ابو مازن و خطاب التهديد

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

ابو مازن و خطاب التهديد 
بقلم ناصر ناصر 
لم تؤثر كثرة السعال التي تدل على الوضع الصحي المتراجع للسيد ابو مازن ، ذو 83 عاما على استمرار توجيهه لرسائل التهديد ، و التي لا يمكن وصفها بأنها كلها تهديدات فارغة ، فبعضها سيكون عمليا و جديا على ما يبدو ، وهو الجزء المتعلق بشعبه الفلسطيني في قطاع غزة .
لقد كرر ابو مازن في خطابه في الامم المتحدة تهديده المعروف انه لن يلتزم بالاتفاقات مع اسرائيل ، و تحديدا اتفاقات أوسلو و باريس التي نقضتها اسرائيل منذ مدة ، و هو تهديد ترى به غالبية الشعب الفلسطيني كتهديد فارغ من المضمون ، فهو مكرر و غير مقنع ، و لا يجد له رصيدا على أرض الواقع ، و ذلك على الرغم من ان معظم ابناء الشعب الفلسطيني يؤيدون مثل هذه الخطوة من رئيس سلطتهم . 
أما التهديد الثاني فهو موجه الى الولايات المتحدة الامريكية ، و التي قرر الرئيس ابو مازن و بحق انها اخترقت دورها كوسيط ، و خاصة بعد إجراءاتها الاخيرة بإخراجها القضايا الجوهرية من المفاوضات و تحديدا القدس و اللاجئين و الامن و الاستيطان ، و لكن المطلوب أكثر من مجرد التهديد بل إعلان موت العملية السلمية على أسس أوسلو و التمسك بوحدة الشعب الفلسطيني و المضي بالمقاومة بكل أشكالها كما جاء في وثيقة الاسرى . 
قد يكون التهديد الاخطر هو تهديد ابو مازن بالمزيد من العقوبات على الشعب الفلسطيني المناضل يوميا في قطاع غزة ، و ذلك لإجباره و بقوة المال الغاشمة على تسليم سلاح المقاومة ، و نقل نموذج التنسيق الامني لغزة ، و بهذا يكون السيد ابو مازن قد قام بنسف أي إمكانية للثقة في تهديداته السابقة ، إذ لا يمكن ان تواجه خصمك أو عدوك الخارجي ، و انت تعاقب و تحاصر و تمعن في التنكيل بأبناء شعبك الفلسطينيين . 
و بلغة التهديد هذه فقد وجه الرئيس ابو مازن ضربة يتمنى الشعب الفلسطيني ان لا تكون قاضية لجهود و مساعي المصالحة ، أو ان تكون تعزيزا لحالة الانقسام الكئيبة التي تسود الشعب الفلسطيني ، و لكن الامل ما زال معقود على اصرار الشعب الفلسطيني على وحدته و مقاومته حتى تحقيق أهدافه و لن تضره خطابات الرؤساء إلا قليلا ، و ما مسيرات العودة الا شاهد على ذلك .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023