خطاب نتنياهو و صرامة المعتدي

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

خطاب نتنياهو و صرامة المعتدي 
بقلم ناصر ناصر 
تحول خطاب نتنياهو في الامم المتحدة الى استعراض مسرحي ، استخدم فيه كل ما يملكه من قدرات خطابية و إعلامية ، مستعينا بالصور و محاولا خلق دراما حول أحداث و مواقف مكررة ، و هدفه الرئيس في ذلك مخاطبة الرأي العام في اسرائيل و إظهار نفسه كممثل قوي و قادر و مسيطر على الامور بعد ان اهتزت مكانته بسبب تحقيقات الشرطة في قضايا الفساد المتعلقة به ، و تأثيرات أزمة إسقاط الطائرة الروسية فوق الاجواء السورية .
نجح نتنياهو –و إن لساعات محدودة – ان يكسب تأييدا واسعا في الرأي العام الاسرائيلي ، كما انعكس ذلك في تحليلات و آراء معظم المحللين و الكتاب الاسرائيليين و الذين توحدهم جميعا مصلحة اسرائيل في مواجهة الخطرالايراني ، و في عرض قدرات أجهزتهم الامنية في العمل و اختراق الحدود ، و متابعة التهديدات في عقر دارها .
لقد ركز نتنياهو في خطابه على قضايا اجماع وطني كالموقف من ايران ، و منعها من الحصول على النووي أو تعزيز قدراتها العسكرية في سوريا ، او ايصالها و تزويدها لحزب الله بالاسلحة و الصواريخ الدقيقة ، و كذلك دافع عن قانون القومية و إمكانيات الجمع بين الديموقراطية و اليهودية في تحديد شكل و طبيعة الدولة في اسرائيل .
حذر نتنياهو بتكبره المعروف و المحبوب لدى أوساط واسعة من الجمهور الاسرائيلي دول أوروبا قائلا لهم : " استيقظوا و تعلموا من التاريخ " موجها "تعليماته " لهم بالتوجه لفحص ( مصنع النووي السري في طهران ) فهو يرى ان العالم ( يشتغل عنده ) ، كما وجه و بنفس الروح و الطريقة تحذيره المباشر لطهران ( لن نسمح لكم بتطوير سلاح نووي لا الآن و لا غدا ) ، متجاهلا قدرات اسرائيل النووية ، ففي نظره يحق لاسرائيل ما لا يحق لغيرها . 
لقد نجح نتنياهو في خطابه التاسع أمام الامم المتحدة في تمثيل دولته المحتلة ، و في لعب دوره الطبيعي كمحتل متغطرس يحظى بدعم أقوى دولة في العالم ، بينما فشل -من سبقه – في الخطاب بدقائق و من على منصة الامم المتحدة و هو الرئيس الفلسطيني ، في تمثيل شعبه المظلوم و لعب دوره الطبيعي كرئيس لشعب مضطهد يعيش تحت نير الاحتلال الصهيوني الغاشم ، فالحقوق لا تنتزع بالتباكي و الشكوى و الاستجداء على أبواب حكومات الدول المتغطرسة ، و التي لا تحترم إلا الاقوياء ، حتى و ان كانوا متغطرسين كنتنياهو ، بل تنتزع الحقوق بالقوة بكافة أشكالها ، و على رأسها قوة الوحدة و الارتباط الوطني ، و قوة المقاومة .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023