ليست محرقة- لكن ما هي؟

هآرتس
حنين مجادلة
ترجمة حضارات




اليهود الآن غاضبون من محمود عباس. هذا الرجل الذي لا صلة له بالموضوع، والذي يعمل بشكل رئيسي كمقاول تنفيذي للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، قال إن "إسرائيل" ارتكبت 50 محرقة للفلسطينيين.
 نسي للحظة أنه ممنوع إطلاقا أخذ كلمة "محرقة" من اليهود، إنها ملكهم فقط، وهم يحتكرونها.

حسنًا، تعالوا، خذوها، لكن ربما في تلك المناسبة ستجد كلمة تناسب ما يحدث هنا، تحت أنفك، لمدة 75 عامًا؟ بعد كل شيء، كلمة "النكبة" غير مقبولة لديكم، ولا "فصل عنصري"، وحتى مفهوم "الاحتلال" غير مقبول لدى معظمكم.

تعالوا، هيا، أعطوا كلمة تتضمن التغيير السكاني، القتل، المجزرة، الترحيل، النهب، السلب، الضم، آلاف القتلى، كلمة تعكس وضعاً يتم فيه حرمانك بعنف من الحرية، والحقوق الأساسية، والحق في تقرير المصير والعيش كشعب مساو للشعوب الأخرى. ليس الهولوكوست، شيء آخر.

لكن لم يكن من قبيل المصادفة أن يقفز اليهود في "إسرائيل" على تصريح عباس. 
لسنوات، وبشكل متسق وبإصرار مثير للإعجاب، عملت "إسرائيل" على ترسيخ نظرية معاداة السامية ضد أي انتقاد فلسطيني أو عالمي لسلوكها في الضفة الغربية وبشكل عام.

جزء من أهدافها هو تشويه النضال الفلسطيني العادل من أجل الحرية والحياة بكرامة وتصويره على أنه معاد للسامية. 
كم هو سهل ومريح تحويل الكفاح ضد الاحتلال والفصل العنصري إلى قتال من أجل "ليس بعد الآن"، وكأن الفلسطينيين نازيون، وكل من يدعمهم هو "مساعدوهم".

الفلسطينيون يحاولون منذ سنوات التحدث عن نكبتهم لأنها بالنسبة لهم محرقتهم، لكن الموضوع هنا ليس دلالي؛ بل جوهري: خذ كلمة "الهولوكوست" وحررنا من احتلالك، من الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، من الاستبداد الإسرائيلي، من الغطرسة، من الإنكار، من الهروب من المسؤولية من الإنكار والقمع من قدرتكم على العيش مع أنفسكم على الرغم من كثرة ذنوبكم.

بالأمس فقط أُعلن أن الجيش الإسرائيلي قتل خمسة أطفال خلال عملية "بزوغ الفجر"، ليست محرقة، لكن كيف تعرف هذه الكارثة؟ وهذه ليست سوى واحدة من مئات وآلاف الكوارث التي تحدث أحيانًا كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وكل "عملية".

وكيف تفسرون حقيقة أن "إسرائيل" رغم كل هذا لا تعترف بأخطائها، ولا تعتذر عنها، ولا تجتهد في أي تصحيح تاريخي، ناهيك عن حل حقيقي عادل قائم على المساواة؟

علاوة على ذلك، يتخصص اليهود في "إسرائيل" في أحد المجالات: في الشعور بالصدمة من عدم الاعتراف بكارثتهم وصدماتهم ومآسيهم. لأنهم وحدهم موجودون، وهم وحدهم المساكين، وهم ضحايا فقط.

من السخرية إلى حد ما أن يتم وضع عباس في دائرة الضوء. بعد كل شيء، هذا هو الشخص الذي يتواصل مع الإسرائيليين منذ 13 عامًا، على أمل أن يقوم أحدهم بالضغط عليه، الرجل براغماتي، غير عنيف، يريد السلام، لكن يتم تجاهله بالكامل من قبل الاحتلال المتغطرس والمتعجرف.

كن متعاقدًا تنفيذيًا، وتعامل مع التنسيق الأمني، وامنحنا الأسماء التي نحتاجها، واقمع المقاومة الشعبية، وقم بنقل المقاومين إلينا، لكن اتركنا وشأننا وأشياء من هذا القبيل، اخدمنا واجلس بهدوء.

لذلك وجد هنا أخيرًا طريقة لكسب بعض الاهتمام من الإسرائيليين.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023