علينا الاهتمام بالجــ ـبهة الثانية

ليلي أبو ارجيلة

باحث فلسطيني

ليلي أبو ارجيلة


فما يقــ ـاتل الجنود في أرض المعــ ـارك، يحدثون الدمــ ـار والقتــ ـلى، ويحققون أحياناً انتصاراتهم على هذه الجبــ ـهة، بعيداً عن هذه الجغرافيا في أماكن متعددة ووسط البيوت الآمنة، وعلى المقاعد الفخمة فهناك البيوت والمقاهي، تدار معــ ـركة أخرى على تلك الجــ ـبهة معــ ـركة الوعي ... معــ ـركة الرواية.

(إسرائيل تواجه حمــ ـاس على جبهتين، عســ ـكرية وتوعوية، ليس المهم كم "إسرائيل" قوية في الجبــ ـهة الأولى، ففي نهاية الأمر تخضع وتطوى ليلها، بسبب الجبهة الثانية) "أفراين سنه، يديعوت أحرونوت، أمام واقع صعب، 12-5-2022".

فمنذ التفكير بإنشاء وطن قومي لليهود، والحركة الصهيــ ـونية، والقائمين على هذا المشروع، يحسنون اقتناص الفرص.

فاستغلوا الحــ ـرب العالمية الأولى، فحطموا الحصن الأول للأمة الإسلامية، وفككوا ودمروا الإمبراطورية الإسلامية، وتقاسموا تريكتها.

فكانت سايكس بيكو، وجاء وعد بلفور، ووضع الصهــ ـاينة حجر الأساس لكيانهم الغاصب، ففي هذه الظروف استغل الصــ ـهاينة الفرصة، وترجموها إلى رخصة حقيقية مختومة من الغرب لإنشاء دولتهم.

أما الفرصة الثانية فكانت بعد انتهاء الحــ ـرب العالمية الثانية، عالم منهك مدمر، قتلى بالملايين، قوى عظمى انحسرت وبرزت قوى جديدة فجاء الصهــ ـاينة، وأعلنوا قيام دولة المسخ، وافتتحوها على دماء وأشلاء الفلسطينيين.

لم يكن المجتمع الدولي والعالم، بحالة تسمح له بالإصغاء إلى صوت الفلسطيني، المذبوح والمهجر والمأسور، على يد أصحاب المشروع الصهيــ ـوني.

فأحسن الصهــ ـاينة استغلال تلك الفرص والظروف، وجيروها لصالح مشروعهم على حساب الشعب الفلسطيني، الذي قدم قربان للمشروع الصهــ ـيوني، ومكافأة لجهوده وتكثيراً من الغرب على ما اقترفوا وأجرموا بحق اليهود.

نكبوا شعبنا بمكافأة الغرب.

نكبوا شعبنا وما زالوا يتباكون أمام العالم، ويصورون أنفسهم أنهم الضحية.

مبدعين بالتمثيل أمام العالم، مبدعين باستغلال الفرص واقتناصها.

فيما تنتهك حرمات الفلسطيني، ويذبح ويقتل على مرآة على عيون العالم، فتستباح مقدساته ومستشفياته، ولا يسلم حتى الموتى من تلك الاعتداءات والانتهاكات، على أيدي الحقد الصهيونية.

إلا أننا لا نحسن استغلال الفرص!!

(يقول أفراين سنه؛ الموضوع المهم أنه يوجد أشخاص كثر في الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، لا يعلمون، ولا يكرهون، لكنهم ينجرفون، وهذا يشمل جزء من يهود الولايات المتحدة، والتي تسند "إسرائيل" (بقوة استراتيجية ... لا نستطيع السماح لأنفسنا بفقدانهم)، "نفس المرجع السابق".

فالعالم هو الجبــ ـهة الثانية، تدور عليها تداعيات المواجهة، التي تدور على الجبــ ـهة الأولى، فمتى انتصرت على هذه الجبــ ـهة؟ كان واجباً عليك ترجمة هذا النصر، إلى تأييد ودعم وتعاطف ومساندة على تلك الجبــ ـهة الأخرى... جبــ ـهة الوعي، والتأثير في القناعات والسياسات.

فلا بد من الالتفات والاهتمام، بشكل علمي وحقيقي بنشر وتعميم الرواية الفلسطينية، ودحض الرواية الصهــ ـيونية، وتعميم وفضح ممارساته أكثر وأكثر أمام العالم.

عدم الاستخفاف والاستهانة بهذه الجبــ ـهة، فهي التي ستحصن مقــ ـاومتنا، وتحتضن مشروع تحررنا. وان المحرك والمؤثر الأول والأساس بالرأي العام الدولي، والمؤثر في قراراته وسياسته هو الرأي العام الشعبي.

وإن تعميق الاتصالات والصداقات مع أعضاء الأحزاب المناهضة والمعادية للصــ ـهاينة، لا يكون فقد بشكرهم وانما يتوجب تدعيم مواقفهم ومساندتهم، بتزويدهم كل ما يفضح ويحرج الصهــ ـاينة، بالصوت والصورة الحية.

أفراين سنه ... خدم كوزير في حكومات الكيان الصهيــ ـوني، رئيس المركز للحوار الاستراتيجي هي أكاديمية نتانيا.                                                                                      

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023