرار والترصد هدفه القتل البطيء والمتعمد والذي يرتقي لجرائم حرب ،فإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وبطريقة ممنهجة تقوم بالتأثير المباشر وغير المباشر على الصحة الجسدية والنفسية للأسرى عن طريق سلسلة من الإجراءات والممارسات المتبعة فمن سياسة الاهمال الطبى المقصود من خلاله المماطلة في العلاج ،والاكتفاء بالحد الأدنى من الرعاية الطبية واللامبالاة عند الحالات الخطرة والتنكر لأى إلتزام لتوفير الرعاية الصحية اللازمة والفحوصات الدورية للأسرى وهذا ما حصل مع الكثير من شهداء الحركة الأسيرة والذي كان آخرهم الشهيد الاسير سامي العمور رحمه الله.
البيئة السيئة التى يعيش فيها الأسرى والتى لا تتفق مع المعايير الدولية والتنصل المتعمد من إدارات السجون من إلتزاماتها إزاء احتياجات النظافة الشخصية ،وعدم إتخاذ التدابير للحفاظ على صحة الاسرى وضمانات السلامة كما حصل في يناير ٢٠٢٠ عندما إجتاحت كورونا السجون حيث قامت إدارة السجون بتقليص ومنع شراء كل مستلزمات التنظيف والتعقيم إضافة لعدم توفر الأطباء والممرضين الأكفاء والمؤهلين والعيادات المناسبة وصولاً لمنع أي طبيب من الخارج من معاينته ومعالجة الحالات الخاصة ناهيك عن ما يتم فرضه من الأعباء المالية على الأسرى وإجبارهم على تغطية النفقات العلاجية التى أقرّ الأطباء بلزومها كالنظارات وأجهزة السمع والأحذية الطبية وغيرها، وما يزيد الطين بلة الانتظار الزمني الطويل للحصول على تحويلة للمستشفيات الخارجية لإجراء الفحوص أو العمليات. لم تكتفي إدارة مصلحة السجون بكل ذلك بل إنها تفننت في سياسة الإذلال الممنهجة في رحلة العلاج العذاب ،فالمماطلة المقصودة في عملية النقل ذهاباً وإياباً من السجن وإلى عيادة إيشل أو المستشفى مستشفى الرملة والتى تحتاج بالوضع الطبيعي أقل من ساعتين ولكنها تصل إلى 60-70 ساعة، رحلة العذاب هذه والتي يبقي الأسير فيها مكبل اليدين والقدمين والجلوس على مقاعد من حديد ،ولا يسمح له باستخدام المرحاض ولا يقدم له الطعام والشراب أثناء السفر فى البوصطة يدفع الكثير من الأسرى المرضى للتخلى عن حقهم في العلاج هرباً من العذاب، كل هذه الإجراءات والممارسات طالت ثلة من شهداء الحركة الأسيرة والذين قضوا نحبهم مثل الشهيد ميسرة أبو حمدية وبسام السايح وسعدي الغرابلة وكمال أبووعر وسامي أبودياك والقائمة طويلة.
والسؤال ماذا مع من لا زال ينتظر؟ كالأسير معتصم رداد والاسيرة إسراء الجعابيص وناصر أبو حميد وأيمن الكرد ونصري عاصي ومحمد جبر الحروب وغيرهم من الأسرى المرضى، لاشك أن الاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عن جر ئمه في حق الأسرى ولكن هناك مسؤولية وطنية وأخلاقية ودينية تقع على عاتق كل مسؤول فلسطيني فلقد حان الوقت لإنقاذ حياة الاسرى من خلال صفقة تبادل مشرفة لأن أسرانا وشعبنا يأس بأن يتم الأمر بغير هذه الطريقة.