الإعلام الصهيوني في تصارع أمام فكرتين أساسيتين

إسلام حامد

باحث وأسير فلسطيني

يتصارع الإعلام الصهيوني أمام فكرتين أساسيتين:

الأولى: حصرية الهولوكوست كمصطلح يجب أن يعبر فقط عن المحرقة بحق اليهود التي قامت بها النازية الألمانية وحلفاؤها، وأن أي خلط بين الهولوكوست بتعريفه السابق مع أي ممارسة أخرى هو محاولة لإرباك الذاكرة البشرية وتغيير وعيها في نوعٍ من الإنكار للهولوكوست وحصريته لليهود وما جرى معهم.

الثانية: هو فضل محمود عباس ورجاله في سلطة رام الله على الكيان الصهيوني ومواطنيه، فمع كل ما سبق من انتقاد شديد بمقارنة عباس المذكورة فإنه ولولا هذا الشخص تحديدًا؛ لكانت انتفاضة الأقصى مستمرة وقائمة، والتي بالحتم ستكون الضفة الغربية بشكل آخر مختلف لا يصب في مصلحة الكيان الصهيوني، وأن علاقة الكيان الصهيوني مع عباس وجماعته يمكن توضيحها في مسارين أساسيين: الحاضر والمستقبل، فالحاضر هو التنسيق الأمني وضرورة بقائه من أجل الهدوء في المنطقة؛ مما يؤثر الأمن على مواطني الكيان وجنودهم منتشرين في المناطق، وما يقابله من أرباحٍ للفلسطينيين وتسهيلات في المعابر وتصاريح عمل وأفق اقتصادي لا بأس به، والمستقبل الذي يتم إدارته بشكل أساس عن طريق المصادر والشخصيات الأمنية، فهم يعرفون متى يجب الضغط على عباس وجماعته ومتى يجب عدم الضغط، وكيف يمكن إدارة  ملف المساعدة الأمنية لبقاء السلطة وتمكينها في مواجهة المقاومة الفلسطينية (العنف والإرهاب)، وكل ما يتصل بمستقبل الخيارات السياسية من حل الدولتين إلى ضم المستوطنات والأغوار للكيان الصهيوني.

وعليه السؤال كيف يمكن تقديم مقاربة حول قدسية الهولوكوست عند الصهاينة أمام المنفعة العظيمة التي يقدمها عباس وفريقه من خلال التنسيق الأمني الذي يحمي ويعزز كل مكونات الكيان الصهيوني إلى حد كبير؟.  

هذا ويستمر اليهود في ممارسة دور الضحية، في حين يبقى الضحية الحقيقي يعيش تحت سطوة الجلاد وقهر التاريخ له، عند الشعب الفلسطيني ما هو مقدس لليهود الصهاينة هو مدنس عندهم، وإن كان هناك ضحية للهولوكوست فهو الشعب الفلسطيني الذي يمثل (الشاهد الحي) لظلم التاريخ له، والمتضرر الأساس من هجرة اليهود إلى الأرض المقدسة وإقامة كيانه الغاصب على أرض فلسطين ولجميع القيم البشرية، وحتى التخلص من هذا الاستعمار الغاصب يبقى الهولوكوست قائمًا بحق الفلسطينيين.

(1) الكراماتوريا: كلمة لاتينية تعني المحرقة.

(2) الهلوكوست: كلمة يونانية تعني حرق القربان بالكامل، واستخدمت في التشريع الديني اليهودي وصفًا للقرابين التي يتم تقديمها في طقوس تعبدية في زمن الهيكل.

الأسير الكاتب: إسلام حسن حامد

22/8/2022م

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023