توازنات القوى الدولية وأثرها على العملية العسكرية التركية شمال سوريا

أ. أحمد الحمود الجمل/ باحث في العلاقات الدولية



تعد العملية العسكرية التركية الخاصة المراد تنفيذها في شمال سوريا، استثماراً تركيا مهما للتحولات في موازين القوى بين الأطراف المتصارعة في سوريا، وكذلك حلفائهم الاقليميين والدوليين، أملته ضرورات الأمن التركي، ويسرته توافقات إقليمية ودولية، وستكون آثاره كبيرة على مجمل الصراع في سوريا، وكذلك أمن تركيا القومي.

حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اجتماع برلماني بأنقرة في (الأول من يونيو/ 2022)، "إن تركيا سوف تبدأ مرحلة جديدة لتأمين عمق 30 كيلومتراً لحدودها مع سوريا، من خلال تنفيذ عملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديموقراطية، بهدف تطهر مدينتي تل رفعت ومنبج من الارهابيين"، وكذلك وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قد قال "أننا لا نقبل بأي شكل من الأشكال تواجد الإرهابيين جنوبي بلادنا، وسنواصل كفاحنا ضدهم بعض النظر عن الجهات التي تقف خلف الإرهابيين"، حيث وصفت أنقرة هذه الأحزاب بالإرهابية، وأنها تشكل خطرا على الأمن والاستقرار في تركيا، وأن الدعم الغربي لهذه المليشيات مرفوض جدا، وأنه يهدف زعزعة استقرارها.

وشدد مجلس الأمن القومي التركي في بيانه يوم الخميس 19 يونيو، أن "أنقرة التزمت دائماً بروح وقانون التحالفات الدولية، وتنتظر المسؤولية والصدق نفسيهما من حلقاتها"، وأضاف: "وجهنا دعوة للدول التي تنتهك القانون الدولي بدعم الإرهاب، للتخلي عن موقفها والأخذ بعين الاعتبار مخاوف تركيا الأمنية"، وأوضح البيان أن "العمليات التي ستنفذ على الحدود الجنوبية، هي لتطهير المنطقة من الإرهاب؛ ولا تستهدف بأي حال التطهير، ولا تستهين من الأحوال سلامة وسيادة دول الجوار".



المقدمة

وافقت تركيا على مشاركة قوات سوريا الديمقراطية الكردية مع قوات التحالف الدولية، في عملية تحرير منبج من تنظيم الدولة عام 2016، على أساس أن يغادر المسلحون الأكراد، مباشرة بعد تحرير المدينة، غرب الفرات كلية، ويعودوا إلى مواقعهم السابقة شرق الفرات، ومنذ بداية الأزمة السورية، وتحولها إلى نزاع مسلح، أعلنت أنقرة أن الفرات هو خط أحمر أمام المسلحين الأكراد، يجب عدم عبورهم إلى الغرب؛ حيث لا وجود لأية كثافة بشرية كردية سورية، فبدأت قوات سوريا الديمقراطية عملية السيطرة على مدينة منبج وباقي مدن غرب الفرات، بدعم تسليحي وجوي من الأميركيين ضد تنظيم الدولة المتواجد في منبج ومحيطها، وبل عملت على تنفيذ عملية تطهير عرقي لسكانها من العرب والتركمان.

فما أن تم طرد تنظيم الدولة من المدينة، حتى أخذ المسؤولون الأتراك مطالبة نظرائهم الأميركيين بضرورة مغادرة المسلحين الأكراد غرب الفرات، فلم يلتزم الأمريكان وحزب قوات سوريا الدمقراطية بالاتفاق وأكدت مصادر الاستخبارات التركية أن المسلحين الأكراد لم يزالوا في مواقعهم غربي الفرات، وأن ثمة مؤشرات أنهم يخططون لتأسيس منطقة سيطرة كردية متصلة من بين شرق الفرات وغربه.

من وجهة نظر جيوستراتيجية، تعني سيطرة قوات سورية الديمقراطية الكردية على الشريط الشمالي السوري، شرقي الفرات وغربه، هو بروز كيان كردي معاد لتركيا في المنطقة الفاصلة بين البلدين، مثل هذا الوضع ما كان لأنقرة أن تقبله مهما كانت التكاليف.

لذا قامت الحكومة التركية بتنفيذ مجموعة من العمليات العسكرية الخاصة في الشمال السوري ضد التنظيمات الإرهابية، مثل عملية درع الفرات في 24 أغسطس عام 2016، وكذلك عملية غصن الزيتون في 20 يناير عام 2018، بالإضافة لعملية نبع السلام في 9 أكتوبر عام 2019، حاريت خلالها التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة وكذلك تنظيم حزب العمال الكردستاني وحزب قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض حربا ضد الدولة التركية منذ منتصف الثمانينات، وحققت الحكومة التركية من خلالها مجموعة من الأهداف، أهمها توفير وتوسيع بيئة آمنة للسكان واللاجئين السوريين، وطرد التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى دعم الجيش السوري الحر والتنظيمات الموالية لها في تلك المناطق.



مكان العملية العسكرية وآليات ووقت تنفيذها:

مكان العملية هو مدينتي تل رفعت ومنبج على عمق 30 كم غربي الفرات، حيث قال أردوغان أن العملية سوف تتم خطوة بخطوة حتى تصبح تلك المناطق خالية من حزب قصد الإرهابي، وأنها ستبدأ تلك العملية بمجرد أن تكمل قواتنا المسلحة والمخابرات والأمن التركية استعداداتها"، وكما حدث في العمليات السابقة سوف يعلن الأتراك عند التحرك العسكري، أن حجم القوة التركية المشاركة في العملية محدودا، وأن مقاتلين الجيش السوري الحر والتنظيمات السورية الموالية لها ستتحمل العبء الأكبر من القتال ضد عناصر تنظيم قسد الإرهابي، فالجيش التركي والجيش السوري الحر يواصل الاستعداد لتنفيذ العملية العسكرية، لذا تم وضع معدات عسكرية على طول الحدود السورية، حيث قصفت القذائف المدفعية المواقع العسكرية التي تسيطر عليها القوات المسلحة الكردية السورية.



أهداف العملية العسكرية التركية الخاصة في شمال سوريا؟

العمليات العسكرية السابقة التي قامت بها تركيا بشمال سوريا، حققت نجاحات كبيرة جدا وسيطرت على مساحات تقع اليوم تحت نفوذها مع المعارضة السورية، وتريد الآن توسيع هذه المناطق من خلال السيطرة على مساحات جديدة لا تزال تحت سيطرة تنظيم قسد الإرهابي، وذلك لوصل المناطق بعضها ببعض وإقامة منطقة أمنة يعود إليها اللاجئون من تركيا"، ولكن الواضح، أن هذه الخطوة بالغة الأهمية، وتختلف إلى حد كبير عن العمليات السابقة، لأن العملية السنوي تنفيذها تحمل أهدافا ذات طابع استراتيجي، ويتوقع أن تترك أثرا ملمومنا على خارطة القوى في شمال سوريا، ويمكن أن نلخص أهداف العملية في النقاط التالية:

1- استثمار العملية العسكرية التركية بشمال سوريا انتخابياً: أن العملية العسكرية التي يجري تحضيرها لها أبعاد سياسية، خاصة داخلية، فأردوغان استثمر العمليات العسكرية السابقة بسوريا والعراق في الدعاية الانتخابية لكسب الأصوات، والآن أردوغان مقبل على انتخابات جديدة في العام المقبل، ويريد استثمار العملية العسكرية الجديدة لتحريك المشاعر القومية التركية في الشارع لكسب الأصوات.

2- تدمير المشروع الغربي بصفة عامة والأمريكي بشكل خاص: حيث دعم الغرب وأمريكا الأحزاب الإرهابية هناك بمليارات الدولارات والأسلحة المتقدمة.

3- منع إقامة حلف عسكري ضد تركيا على حدودها السورية العراقية: بسبب انشغال روسيا بحرب أوكرانيا وتراجع دورها في سوريا، الأمر الذي قد يحدث فراغا ميدانيا قد يستغله تنظيم BKK الإرهابي وحلفائه، بملء الفراغ الناتج في المنطقة وتشكيل تحالف ضد أنقرة.



4- منع قيام كيان كردي انفصالي معادي في شمال سوريا بالحدود مع تركيا.

5- حماية الأمن القومي التركي من خطر الإرهاب الدولي والمخططات الغربية.

6- عودة مليون من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا: أعلن الرئيس التركي عن مشروع عودة مليون لاجئ سوري، من المقيمين في تركيا إلى المنطقة الامنة في شمال سوريا.

7- تعزيز قوة الجيش السوري الحر: وذلك من خلال إضافة تلك المساحة الكبيرة والمتصلة مع بعضها، محل العمليات إلى المناطق التي يسيطر عليها ويديرها سابقا.

8- إمداد الجيش السوري الحر بالسلاح والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، لأنه خط الدفاع الأول لتركيا ضد الارهاب الدولي والمخططات الغربية.

9- استعراض الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية التركية ومدى قوتها ونجاحها في تحقيق أهدافها، ليكون حافزا أمام الدول لفتح أسواقهم لذلك السلاح.

تنفيذ يحتاج توافقات داخلية وحسابات دولية:

يسعى أردوغان قبل تنفيذ أي عملية عسكرية، سواء في العراق أو سوريا إلى تهيئة مناخ من التوافق الوطني الداخلي، مع حزبي المعارضة الرئيسيين، الشعب الجمهوري والحركة القومية، بأهمية تنفيذ العملية للأمن القومي التركي حتى تطهير شمال سوريا من الإرهاب، ولكن الخطر الذي يتهدد تركيا لا يقتصر على تنظيم قصد الإرهابي؛ فسوريا هي ساحة عمليات وتعوذ إيراني وروسي وأمريكي أوروبي، ولكل منهما أهدافه وموقفه من العملية التركية المحتملة، لكن ثمة مباحثات تركية أميركية جارية على قدم وساق، ولكن لا توحي بتفاؤل بمخرج قريب، ومن جهة أخرى، تشهد قنوات الاتصال بين أنقرة وموسكو، نشاطا كبيرا، ولكن ليس هناك ما يشير إلى تقدم ملموس في محاولات الدول الثلاث التوصل إلى تصور توافقي حول الأزمة السورية، لذا سوف نذكر بعض مواقف الدول التي لها تأثير على مجريات العملية العسكرية المرتقبة.



• سوريا: سوريا أعلنت رفضها للعملية العسكرية التركية المرتقبة، واعتبرتها تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي، الذي يهدف إلى دعم نفوذ وسيطرة الأجنحة العسكرية الموالية لتركيا في تلك المناطق، واعتبر النظام السوري التداخل بين المصالح الروسية والتركية في أوكرانيا، سبباً كافيا لعدم ضغط روسيا على تركيا لوقف تلك العملية، مما أحدثت نوعا من التقارب بين المخابرات الأمريكية والسورية، إذ توجه وفد من المخابرات الأمريكية إلى سوريا بشار، وبعدها بيومين ذهب وقد استخباري لبشار للقاء المخابرات الأمريكية برعاية كندية، لتوحيد الجهود في وقف العملية ودعم الأكراد الموالين لأمريكا، باستخدام صواريخ 5300 المضادة للطيران التركي.



• إيران: أعربت وزارة الخارجية الإيرانية في بيانها عن اعتراضها على العملية العسكرية الخاصة التركية في شمال سوريا، وقالت إنها تدخل في شؤون دولة أخرى، ودعت إلى حل المشكلات عبر الحوار وليس باستخدام القوة، ولكن السبب الحقيقي لذلك المنع يكمن في عدم رغبة إيران، بغير ميزان القوى الاستراتيجي للأحزاب المتواجدة في تلك المنطقة، لصالح الأحزاب السنية والجيش السوري الحر الموالي لتركيا، وبالتالي يضعف الحكومة المركزية السورية وكذلك الأحزاب الشيعية.



• روسيا الاتحادية:

أعربت الخارجية الروسية في بيان لها عن انزعاجها من العملية التركية وقالت إنها تزعزع الاستقرار في المنطقة، وقالت أيضاً نحن نتفهم مخاوف تركيا فيما يتعلق بالخطر على أمنها القومي من شمال سوريا، وقالت لا يمكن ضمان الأمن الموثوق به على الحدود السورية التركية إلا من خلال نشر جنود سوريين.

ومن خلال اتصال الرئيس التركي بالرئيس الروسي، معلماً له بقرب تنفيذ العملية العسكرية الخاصة ضد تنظيم قسد الإرهابي، في الشمال السوري في الأراضي التي تخضع للحماية الأمريكية، مستخدماً نفس مصطلحات ومبررات روسيا في إعلان عملياتها الخاصة في أوكرانيا، وكذلك أكد على أهمية تطبيق ما اتفق عليه بين أنقرة وموسكو عام 2019، على إنشاء «منطقة مطهرة من الإرهاب»، بعرض 30 كيلومتراً على طول الحدود التركية - السورية، إلا أنها لم تبصر النور حتى اللحظة.

وأكد على أن العملية ذات بعد أمني صرف وليس لها بعد جيوسياسي، كما يروج الإعلام العربي، كما أكد أردوغان أنه لا توجد مطامع ولا مطامح تركية في الأراضي السورية، بالإضافة إلى طلبه ألا تدعم روسيا تلك المنظمات الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر عبر توصيل سلاحها الذي في المنطقة إلى أيديهم، وكذلك أراد فصل موقف روسيا عن موقف حلفائها من الإيرانيين والسوريين.

فمن المتوقع أن موسكو لن تقدم حلا لدمشق، وأن تتعامل بهدوء وعدم القيام بردة فعل لاعتبارات عديدة، تتعلق بحربها في أوكرانيا، وستحرص على أن يكون الاتفاق حول سوريا اتفاقا تركيا روسيا أولا، حيث أن العلاقات بين أنقرة وموسكو، الذي ولدت من حاجتي البلدين، سوف تسهم في إفساح المجال أمام العملية التركية، ويبدو أن موسكو باتت ترى أن تنظيم قوات سوريا الديمقراطي الكردستاني أصبح كليا أداة أميركية.



• الولايات المتحدة:

جاء موقفها على لسان وزير خارجيتها بلينكن، حيث قال "أن أردوغان سوف يعرض المنطقة للخطر ويزعزع استقرارها، ويعرض قواتنا للخطر" ويلاحظ أن التعبير الأمريكي لم يستخدم عبارات أشد قوة مثل لن تسمح أو نحن ضد أو لا يمكن لتركيا تنفيذ تلك العملية، ويرجع ذلك إلى الظروف الدولية المحيطة بهذه التطورات، بسبب امتلاك أردوغان ورقة الموافقة على انضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو للمساومة بها"، ولكن عند النظر لما قامت به الولايات المتحدة وقوات التحالف من إخلاء قاعدتها العسكرية لفارش، الخاصة بطائرات الهيلوكوبتر، في قرية حراب عساك بريف حلب الشرقي، بعد إعلان تركيا نيتها شن عملية عسكرية، وكذلك دعمها تنظيم قسد بصواريخ تاو المضاد للدروع، يعلم أن أمريكا بإخلائها القاعدة كموافقة ميدانية وتغريرا لتركيا، لتحقيق عملية استنساخ تجربة أكراد العراق في سوريا وبشكل موسع من خلال الدعم الكبير الذي تم تقديمه وتقدمه، وتريد منه استنزاف تركيا.

وتهدف الولايات المتحدة من ذلك، هو جمع خصومها ومنافسيها الاقليميين في تلك المنطقة، وجعل المصالح التركية والإيرانية الروسية المتعارضة والمتشابكة في بقعة جغرافية واحدة، بهدف جعل تركيا عدو مشترك لكل من، سوريا وإيران وروسيا والأحزاب المعارضة الكردية.

ويؤكد ذلك ما جاء في مجلة انترنشونال النصف شهرية المتخصصة في الشؤون الخارجية الصادرة عن معهد نيكسون، والتي تحدثت عن أن أمريكا لديها استعداد لتسليم منطقة شرق الفرات للجيش التركي، بدلا من قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، فأمريكا ترى أن ذلك هو الخيار الأمثل حتى لا تعود تلك المنطقة للقوات السورية وبالتالي إلى إيران وروسيا، فبايدن يسير على نفس خطوات الرئيس الأمريكي السابق ترامب في العملية العسكرية السابقة، عندما تخلى عن هذه القوات وانسحبت القوات العسكرية الأمريكية الحامية لها، مما مكن وسهل للقوات التركية السيطرة على المناطق التي سيطرت عليها سابقاً.



• الدول الأوروبية (فلندا والسويد) الداعمة لحزب العمال الكردستاني.



إن تقديم تركيا الدعم العسكري والدبلوماسي لأوكرانيا، أكسبها جزءاً كبيراً من الاحترام والتعاطف الشعبي والرسمي في الغرب في قضيتها وحربها ضد الإرهاب، فجاءت تصريحات الرئيس أردوغان بتنفيذ العملية العسكرية في هذا التوقيت الدولي المعقد، يمنحها زخماً وأبعاداً استراتيجية لتركية، خاصة أنها جاءت في وقت تسعي فيه فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف الناتو، إذ تتهم تركيا وخصوصا السويد التي تأوي نشطاء في "حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون تنظيما إرهابياً، حيث وجد أردوغان ذلك فرصة جديدة قد يستخدمها على طاولة التفاوض، بالتزامن مع مطالب أنقرة بإقامة منطقة أمنة للاجئين شمال سوريا، قبل إعطاء الموافقة على انضمام البلدين.



• فرص نجاح العملية: تأتي العملية العسكرية في مرحلة جيوسياسية مناسبة لتركيا، حيث تركز روسيا وهي لاعب كبير في سوريا، جهودها وانتباهها ومواردها نحو قتالها المستمر على أوكرانيا، فالعملية العسكرية قد تكون صعبة في التنفيذ لكثرة المؤثرين بها، لكن هناك شيء واضح أن العمليات الميدانية هي من ستحسم الأوضاع، لأن الميدان هو من يصنع الخرائط

- فالجيش التركي قوي وذو تدريب وممارسة عالية للقتال، حيث تعتبر هذه العملية الرابعة في الشمال السوري، وكذلك ليبيا أذربيجان.

امتلاك الجيش التركي أفضل التكنولوجيا العسكرية الجوية والبرية.

- المعارضة السورية جاهزة للانخراط بالعملية التركية، حيث رحبت قيادة الجيش السوري الحر وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا في العملية العسكرية الخاصة التي تهدف إلى محاربة وتقويض سيطرة ونفوذ قوات قسد الإرهابية، وأعلنت استعدادها للمشاركة مع الجيش التركي في تنفيذ العملية الخاصة، وأجرت مناورات وتدريبات عسكرية لزيادة كفاءة مقاتليها استعدادا لساعة الصفر.



النتائج والتوقعات

- إن العلاقة بين أنقرة وموسكو، التي ولدت من حاجتي البلدين تشير إلى أن مساحة الخلاف بينهما «اصغر بكثير مما نعتقد»، وأن الملفات التي تحظى بتفاهم بين الجانبين، «أوسع كثيراً»، بهذا المعنى، نستنتج أن موسكو قد لا تعارض عملية تركية، خصوصا أنها سوف تسفر عن اتساع الشرخ بين أنقرة وواشنطن، فضلاً عن ممارسة مزيد من الضغط على المكون الكردي لحمله على الاقتراب أكثر من دمشق.

فمن وجهة نظري أن أردوغان في الحقيقة يريد استثمار رغبة الغرب في توسعة حلف الناتو وإضافة فنلندا والسويد إليه، بأن يحقق مطالبه حول إنشاء المنطقة الأمنة، من خلال تقديم تنازلات لأنقرة، في مقابل موافقتها على انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف العربي. - ما يمكن رؤيته الآن، أن نجاح العملية في تحقيق أهدافها في سوريا، بأقل خسار ممكنة، فسيعزز من الدور التركي في أي اتفاق سياسي حول الحل في سوريا، وربما يمكن أن تتحول العملية التركية إلى قوة دافعة للتوصل إلى الحل المنشود.

إن العملية التركية ترتبط بحسابات القوة في الساحة الدولية الاقليمية وكذلك الساحة السورية، وتنشد أهدافا ذات طابع استراتيجي لتركيا، ويتوقع أن تترك أثرا ملموسنا على خارطة موازين القوى في شمال سوريا، نتائج نجاح ستعزز موقع أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، خلال الانتخابات التركية في صيف العام المقبل، لا سيما في ظل وجود احتقان في الشارع التركي، من طول أمد الأزمة السورية وبقاء اللاجئين السوريين في البلاد، وأيضا ما سببته الحرب من تهديدات أمنية على الحدود.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023