الأتراك في سباق لإحباط الهجمات الإيرانية ضد الإسرائيليين

إيتسك فولف


زار وزير الخارجية التركي مبلوت تشابوشولو "إسرائيل" الأسبوع الماضي، بعد زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، وتأتي هذه الزيارة الأولى منذ خمسة عشر عامًا، في أجواء جيدة حيث حرص الوزير التركي جدًا على عدم إفساد زيارته بالإدلاء بتصريحات معادية لـ"إسرائيل" ومؤيدة للفلسطينيين، بما في ذلك زيارته للمسجد الأقصى يوم الجمعة في القدس، والذي تم تعريفه على أنها زيارة خاصة، بشكل جيد.

وكانت زيارته خطوة أخرى في محاولة البلدين لإعادة العلاقات بينهما بعد زيارة الرئيس يتسحاق هرتسوغ لتركيا في آذار/مارس الماضي، حيث تحاول تركيا تحسين العلاقات مع "إسرائيل" من منطلق المصالح الاقتصادية والإقليمية، ولا يزال العائق الرئيسي الذي يعيق العلاقات مع "إسرائيل" هو فرع الجناح العسكري لحركة حماس الذي يعمل في إسطنبول ويوجه أنشطة حماس في الضفة الغربية -حسب زعمهم-، كما وترفض تركيا رفضًا قاطعًا طلب "إسرائيل" إغلاق المكاتب هذا وطرد نشطاء حماس الضالعين في العمليات الفدائية.




الآن نشأ وضع جديد يمكن أن يكون له تأثير مهم على محاولة إعادة العلاقات بين "إسرائيل" وتركيا.

قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون رفيعون إن إيران أرسلت -عقب عملية اغتيال العقيد الإيراني حسن زياد خدي نائب الوحدة 840 في "الحرس الثوري" الإيراني والمنسوبة للموساد الإسرائيلية- مجموعة من القتلة إلى تركيا للانتقام لمقتله باغتيال مدنيين إسرائيليين.  




يعتبر حسن زياد خدي "قنبلة موقوتة" في نظر مؤسسة الدفاع الإسرائيلية، والذي ترأس الوحدة  في "الحرس الثوري" في الخارج التي حاولت إيذاء الإسرائيليين واليهود حول العالم.

كان لرئيس الموساد الإسرائيلي "ديفيد بارنيع" علاقات جيدة للغاية مع رئيس المخابرات التركية "كان فيدان" لسنوات عديدة، وكانت هذه العلاقات الطيبة عاملاً مهما أدى إلى الإفراج عن السائحين الإسرائيليين ناتالي ومردخاي أوكنين اللذين اعتقلا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في تركيا بعد تصويرهما من مسافة لقصر الرئيس أردوغان.




التعاون بين الموساد الإسرائيلي والاستخبارات التركية جيد جدًا، لا سيما في كل ما يتعلق بالحرب على الـ"إرهاب" -حتى في الوقت الذي كانت فيه العلاقات الإسرائيلية التركية في أدنى مستوياتها-، واستمر هذا التعاون من منطلق المصالح المشتركة.

تتمتع المخابرات التركية بقدرات مبهرة في مجال مكافحة الـ"إرهاب" وأيضًا في فضح شبكات التجسس للدول الأجنبية العاملة على الأراضي التركية.

في الأسبوع الماضي فقط، أفادت وسائل الإعلام التركية الرسمية أن المخابرات التركية اعتقلت -خلال غارة في إسطنبول- الزعيم الجديد لداعش "أبو حسن القريشي" -على ما يبدو- بناءً على معلومات استخبارية دقيقة لم يُعرف مصدرها حتى الآن.

تعج تركيا بجواسيس النظام الإيراني والمتعاونين معهم من بين المنفيين الإيرانيين، تركيا موطن لمئات الآلاف من الإيرانيين، في الماضي اعتقلت المخابرات التركية عدة شبكات تجسس إيرانية حاولت إيذاء أو التجسس على المنفيين الإيرانيين.

الوحدة 840 التابعة لـ "الحرس الثوري" لها وجود عملياتي واستخباراتي في الأراضي التركية، والمخابرات التركية تراقب نشاطها وكذلك الموساد الإسرائيلية.

وقد أدى التعاون الوثيق بينهما في الماضي إلى قيام المخابرات التركية بإحباط محاولات إيران لإيذاء أو اختطاف إسرائيليين على الأراضي التركية، على سبيل المثال في حالة رجل الأعمال الإسرائيلي يائير جيلر.

لقد ضبطت تركيا نفسها -حتى الآن- في الاستيلاء على شبكات التجسس الإيرانية على الأرض ولم تخلق أزمة دبلوماسية كبيرة مع طهران لأن أنشطة المخابرات الإيرانية كانت تستهدف بشكل أساسي نشطاء المعارضة الإيرانية، ولكن بمجرد قيامهم بالعمل ضد المدنيين الإسرائيليين على الأراضي التركية، يصبح الأمر مختلفًا تمامًا.

إن تحذير السفر الذي أصدره مجلس الأمن القومي الإسرائيلي -هذا الأسبوع- بشأن رحلة الإسرائيليين إلى تركيا أمر خطير للغاية ويستند إلى معلومات استخبارية موثوقة، صدر المنشور بعد التشاور بين الموساد الإسرائيلي والمخابرات التركية، ولم يكن الأتراك سعداء بذلك، لكنهم يعلمون -أيضًا- أنه إذا نجحت إيران في إيذاء الإسرائيليين على الأراضي التركية، فسيؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بعلاقاتهم مع "إسرائيل"، التي هي الآن في محاولة لإعادة البناء، والسياحة الإسرائيلية إلى تركيا والمهمة من الناحية الاقتصادية.

لذلك، أمر الرئيس أردوغان رئيس المخابرات التركية بالتحرك بسرعة للقبض على فرقة الاغتيال التابعة للوحدة 840 التابعة لـ "الحرس الثوري" العاملة على الأراضي التركية في محاولة لإيذاء الإسرائيليين.

وبحسب مصادر أمنية، فقد سبق للمؤسسة الدفاعية أن حذرت من وجود مائة من رجال الأعمال والمبعوثين من مختلف المؤسسات والدبلوماسيين الإسرائيليين في تركيا، والتخوف من أن الإيرانيين مصممون على الانتقام من "إسرائيل" في أي حال وسيحاولون إيذاء السياح.

قام الجنرال حسين سلامي -قائد الحرس الثوري الإيراني- بزيارة تعزية لأسرة حسن زياد هذا الأسبوع، ووعد عائلته أمام كاميرات التلفزيون بالانتقام من اغتيال خدي من "إسرائيل".

إيران لها تاريخ طويل مع "إسرائيل"، وتتهمها بقتل 6 علماء نوويين إيرانيين، وعلى رأسهم والد البرنامج النووي محسن فخري زاده، كما تتهم "إسرائيل" بمساعدة إدارة ترامب في القضاء على الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري.

تقوم المخابرات التركية الآن بمطاردة فرقة الاغتيال الإيرانية على الأراضي التركية بمساعدة الموساد الإسرائيلي، هذا سباق مع الزمن حيث تم تكليفه باعتقال أعضاء الخلية قبل أن يتمكنوا من إيذاء الإسرائيليين.

إن النجاح في إحباط المخابرات التركية في محاولات إيران لإيذاء الإسرائيليين على الأراضي التركية سيكون موضع ترحيب على المستوى السياسي في "إسرائيل"، وستكون تركيا هي المستفيد منه، ويقول مسؤولون كبار في تل أبيب إن مثل هذا الإجراء الوقائي من جانب تركيا سيسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين.

قامت "إسرائيل" بالفعل -في الماضي- بإيماءات في مجال الأمن تجاه تركيا لا يمكن الإعلان عنها في الوقت الحالي، وبالتأكيد سيطلب الأتراك وسيتلقون مقابل لذلك أيضًا، وهذا أمر معتاد في العلاقات بين منظمتين استخباراتيتين.

نجحت إيران في إقامة بنية تحتية "إرهابية" واسعة النطاق في تركيا، تستخدمها لمحاولة إيذاء الإسرائيليين -بحسب مصادر أمنية في "إسرائيل"-، وأهداف الهجوم هي مجموعات منظمة من السياح الإسرائيليين، بالإضافة إلى أماكن ترفيهية دائمة للإسرائيليين في تركيا، ورجال الأعمال الإسرائيليين الذين يسافرون بانتظام إلى تركيا أو يعيشون فيها.

المخابرات التركية والموساد الإسرائيلي يسابقان الزمن لإحباط الهجمات المخطط لها.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023