يسرائيل هيوم
البرفسور إيال سيزر
أثارت الانتخابات في "إسرائيل" في الماضي اليقظة والتوتر في العالم العربي، ولم يكلف الكثير من القادة العرب عناء إخفاء من كان متعاطفاً معهم من بين المتنافسين، بل وتدخلوا أكثر من مرة في العملية الانتخابية في محاولة للتأثير على النتائج.
بالمناسبة، يتبين أنه خلافاً للافتراض القائل بأن العالم العربي دائماً ما يهتم بانتصار معسكر اليسار، في الواقع فضل القادة العرب التعامل مع قادة اليمين، لأنهم تصوروا بأنهم قادة أقوياء يحافظون على كلمتهم، وكأولئك القادرين على اتخاذ قرارات صعبة وحشد دعم شعبي واسع لهم.
إنه لسر مفتوح ومعروف أن الرئيس المصري أنور السادات أراد فوز زعيم الليكود مناحيم بيغن في انتخابات حزيران/يونيو 1981، لأنه كان يعتقد أنه فقط معه سيكون من الممكن الترويج لاتفاقية السلام التي وقعتها الدولتان قبل سنوات حينها.
وفي حين لم يخف حسين -ملك الأردن- رضاه عن فوز بنيامين نتنياهو على شمعون بيريز في انتخابات رئاسة الوزراء في يونيو 1996، وشعر حسين بالخيانة من قبل بيريز، لأنه وقع اتفاقيات أوسلو مع ياسر عرفات في سبتمبر 1993، مما أدى إلى تقويض اتفاقية أوسلو، والإجماع المشترك للأردن و"إسرائيل" يجب أن يحارب الحركة الوطنية الفلسطينية، لكونها عدواً مشتركاً وحتى تهديداً حقيقياً لوجود الأردن ذاته.
لكن يبدو أن كل ذلك أصبح شيئاً من الماضي، بينما يرى البعض منا الانتخابات المقبلة على أنها انتخابات تاريخية ذات أهمية بعيدة المدى، ليس فقط لـ"إسرائيل" ولكن أيضاً للمنطقة بأكملها، وفي العالم العربي هناك نقص في الاهتمام واللامبالاة، وفي وسائل الإعلام العربية لا يوجد أي شيء تقريباً يذكرون أنه ستكون هناك انتخابات في "إسرائيل" هذا الأسبوع.
على أية حال، فإن هذا التقدير العميق للنظام الديمقراطي الإسرائيلي، الذي كان في الماضي مصدر حسد وإلهام لكثير من العرب، قد اختفى أيضاً، ولقد شاهدوا بأعينهم المفتوحة كيف تتغير الحكومة في "إسرائيل" بالتصويت في صناديق الاقتراع، وليس في انقلاب عسكري أو في ثورات جماهيرية عنيفة ودموية، كما شهدنا خلال الربيع العربي.
لكن ما يمكن الشعور به هو قلق متزايد لدى العديد من أصدقائنا العرب، على سبيل المثال في دول الخليج، في ظل الفوضى السياسية التي تعيشها "إسرائيل" منذ عدة سنوات.
وبعد كل شيء، حتى لو تخلى العرب عن متابعة الحملات الانتخابية التي لا تنتهي معنا، فإنهم ما زالوا يرون "إسرائيل" كصديق وحليف، وبالتالي منزعجون من عدم الاستقرار والضعف الذي يصيبها، والذي في نهاية المطاف يؤثر عليهم أيضاً.
كما يجب الاعتراف بأن قلة الاهتمام واللامبالاة في العالم العربي متجذرة في الاعتراف بأنه، باستثناء بعض الاختلافات في الأسلوب والبلاغة بعد -كل شيء- في الجوهر، وبالتأكيد في كل ما قيل بشأن العلاقات بين "إسرائيل" وجيرانها، لا فرق حقيقي بين المتنافسين في "إسرائيل".
في عهد بنيامين نتنياهو، كانت هناك بالفعل أزمة في العلاقات بين "إسرائيل" والأردن، عمل يائير لابيد على تصحيحها، لكن -نتنياهو- هو والد اتفاقيات السلام مع دول الخليج، وهو أيضاً منذ سنوات قاد بشكل حاسم الحرب ضد إيران، حيث يُنظر إلى الخليج على أنه الجبهة الوحيدة.
وبعيداً عن ذلك، يتضح للعرب أن لا نتنياهو ولا لبيد ولا غانتس سيحدثان تغييراً حقيقياً في الواقع القائم -لا في اتجاه ضم الأراضي أو في اتجاه التنازل عنها ولا سيما- في اتجاه سياسة تؤدي إلى تصعيد الحدود.
وبشكل عام، في الواقع الإسرائيلي، حيث تجيب الحكومة بـ "آمين" بعد المؤسسة الأمنية على أية حال، والأخيرة هي التي تملي مجريات الأحداث -ربما يفهم العرب أن الأهم هو من سيرأس الأركان القادم- وليس بالضرورة ما ستكون عليه هوية رئيس الوزراء المقبل.
المهم بالنسبة للعالم العربي هو انتخاب رئيس للوزراء يمنح "إسرائيل" الاستقرار ويبرز قوة ضد إيران ويحافظ على علاقات "إسرائيل" الخاصة مع الولايات المتحدة التي تعتمد عليها جميع الدول العربية اليوم، ومن كل هذا يترتب على أن العالم العربي سيكون على حق في العمل مع أي رئيس وزراء يتم انتخابه من قبلنا، لذلك لا يهم ماهية هويته -ففي النهاية- العلاقات مع "إسرائيل" هي في المقام الأول للمصالح العربية.