الحاضنة الشعبية الهدف الأول لمخابرات الاحتلال

بقلم الأسير: 
أيهم الكرمي  

لو تجولت في شوارع رام الله و تأملت الجدران جيداً ستجد مرسوماً عليها صورة الشهيدين عادل وعماد عوض الله باللون الأخضر والأحمر وستجد أيضاً ملصقات كثيرة للأسير مروان البرغوثي، ولو قررت زيارة مخيم جنين؛ فيسهل عليك أن تقرأ مكتوباً على كل جدار في أزقة المخيم عبارة الشهيد البطل محمود طبنجة أو عبارة الشهيد البطل أبو جندل أو عبارة الأسير القائد جمال أبو الهيجا، واذا قررت أن تزور قرى الضفة وغزة ومخيماتها جميعاً فحتماً ستجد على الأقل عشرات الملصقات والعبارات التي تخلد شهداء كل موقع وتمجد أسراه كلٌ باسمه وانتمائه لفصائله في صورة واضحة في التفاف الحاضنة الشعبية خلف كل مقاوم وحجم التمجيد الذي يحظى به من يقارع الاحتلال بدأً من الملصق "البوستر" والأناشيد التي تحمل اسمه وصولًا إلى ترداد اسمه في كل مناسبة، وعبارة حط السيف قبال السيف إحنا رجال محمد ضيف هي خير مثال على ذلك.  

تدرك أجهزة استخبارات العدو حجم الخطورة التي يحدثها هذا الالتفاف والتمجيد الشعبي والذي يزيد من ايمان الناس بضرورة المقاومة والمواجهة مهما كانت الأثمان والذي يزيد أيضاً من فرص انتقال "عدوى المقاومة"، لذا فهي تسعى جاهدة إلى تصفير هذا الالتفاف من خلال أما المس من شخص المقاوم وعائلته والمس بسمعتهم باستعمال سلاح الدفاع والحرب المعنوية أو من خلال ملاحقة كل من يظهر اعتزازه والتفافه حول خيار المقاوم والمناضل، ويظهر ذلك جلياً في الأحكام الرادعة والتي تعطى لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فقط لأنهم أبدوا اعتزازهم للمقاومين على صفحاتهم، ولكن وفي الفترة الأخيرة وتحديداً في مدن الخط الأخضر المحتلة عام 1948 بدأ العدو باستعمال سلاح جديد وهو سلاح "تبرئ المجتمع" أي إظهار المجتمع المحيط المقاوم على أنه يسعى جاهداً للتبرؤ من هذا الفعل الفظيع ومن صاحبه وإظهار الفعل النضالي بأنه فعل شاذ لا يمت الى العائلة أو القرية بصلة وهم منه براء ،وهنا ظهر ذلك جلياً بعد عملية الشهيد محمد أبو القيعان في بئر السبع حيث عمد الإعلام الإسرائيلي والموجه بالطبع من المخابرات الصهيونية عمد إلى عمل قدر كبير من المقابلات مع بعض الدوائر المحيطة بالشهيد كبعض أفراد العائلة أو رئيس المجلس المحلي للقرية أو جيرانه وسعت وسائل الإعلام العبرية إلى التركيز على عبارة الشجب والاستنكار للعملية البطولية من أفراد عائلته مستغلة أما خوفهم على مصالحهم التجارية وأعمالهم أو تواطؤ البعض مع الجهاز المخابراتي والهدف الأكبر والأول هو كي لوعي أهلنا في الداخل وإظهار المقاومة على أنها عار يلحق المقاوم وعائلته، ولهذا فالمطلوب منا:  

أولاً -هو عمل توعية مستدامة في أساليب الاحتلال لتصغير الحاضنة الشعبية وتقزيمها والرد على هذه المحاولات كعمل حملات تمديد وتكبير على مستوى الوطن والشتات، لكل مقاوم وتمديد لكل فعل نضالي مهما كبر أو صغر على هذه الأرض وإظهار كل معاني التضامن معه ومع عائلته ثم إظهار الأصوات المتبرئة على أنها أصوات شاذة وطابور خامس مدفوع لا يمثل إلا نفسه وشن أكبر هجوم اجتماعي عليه والدعوة الى مقاطعته اجتماعياً أو مقاطعة مصالحهم التجارية حتى يكون عبرة لمن يعتبر وإظهارهم بمظهر الخائن الذي سيدفع الثمن عاجلاً أو أجلاً.  

وختاماً، فالتاريخ أكبر حكم و المقاومون لا يضرهم من خذلهم.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023