التعليمُ فسحةُ الأسرى

بقلم: ماهر حمدي  


مع كل ما تميز به الأسير الفلسطيني من حب للمعرفة والإبداع إلا أن الاعتقال سبب له تأخر عن مجتمعه في الخارج في عدة مجالات وذلك أن الحياة في الخارج لا تقف بل هي مستمرة وتتحدث في كل دقيقة، أما داخل الاسر فالحياة تقف عن التقدم والتطور وتدور في دائرة الروتين اليومي، لذا تعتبر لحظة دخول المنهاج التعليمي الأكاديمي عام ٢٠١٠، إلى داخل السجون نقطة تحول فارقة في حياة الأسير سواء ًعلى الصعيد النفسي والوعي الثقافي والتفاعل الاجتماعي وغيرها.

فعلى الصعيد النفسي، أصبح الأسير يشعر بأنّه مواكب للحياة في الخارج وأن فرصة التعليم لم يحرم منها بعد الآن، وأن بإمكانه التقدم بالعلم والحصول على شهادات أكاديمية عليا كباقي أفراد المجتمع، والذي سيوفر له فرصة للتغيير وتساعده بالقيام بدوره الاجتماعي الذي خلق من أجله في إعمار هذا الكوكب بكافة النواحي الاجتماعية والبيئية والإنسانية، وقد ألقي التعليم الأكاديمي ظلاله بشكلً واضحً وجلي على وعي الأسير الثقافي في عدة مجالات، وذلك؛ بسبب تنوع المنابع الثقافية والتخصص في المجالات الدراسية البعيدة عن واقع السجن، مما جعل الأسير يشعر بأنه مواكب للعالم الخارجي وخاصة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ساعدهُ بأن يخرج بروحه وفكره خارج هذه الأسوار، وقد أثّر هذا التطور على حياة الأسير الاجتماعية أيضاً سواءً داخل السجون أو خارجها؛ لأن الأسير عرف قيمة الوقت وأهميته الذي سخره الله سبحانه وتعالى له داخل هذه السجون، وأصبح معظم وقته يمضيه بالقراءة والبحث والتطوير؛ مما جعل حديث الاسرى الطبيعي مناقشة في قضايا مهمة تم أثارتها في المحاضرات الجامعية، ولابد لنا هنا من ذكر باب الأمل والحياة الذي فُتح للأسير بعد تمكنه من الحصول على فرصة التعليم الأكاديمي الذي أثبت بأنّ الحياة لا تنتهي بالاعتقال وأن العملية النضالية والصراع مع الاحتلال لا يتناقض مع الحياة وأنه هناك بالخارج حياة بانتظارنا وأن هناك دور اجتماعي علينا لابد من القيام به ونستعد له بالعلم والتعلم.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023