هآرتس
مقال التحرير
ترجمة حضارات
دعوا الأرشيف يتكلم
ارتكب جنود الجيش الإسرائيلي جرائم حرب خلال حرب استقلال "إسرائيل"، وعلى رأسها مذابح في القرى الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها في المعارك الحاسمة في الجنوب والجليل والنقب. وروى الناس في ذلك الوقت عن القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين على أيدي الجنود الذين احتلوا قراهم، وعن فرق الإعدام، وعن تجمع عشرات الأشخاص في مبنى مفجر، وعن تحطيم جماجم الأطفال بالعصي، وعن عمليات اغتصاب عنيفة وعن أمر السكان بحفر الحفر التي قُتلوا بداخلها بالرصاص.
المجازر أشهرها والمعروفة في دير ياسين قرب القدس، والأقل شهرة في دويما والحولة والرينا وصالحة وميرون والبرج ومجد الكروم وصفصاف إنها جزء من التراث القتالي للجيش الإسرائيلي ومن تاريخ "إسرائيل"، بما لا يقل عن المعارك البطولية في ميتلا، وتل الذخيرة والمزرعة الصينية، حيث قاتلت الجيوش النظامية.
لكن دويما لا يتم تدريسهم في نظام التعليم الحكومي، والطلاب في مدرسة الضباط لا يتجولون في بقايا القرية التي أقيمت فيها موشاف أماتسيا لا يقرأون شهادات الناجين من المذبحة ولا يناقشون المعضلات الأخلاقية للقتال في البيئة المدنية، على الرغم من أنه حتى اليوم، كما في عام 1958، فإن الكثير من العمليات العملياتية للجيش موجهة ضد الفلسطينيين العزل.
هذا الصمت ليس صدفة ومطلوب من فوق، كانت المذابح معروفة في ذلك الوقت، وأدينت من قبل النخبة السياسية، وتم التحقيق فيها إلى حد ما، حتى أن ضابطًا تمت مقاضاته بتهمة قتل مدنيين، وحُكم عليه بعقوبة سخيفة، وعُيِّن لاحقًا في منصب عام مهم.
لكن "إسرائيل" الرسمية هربت منذ ذلك الحين من القصة وتبذل قصارى جهدها لمنع كشف الجرائم وإخفاء الأدلة المتبقية من الأرشيف، المؤرخ آدم راز (ملحق هآرتس، 10.12) كشف لأول مرة عن التبادلات التي جرت في اجتماعات الحكومة، والتي تناولت "السلوك العسكري في الجليل والنقب" في العمليات الكبرى في تشرين الأول (أكتوبر) 1948.
وأعرب بعض الوزراء عن صدمتهم الحقيقية وطالبوا أن يعاقب المسؤولون؛ رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون تحدثا عن "أعمال مروعة"، لكن عمليا تم التغاضي عن أفعال الجيش ولم يجرِ تحقيق حقيقي، وبذلك أرسى الأسس لثقافة الدعم والتغاضي التي تمارس حتى يومنا هذا في الجيش الإسرائيلي (والشرطة الإسرائيلية) فيما يتعلق بإيذاء المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.
دولة تبلغ من العمر 73 عاما يجب ألا تهرب من ماضيها وتغطيه بالبطانية الزائفة من "نقاء السلاح" و "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم".
حان الوقت للاعتراف بالحقيقة، وقبل كل شيء الكشف عن تقرير المستشار القانوني، يعقوب شمشون شابيرا، حول مذابح خريف عام 1948 المظلم، يجب إزالة الأسطر المحذوفة من محضر اجتماع مجلس الوزراء حيث عرض نتائجه، ونقاش عام حاد حول أهميتها المعاصرة.