بقلم:
د. إبراهيم ابراش
ما كانت السلطة الفلسطينية تحتاج لنتائج التحقيق الأمريكي حول مقتل شيرين أبو عاقلة حتى تتأكد من مسؤولية "إسرائيل" عن الجريمة، كما أن الأمر لا يحتاج للتقرير الأمريكي لتأكيد انحياز أمريكا لـ"إسرائيل" إلا إذا كان البعض ما زال يراهن على الحياد الأمريكي.
فالسلطة وعلى لسان كبار قادتها من الرئيس إلى رئيس الوزراء حملوا "إسرائيل" المسؤولية عن قتل شيرين قبل صدور التقرير الأمريكي وهناك تقارير أممية وأوروبية ومن منظمات حقوقية دولية تؤكد أن جيش الاحتلال هو قاتل شيرين كما قتل مئات الفلسطينيين وهم في بيوتهم وعلى الحواجز لمجرد الشبهة دون ردود فعل عملية من السلطة.
حالة الإرباك والغموض في التعامل مع التقرير الأمريكي وتسليم الرصاصة القاتلة لـ"إسرائيل" بشي بوجود مساومة في تعاطي السلطة مع التقرير الأمريكي لتحقيق بعض المكاسب ولو على حساب الحقيقة والحق.
فكرة المساومة على الحقيقية؛ بسبب الضعف وعدم القدرة على المواجهة حدثت أكثر من مرة في تاريخ السلطة الفلسطينية ونذكر منها:
1- ما جرى بعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية يوم 9/7/2004 حول جدار الفصل العنصري والذي أدان بناء الجدار واعتبره غير شرعي وطالب بهدمه، وكان يفترض أن تبني السلطة على هذا القرار وتواصل هجومها السياسي والدبلوماسي ونقل الملف لمجلس الأمن، إلا أن السلطة التي كانت تعيش حالة صعبة بعد اجتياح الضفة ومحاصرة أبو عمار والتهيئة لخلافته ترددت ودخلت في مساومات مع الأمريكيين والإسرائيليين وتم تمييع أهم موقف دولي لصالح الفلسطينيين وتم وضع رأي المحكمة في الادراج.
2- قيام "إسرائيل" باغتيال الزعيم أبو عمار، فالكل يعلم أن "إسرائيل" اغتالت أبو عمار وعدم تأكيد لجان التحقيق الدولية والفلسطينية إلى اليوم عن مسؤولية "إسرائيل" عن الاغتيال لا يعني أن "إسرائيل" ليست القاتل.
عدم الإعلان رسميا من طرف السلطة أو لجنة التحقيق الفلسطينية التي ترأسها عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح توفيق الطيراوي عن مسؤولية "إسرائيل" عن اغتيال زعيم الأمة سببه ضغوط ومساومات لها علاقة بترتيب أوضاع السلطة لمرحلة ما بعد أبو عمار.
وهناك عشرات الحالات الشبيهة التي فضلت فيها السلطة؛ بسبب ضعفها الدخول في مساومات مع الاحتلال وأطراف خارجية لتحقيق بعض المكاسب المادية أو السياسية ولو على حساب الحق والحقيقة.