"استقالة الخميرة" مبيّتة - الائتلاف في أزمة!

فالح حبيب

محلل سياسي

مكان

بقلم:
 فالح حبيب



أكثر شخص سعيد هو أكثر شخص مضغوط وبحاجة لأعصاب من حديد، نعم نتنياهو!*.

استقالة رئيسة الائتلاف النائبة "عديت سيلمان" تخلط الأوراق وتُضعف الائتلاف الهش أصلا كميا ونوعيا، لم يعُد هناك "61 إصبع" وكونها أيضا رئيسة للائتلاف هي الأخيرة التي يجب أن تُفككه بالمنطق السياسي الطبيعي، لكنها لا تكتب شهادة وفاته بعد.
 سيلمان لم تُقدم استقالتها بسبب "الخبز والخميرة" كما يعتقد البعض وخلافها مع حزب ميرتس ووزير الصحة "هورفيتش"، بل هي استقالة مبيّتة انتظرت خلالها "سيلمان" لنقطة الخروج الآمن التي تضمن لها شق طريق خروج آمن، سيلمان لم تصمد أمام ضغوطات اليمين الكبيرة ولكي تتمكن من أن تصمد عليك أن تكون سياسي من جبلة أخرى، جبلة فولاذية غير موجودة، سيلمان أمّنت مستقبلها السياسي ما يؤكد أن الاستقالة مبيّتة ومخطط لها، فقد حصّلت المقعد العاشر تحصينا في الليكود ووزيرة صحة بأي حكومة يُقيمها نتنياهو، بحسب اتفاق بينهما!  

ما يجري حتى اللحظة يُعيدنا إلى سيناريو "إلا نتنياهو"، والسؤال كيف سيتمكن نتنياهو من تشكيل ائتلاف حكومي من خلال هذه الكنيست مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مَن بدأ يُغرّد لضرورة منح الفرصة لنائب معارض آخر رغم التأتأة والخوف السياسي حاليًا!

أما الرابح الأكبر عند تفكيك الكنيست، ربما وبشكل مستهجن على بعضكم، هو رئيس حزب هناك مستقبل، وزير الخارجية، يائير لبيد الذي سيكون رئيسا للحكومة بحسب الاتفاق الائتلافيّ، فترة يمكنه استغلالها لتعزيز قوته السياسية خلالها وربما أمور أخرى من خلال تقريب بعض الأحزاب له، أما مَن لا يريد هذا ولا ذاك هو رئيس الحكومة الحالي نفتالي بينيت الذي ربما سيفقد الحكومة وكذلك ربما حزبه الذي يتفكك، بالكاد في استطلاعات كثيرة يجتاز نسبة الحسم.

الموحدة حتما مضغوطة بشكل آنيّ؛ لأن تفيكيك الائتلاف في هذه المرحلة سيُبقيها مع إنجازات منقوصة، مع التشديد أن لديها "قاعدتها الولائية" أو المخلصة التي ستبقيها في المشهد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الموحدة ستبقى تلك القائمة التي ليست يمينا وليست يسارًا ما يُبقي لها مساحة المناورة كبيرة، حتى وإن حاول نتنياهو نزع الشرعية عنها واعادتها إلى مرحلة ما قبل "كسر طابو" التعاون مع النائب العربي كشريك سياسي محتمل وطبيعي في أي ائتلاف.


المشتركة كان يمكنها أن تبقى في العناوين من خلال الغموض السياسي وترقب تحركاتها بتلهف، لكن مركباتها الجبهة والتجمع حسما موقفهما وقطعا هذه الحفلة من خلال تصريحات النائبين أيمن عودة وسامي أبو شحادة اللذان أكدا أن المشتركة لن تكون شبكة أمان لا لنتنياهو أو بينيت، ومَن بقي يُحافظ على الغموض والتزم الصمت وأبقى الأمور مفتوحة كالعادة النائب أحمد طيبي والعربية للتغيير، وأكد ذلك من خلال تغريدة على تويتر "صباح جيد" ليقصد الجيد أكثر من الخير، بمعنى جيد بكل الأحوال من وجهة نظره للكثير من الاعتبارات.


فقط للتوضيح! الحكومة لم تسقط بعد، لأن إسقاطها بحاجة لواحد وستين "61" مقعدا، لكن بكل الأحوال ستبقى في الكنيست مشلولة مُعطّلة لا يمكنها تمرير مشاريع قوانين وقرارات وستبقى رهينة ورحمة كل مرة حزب أو نائب آخر ومع مفاوضات مستمرة وابتزاز أكثر وأكبر. بكل الأحوال وضع كهذا يُقصّر عمرها، لأن الصمود بمثل هذه الوضعية السياسية بحاجة لجبلة فولاذية غير موجودة لدى الكثير من السياسيين.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023