موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
بدأت تركيا في تبني سياسة إقليمية جديدة تنعكس في ذوبان الجليد بينها وبين عدة دول في المنطقة مثل مصر و"إسرائيل" والإمارات العربية المتحدة. قام ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، في 24 نوفمبر، بزيارة إلى تركيا والتقى بالرئيس أردوغان، حيث تم خلال الزيارة توقيع اتفاقيات اقتصادية مهمة شملت 10 مليارات دولار استثمارات في تركيا، سيبدأ الرئيس أردوغان في زيارة متبادلة إلى أبو ظبي في فبراير / شباط المقبل، على رأس وفد اقتصادي كبير.
كان هناك توتر كبير بين تركيا والإمارات العربية المتحدة بشأن الصراع على المياه الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط، ودعم الإمارات العربية المتحدة لنظام الرئيس المصري السيسي، ومحاولة الرئيس أردوغان لدفع سيطرة الإخــــ وان المسلمين على مصر.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل تركيا بحزم ضد محمد دحلان، المستشار الأمني للشيخ محمد بن زايد، الذي يتهمه بالتورط في مقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول، وتشغيل فرقة تجسس إماراتية على الأراضي التركية، حتى أن تركيا قدمت طلبًا إلى الإنتربول لتسليم محمد دحلان إليها بغرض محاكمته.
من غير المعروف في هذا الوقت ما الذي سيفعله الرئيس أردوغان والشيخ محمد بن زايد في اللقاء بينهما بشان محمد دحلان.
قرر الرئيس أردوغان تغيير سياسته تجاه بعض الدول في المنطقة، ومن يساعده ويتصدر هذا الجهد السياسي رئيس المخابرات التركية كان فيدان، الذي يعتبر نفسه خليفة محتملاً لأردوغان بمجرد تنحيه عن الساحة السياسية.
قرر الرئيس التركي أردوغان سياسته الجديدة لعدة أسباب:-
اعتبارات داخلية للوضع في تركيا، لا سيما الأزمة العميقة في الاقتصاد التركي، وانهيار الليرة التركية، ومحاولة تحسين الوضع الاقتصادي قبل انتخابات 2023.
المتغيرات الدولية، التي تعود بشكل أساسي إلى تغيير الإدارة في الولايات المتحدة ودخول الرئيس الأمريكي جو بايدن، يريد أردوغان إرضاء الرئيس الأمريكي الجديد وإظهار أنه يسعى للمصالحة والسلام، لذلك بدأت الخطوات التحضيرية للمصالحة مع مصر والإمارات و"إسرائيل" وفتح الحوار مع اليونان.
تركيا لديها مشاكل في القوقاز والبلقان، ولديها صراعات في سوريا والعراق وكذلك مشاكل مع إيران وليبيا وتشعر بالعزلة.
لتركيا مصالح في منطقة البحر الأبيض المتوسط وهذا يتطلب منها أن تكون لها علاقات جيدة مع مصر و"إسرائيل".
تنص السياسة التركية الجديدة على ضرورة تقليص احتكاك تركيا مع دول المنطقة وتخفيف التوتر في العلاقات، والدافع الرئيسي لهذه السياسة هو حماية المصالح الاقتصادية لتركيا ومكانتها الإقليمية.
بعد عودة الرئيس أردوغان من زيارة لقطر الأسبوع الماضي قال للصحفيين: "نحن مستعدون لعمل ما هو ضروري لإنهاء التوترات في المنطقة، وتتعامل تركيا مع الأمن والاستقرار في منطقة الخليج على أنه أمن تركيا واستقرارها، ونريد السلام دائمًا والأمن في المنطقة ".
الموقف من مصر و"إسرائيل"
يولي الرئيس أردوغان أهمية كبيرة للحوار مع مصر التي تعد أكبر دولة عربية في المنطقة، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد تولي الرئيس السيسي الحكم.
قاد رئيس المخابرات التركية كان فيدان عملية المصالحة بين تركيا ومصر في الأشهر الأخيرة، حتى الآن كان هناك اجتماعان بين ممثلي البلدين لم يفضيا بعد إلى عودة السفراء.
تركيا من جانبها اتخذت إجراءات بناء الثقة تجاه مصر، واضطر بعض قيادات الإخـــ وان المسلمين الذين فروا من مصر وحصلوا على اللجوء السياسي في تركيا إلى مغادرتها والانتقال إلى دول إسلامية أخرى مثل ماليزيا وإندونيسيا.
تدير جماعة الإخـــ وان المسلمين قناتين تلفزيونيتين باللغة العربية من تركيا، هما الشرق ومكملين، وكان تركيزهما الأساسي حتى وقت قريب هو مهاجمة النظام المصري في بثهما.
وتقدر مصادر تركية أنه سيكون من الممكن في ربيع هذا العام الحديث عن تبادل سفراء بين تركيا ومصر.
بخصوص "إسرائيل"، لا يزال الوقت مبكرا، وربما يحدث ذلك في الصيف المقبل.
كل هذا يتوقف بالطبع على حقيقة أنه لن يحدث أي شيء خارج عن المألوف في المنطقة يدفع أردوغان إلى تغيير السياسة الجديدة التي بدأ في تبنيها.
في الأسبوع الماضي، أشار الرئيس أردوغان إلى العلاقات مع "إسرائيل" في حديث مع الصحافيين، قائلاً: "على "إسرائيل" أن تكون حساسة للغاية تجاه المشكلة الفلسطينية، فعندما نرى الحساسية اللازمة من جانب "إسرائيل"، سنفعل ما هو ضروري"، وأضاف: ويمكن تعيين سفيري تركيا و"اسرائيل" مع مراعاة الحساسية اللازمة ".
ربما كانت رغبة أردوغان في الاقتراب من "إسرائيل" هي سبب اعتقال الزوجين الإسرائيليين، وإطلاق سراحهما بعد الاشتباه في قيامهما بالتجسس، في حين أن تركيا من ناحية أخرى غير مستعدة للتخلي عن مشاعرها الإسلامية العدائية.
على سبيل المثال، في 4 كانون الأول (ديسمبر)، بدأت محاكمة 16 عربيًا متهمين بالتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي في تركيا وطالب المدعي العام التركي بالحكم عليهم بالسجن لمدة تصل إلى 20 عامًا، على الرغم من أنه من الواضح لكلا البلدين أن "إسرائيل" لا علاقة له بالقضية.
كما أن تصريحات أردوغان المناهضة لـ"إسرائيل" كانت غائبة منذ إطلاق سراح الزوجين الإسرائيليين من الاحتجاز في تركيا.
في 24 نوفمبر، قال أردوغان: "سندافع عن فلسطين حتى النهاية" في أول بيان بعد الإفراج عن الزوجين أوكنين.
في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي أمام الجمعية البرلمانية لمنظمة التعاون الإسلامي، خاطب "إسرائيل" وقال:-
"نرى فلسطينيين يقتلون في وسط الشارع، ويطلقون على الأطفال الفلسطينيين الأبرياء إرهابيين، وأضاف "بفضل مقـــ اومة إخواننا الفلسطينيين، فشلت هذه السياسة التي حاولت ردع فلسطين عن هدفها النبيل في الوصول إلى هدفها، والحمد لله، بسبب هذه السياسة، فشلت جهود التطبيع في المنطقة على الدوام".
"إسرائيل" تتراجع ولا ترد على تصريحات أردوغان، فهي غير مهتمة باستياء العلاقات لكن من الواضح أن الرئيس التركي متأثر جدا بما يجري في الضفة الغربية ومن الصعب توقع ردود أفعاله.
على الرغم من ذلك، وفقًا لمصادر سياسية في تل أبيب، هناك نية للمستوى السياسي في "إسرائيل" للارتقاء التدريجي للعلاقات مع تركيا والعودة بمرور الوقت إلى العلاقات الدبلوماسية الكاملة التي ستشمل أيضًا استبدال السفراء.