بدأ الجهاد الإسلامي بالتعلم من أخطائه

موقع نيوز 1

يوني بن مناحيم

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب فقط.

خرجت منظمة الجهاد الإسلامي من الجولة الأخيرة من القتال ضد "إسرائيل" كخاسرة، وتقوم المنظمة الآن بالبحث عن الذات وتعلم الدروس فيما يتعلق بمسألة كيفية استعادة القدرات الاستخباراتية للتنظيم وقراءة نوايا "إسرائيل" بشكل صحيح وكذلك كيفية استعادة دعمها في قطاع غزة بعد سقوط عشرات الصواريخ بسبب إخفاقات فنية للتنظيم في أراضي قطاع غزة، بدلاً من سقوطها داخل "أراضي إسرائيل"، وقتل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الأبرياء.

الآن تستعد حركة الجهاد الإسلامي لمحاولة تحسين موقعها في قطاع غزة، وبمساعدة أموال من إيران، ستعمل على ترميم المنازل التي دمرها قصف الجيش الإسرائيلي وتعويض العائلات التي قتل أطفالها بصواريخها في قطاع غزة.


الجهاد الإسلامي أخطأ في عدة أشياء:

لقد أخطأ في قراءة الوضع على الأرض فيما يتعلق بالناشطين المعتقلين في "إسرائيل": خليل العواودة -المضرب عن الطعام منذ حوالي خمسة أشهر-، والشيخ بسام السعدي الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي في جنين، كان واثقًا من أن حياتهم في خطر وتسلق شجرة عالية.

سمحت قيادة المنظمة لتيسير الجعبري بإعداد نيران مضادة للدبابات على أهداف في قطاع غزة على أساس الافتراض الخاطئ بأن المخابرات الإسرائيلية لن تكتشف الاستعدادات على الأرض وأن "إسرائيل" ستحتوي الحادث في وقت لاحق.

فوجئت حركة الجهاد الإسلامي باكتشافها اختراق استخباراتي كبير، وكشفت "إسرائيل" عن كل مخططاتها وموقع قادتها.

لم يقم التنظيم بتقييم القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية بشكل صحيح، ولم يحدد مكان النشاط الإسرائيلي السري الذي خطط لاغتيال تيسير الجعبري -ووفقًا له- فقد ضللته وعود المخابرات المصرية بأن "إسرائيل" تريد الهدوء وكانت مستعدة للنظر في إطلاق سراح عنصري التنظيم.

وامتثل التنظيم لتوجيهات إيران، وكان زعيمه "زياد النخالة" في طهران مع رئيس الفرع العسكري "أكرم العجوري" واتبع الاثنان تعليمات الجنرال "حسين سلامي" قائد "الحرس الثوري" الإيراني.

لقد تجاهلت المنظمة موقف حماس واتخذت خطاً متشدداً كلفها الثمن غالياً.

في المقابل، تصرفت حماس بحكمة، في البداية، قدرت حماس أن اعتقال القيادي في الجهاد الإسلامي بسام السعدي لم يكن عملاً خطيراً يتطلب رداً عسكرياً من قطاع غزة تجاه "إسرائيل"،و من ناحية أخرى، بررت حماس إطلاق صواريخ الجهاد رداً على اغتيال القيادي في التنظيم تيسير الجعبري.

عندما أدركت حماس أن حركة الجهاد الإسلامي تعمل من اعتبارات خارجية، تراجعت خطوة إلى الوراء، واكتفت بإرسال ممثل عنها إلى الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لكنها لم تشارك في القتال، لم يتم إطلاق صاروخ واحد من حماس على "إسرائيل"، أوضحت حماس موقفها للمخابرات المصرية، التي أرسلته إلى "إسرائيل".

أظهرت منظمة حماس تفهماً كبيراً بحكم كونها صاحبة السيادة في القطاع للظروف الصعبة التي يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع بحيث لا تريد الدخول في صراع عسكري مع "إسرائيل" دون صورة واضحة للوضع فيما يتعلق بالأهداف والنتائج المحتملة، لا سيما في ضوء حقيقة أن 15 ألف عامل من غزة يعملون كل يوم في "إسرائيل" والقطاع يتلقى من قطر منحة شهرية قدرها 30 مليون دولار للمحتاجين.

لم يكن لـ"إسرائيل" أي دور في الانقسام بين حماس والجهاد الإسلامي، فالتوترات والتنافس بين المنظمتين تحت السطح بشكل منتظم وتظهر في أوقات الأزمات.

لا تملك التنظيمات في قطاع غزة خطة وطنية واحدة ومتفق عليها للحرب ضد "إسرائيل" -رغم التنسيق الكبير بين حماس والجهاد الإسلامي- إلا أن لديها خطط منفصلة واعتبارات مختلفة.

الجهاد الإسلامي مرتبط بشكل وثيق بإيران والنظام السوري ويتلقى تعليمات من طهران، وتتخذ حماس القرارات بشكل مستقل -رغم أنها أيضًا قريبة من إيران- لكن هناك خلافًا خطيرًا داخلها حول المصالحة مع نظام بشار الأسد، زعيم حماس في الخارج، خالد مشعل، يعارض ذلك بشدة، والخلاصة أن قيادة الجهاد الإسلامي اتخذت قرارات خاطئة، ومن الآن فصاعدا ستكون حذرة للغاية قبل الدخول في جولة جديدة من القتال ضد "إسرائيل".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023