رغم الأجواء المشحونة والخطاب المتشنج الهدوء واستقرار المنطقة مصلحة الجميع!

فالح حبيب

محلل سياسي

بقلم: الصحفي والمحلل السياسي فالح حبيب


جميع الأطراف محليًا وإقليميًا تدرك أن مطلب الساعة، هو الحفاظ على الهدوء والاستقرار، دون تأجيج الأحداث أو حتى امتطائها.

رغم الأجواء المتوترة والمشحونة والخطاب المُتشنج، الذي سبق هذا اليوم على مدار أسابيع، وازدادت وتيرته وحجمه كلما اقترب موعد "مسيرة الأعلام"، وما شهده أيضا من أحداث مؤسفة مؤلمة على نطاق ضيق هنا وهناك، من مناوشات واضطرابات مشحونة، تبقى بصغيرها قبل كبيرها مرفوضة، وإن جاءت ضمن حرب الروايات، واثبات من هو صاحب البيت والسيادة، إلا أن هذا اليوم مرّ عمليا بهدوء نسبي، لا يتماشى وحجم الأجواء المشحونة والخطاب المحموم والمُتشنج الذي سبقه، لتبدو هناك فجوة واضحة بين الأجواء والمشهد العام، الذي سبق يوم "مسيرة الأعلام" ووقائعه على أرض الواقع ما يؤكد، وبعيدا عن صور تسجيل النصر لكل طرف وطرف، أن جميع الأطراف محليا وإقليميا اجتهدت، ألا تنفلت الأمور وتنزلق إلى ما لا يُحمد عقباه ويكون هناك، "كسر للقواعد" وخرق للالتزامات المتبادلة، إذ مقارنة بأحداث العام الماضي وارتداداتها واتساع رقعتها، "هذا اليوم مسيرة الأعلام" كان هادئا نسبيا، وبامتحان النتيجة بدا أن جميع الأطراف أدركت أن مطلب الساعة، هو الحفاظ على الهدوء والاستقرار دون تأجيج الأحداث أو حتى امتطائها، من أي طرف كان وكل لاعتباراته ومصالحه.

ما يؤكد أن جميع الأطراف دون استثناء، التزمت بالتفاهمات وسعت أن يبقى الهدوء سيّد الموقف، مع تسجيل صورة نصر سياسية ومجتمعية.

محليا لم يكن هناك خطاب مؤجج، وجميع الأحزاب العربية والصهيونية" التزمت نوعا ما الصمت، واكتفت بتصريحات تبدو ضريبة كلامية، أكثر من كونها تسعى إلى تحقيق ما هو أبعد من تسجيل موقف.


جميع الأطراف الإقليمية سعت إلى منع التصعيد

إقليميا سعت جميع الأطراف إلى احتواء أي تصعيد، وكونوا على ثقة أن التسريبات التي جاءت، تؤكد أنه بفضل الجانب القطري والمصري امتنعت الفصائل الفلسطينية عن التصعيد أمنيا، هي للتمنع أي حرج جماهيري وشعبي لها؛ ولتوفير ظروف تتيح لها تسجيل صورة نصر هي الأخرى.

الحكومة الإسرائيلية، وإن حاول جناح يمينها تسجيل نقاط سياسية حزبية محليا، وصورة نصر إقليميا، في الوقت الذي لا يكُفّ نتنياهو ومعارضته، عن محاولة نزع الشرعية عنها من خلال إحراجها، وفي هذه الجزئية بالتحديد، إبراز هشاشتها وضعفها ورضوخها، مقابل الفصائل الفلسطينية وحركة حماس، لتأليب الرأي العام ضدها واسقاطها، إلا أن الحكومة وقادتها كانوا يعدون الساعات بل الدقائق ليمر هذا اليوم، دون وقوع أحداث تقود لتدهور الأوضاع أمنيا، في وقت حساس لهم جميعا سياسيا وسعت خلف الكواليس، لقطع دابر كل مشهد من شأنه أن يؤجج إقليميا ومحليا، ويقود لتوتر العلاقات داخل الائتلاف، وبالتالي إلى تفككه.


التزام متبادل رغم العداوة من شأنه أن يُفضي لتفاهمات إيجابية!

مَن يراقب ويتابع سير الأحداث وتطوراتها، ورغم التوتر في شهر رمضان المبارك وبعده، إلا أن الحفاظ المتبادل على الالتزامات، بين الفصائل الفلسطينية وحماس والحكومة الاسرائيلية عبر الوسيط المصري والقطري، صمدت ولم يتم خرقها، ف"إسرائيل" لم تنقض تعهداتها والتزاماتها، وبقي الآف العمال يدخولون من قطاع غزة إلخ، وأي حفاظ على الالتزامات المتبادلة بشكل عام، من شأنه أن يعزز الثقة رغم العداوة، ولربما يقود إلى تسوية معالمها واضحة وتقريبا عليها هناك تفاهم، عدا موضوع الأسرى الذي ما زال نقطة الخلاف العالقة.

هذا الهدف المشترك لجميع الأطراف محليا وإقليميا، وفهم جميع الأطراف العميق، لضرورة الحفاظ على الهدوء واستقرار المنطقة؛ فرض نفسه على الساحة، وبامتحان النتيجة مرّ هذا يوم "مسيرات الأعلام" بهدوء وسلام في أرض السلام، التي تتوق للسلام الدائم الشامل.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023