أوكرانيا أفغانستان 2

ليلي أبو ارجيلة

باحث فلسطيني

بقلم: ليلي أبو ارجيلة



لم يمضي على خروج آخر جندي أمريكي، من أفغانستان، أكثر من 6 شهور، عندما تخلت الولايات المتحدة، عن أفغانستان، وعن حلفائها، وعن عملائها ومتعاونيها، في تلك المنطقة وتركتهم يواجهون مصيرهم المحتوم، أمام طالبان، خطوة أظهرت جو بايدن، كشخص لا يفقه شيء في السياسة الخارجية، والقدرة على إنهاء حرب استمرت 20 عاما، فأظهرت بوضوح أن المتعلق بالولايات المتحدة، سيأتي وقت وتتخلى عنه، مهما طال الزمن.  

اليوم يتكرر المشهد، عندما نسمع خطاباً هزيلاً، لنفس الرئيس يعلن فيه عن عقوبات اقتصادية، يهدد بها بوتين، ويحاول ثنيه، عن غزو أوكرانيا ،وفي نفس الوقت يخشى على مواطنه الأمريكي، من فاتورة الوقود لتلك السيارة الأمريكية الفارهة، أوكرانيا وجدت نفسها في مأزق، كما وجدت أفغانستان، نفسها في مأزق من قبلها، بين ليلة وضحاها، فما عوّل عليه الرئيس الأوكراني، كان سراباً، و قد لا تتسنى له فرصة للبقاء، منتظراً تحقيق ما عوّل عليه، من حلفائه الذين أعادوا الحسبة، فما ستخسره في هذه الحرب، أكثر بكثير مما سوف تربحه.  

فأكثر من 40% من الغاز الروسي، تستهلكه ألمانيا، فيما يحصل الاتحاد الأوروبي على 30% من الغاز الروسي، بينما تحتاج إيطاليا 20% أيضا من الغاز الروسي، وتحتاج فرنسا لسد حاجتها من الغاز الروسي إلى 18%، وتحصل عليه من روسيا، (المرجع الملحق الاقتصادي ذا ماركر، من جريدة هآرتس العبرية، 18/2/ 2022)، وفي اللحظة التي تتقلص فيها قوة القطب الأمريكي، وتظهر ضعفه مرة بعد مرة، تارة عند انسحابه من أفغانستان، بتلك الطريقة التي بدت كهروبٍ من المكان، إلى تلك القوة العظمى، وتارة في مفاوضاته مع إيران، وسعيه بكل جهد لإعادة إيران، إلى إتفاق بدا واضحاً تماماً، أن الإيرانيين وصلوا الى نشوة السعادة، من هذا الاتفاق، ويستمر الرئيس العجوز، بتعثره ليتحمل الآن، كل ما سيحصل في أوكرانيا.  

نرى بالمقابل، تعاظماً لقوة الدب الروسي، والذي نراه يتمدد في المنطقة شرقاً وغرباً، وعلى كل الجبهات، من تواجده في سوريا، أو ليبيا، أو شرق أوروبا، أوآسيا الوسطى، وفي كل مكان، يمكنه التواجد فيه، كقوة عسكــ ـرية على الأرض.

يبدو أن بوتين، يحسن استغلال الفرص، ويقرأ الخارطة بشكل صحيح.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023