بقلم الكاتب:
إسلام حسن حامد
6 آذار- 2022م
يجب الانتباه جيدًا في فلسطين، لأننا سنكون جزءًا من ارتدادات المعركة في أوكرانيا، حيث يعتبر الموقع الجغرافي لأوكرانيا الواقع شمال البحر الأسود والتي تنتمي لقارة أوروبا بعيد نسبيًا.
الحديث هنا ليس عن البعد الجغرافي الذي يمنع التفكير العقلاني حول الأزمة بين روسيا وأوكرانيا وارتداداتها ومطلب كل منهما، بل الحديث عن تمدد المعركة لتصبح الشكل التقليدي للصراع الدائر بين الشرق والغرب والذي له أنماط وتباينات أصبحت جزءًا من الذاكرة البشرية المعاصرة.
إن تداعيات الأحداث الراهنة من اجتياح روسيا والمقاومة الأوكرانية له، والتجييش الدولي لصالح الأطراف المقاتلة في الميدان الأوكراني، لن يبقى محصورًا في تلك البقعة الجغرافية، فعلى مدار سنوات ماضية قامت روسيا بعقد تحالفات مختلفة لها أبعاد كثيرة في الشرق الأوسط، منها سوريا وليبيا ودول أخرى، وأقامت قواعد عسكرية بتنوعها التسليحي والتكنولوجي، وعلى وقع المعارك الدائرة اليوم، يستعرض كل طرف حلفاءه وقوتهم من قدرات عسكرية وتكنولوجية وبشرية، كون المقاربات تقع حول تلك القدرات بشكل أساسي.
امتدادات المعركة تشمل الحلفاء البعيدين جغرافيًا عن ميدان القتال، سوريا في قلب الحدث، هكذا يتم النظر إليها من قبل روسيا بتواجدها العسكري البارز من جهة، ومن جهة أخرى الكيان الصهيوني الذي يتحين المساهمة مع العالم الحر كما يعتقد لنصرة النظام الأوكراني برئيسه يهودي الديانة، وشعبها الأوروبي الذي تحويه الدولة.
من جديد، ليس الحديث عن نقل قوات من سوريا والكيان الصهيوني للقتال الميداني في أوكرانيا، بل ما يمكن أن يحصل من ردات الفعل التي ستقع باستحداث في شكل المعركة الدائرة على الأرض السورية منذ سنوات، هذا ما يقلق الكيان الصهيوني ويزيد من تخوفاته الاستراتيجية حول شكل اليد الحرة التي لديه، والتي امتدت لكل مفاصل الدولة السورية بشعبها وأرضها ومقدراتها.
المعلوم أن الكيان الصهيوني بشكل أساسي يراهن على القوة الجوية لديه، والتي يمكن أن تتعرض للخطر اليوم من تغيير بسيط، وذلك بتغيير من يتحكم بمنظومة الـ S300 ومنظومة الـ S400 المنصوبة في سوريا، هذا من جانب، ومن جانب آخر للمشهد طلب الكيان الصهيوني من القيادة التركية إخراج القيادة الحمساوية من أراضيها، في محاولة من الكيان الصهيوني لزيادة الضغط على حركة حماس لوقف توسعها في المنطقة العربية والمحيط الإقليمي، هذا بما يحقق مصالح الكيان ومن معه من دول عربية كالسعودية ومصر والإمارات ومن يقف في نفس الصف مع الكيان الصهيوني.
لكل متابع، الأزمة معروفة بكل أشكالها لدى قيادة حركة حماس، ولذلك تسعى بكل قوتها لتغيير المشهد في المنطقة لصالح القضية الفلسطينية، جزء من هذا التغيير يتمحور حول إعادة قراءة المعركة الدائرة في أوكرانيا بتحالفاتها وارتداداتها، بما يقود حركة حماس من جديد للنظر في إمكانية العودة للأرض السورية بشكل متدرج، تصحيحًا للإشكال السابق الذي أدى إلى خروج قواعدها المتقدمة شعبيًا وعسكريًا من سوريا، وذلك ضمن ترتيب حمساوي إيراني سوري لتلك العودة، وبما يشكل في نفس الوقت إعادة ضبط الاختصاصات في المنطقة ضمن المصالح المشتركة بما يتوافق مع تشكل نظام عالمي متعدد القطبية كما هو ملاحظ من المعركة في أوكرانيا، والمشاركة في إعادة ضبط الاختصاص مع دول المعارضة أو المقاومة العربية، ومع دول الأحلاف التي تدور في ذات الاتجاه.
قد يؤدي ذلك إلى دفعة سياسية وعسكرية لحركة حماس من خلال التواجد على الأرض السورية، ومنه أيضًا زيادة الزخم لدى الحركة في المحيط العربي والإسلامي، مما يساهم بكل تأكيد في دعم المعركة القائمة ضد الكيان الصهيوني، الفرصة متاحة اليوم قبل عودة سوريا للمشهد بإمكانيات روسية إيرانية جديدة، كردة فعل لما يحصل في الميدان الأوكراني، والذي بناءً عليه قد تُفرض شروط يمكن أن تشكل في حينه عقبة لعودة حماس إلى سوريا.
إن كان بقاء حركة حماس في زاوية الفعل الميداني ومنه السياسي في المنقطة سيبقى على حاله في حال تغيرت الخريطة الجيوسياسية في المنطقة وتحديدًا في سوريا، وعليه استباقًا لما قد يحصل، هناك أصوات عقلانية تنادي بدراسة المشهد الحمساوي السوري بما يقود إلى تمكين الحركة بفعلها السياسي والعسكري في الميدان.
المصالح تقدم دائمًا بما يتوافق مع المبدأ والفكرة المتمحورة حول تحرير فلسطين كل فلسطين، التحولات دائمًا تقع، لكن يجب أن تكون في الوقت المناسب حتى تأخذ الموقع في المشهد الإقليمي الأمامي للصورة.