موقع نيوز "1"
يوسي أحيامئير
سارع وزير الجيش -المنتهية ولايته- بيني غانتس إلى الثناء على السلطة الفلسطينية لاتخاذها إجراءات لإعادة جثة الشاب الإسرائيلي "تيران فرو" إلى "إسرائيل"، حيث تنفس الصعداء عندما أعيد الجثمان، ودفن في جنازة جماعية في دالية الكرمل، كما سارع غانتس -أيضًا- إلى الحصول على الفضل لنفسه والمؤسسة الأمنية لنجاح التنسيق الأمني، لقد نسي التعليق على مقتل تيران على يد آسريه من المستشفى، والشيء الرئيسي هو أنه تم تحقيق هدوء مؤقت.
تيران البالغ من العمر 18 عامًا، وهو من أبناء الطائفة الدرزية، ذهب إلى قرية برطعة الفلسطينية، خلف الخط الأخضر، لتركيب جهاز ستيريو لسيارته، بثمن بخس بالطبع، ودفع ثمنًا لم يكن رخيصًا على الإطلاق.. درس لكل الإسرائيليين، بما في ذلك الأقليات لدينا، الذين يذهبون إلى جنين وضواحيها، ويخاطرون بحياتهم وأرواح جنودنا.
لماذا هرع الخاطفون والسلطات لإعادة الجثمان؟ هل هو تكريم لغانتس الذي يستضيف رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في منزله في روش هاعين؟
بعد كل شيء، وصلت الشائعات -أيضًا- إلى رام الله عن إجراء انتخابات في "إسرائيل"، وحدث اضطراب سياسي في "فلسطين المحتلة"، وغانتس "بطة عرجاء"، خدم في الوقت الضائع، قبل أن ينتقل إلى المعارضة كعضو - كنيست عادي.
في السنة ونصف التي مرت، وجّه الجيش الإسرائيلي ضربات قوية للمقاومة، لكنه لم يتمكن من إيقافها بالكامل، بذلك ارتقى مرتبة، ومن الجيد أن تنتهي هذه القضية بسرعة.
أكثر من التنسيق الأمني -الذي لا يمنع قتل الإسرائيليين بأعداد متزايدة- يعود الفضل الكبير في إعادة جثث القتلى إلى أبناء الطائفة الدرزية، فإذا كنت تريد أن تتعلم التضامن_ما هو عليه، فعليك أن تلجأ إلى أعضاء هذا المجتمع النبيل وتتعلم منهم، فمنذ اللحظة التي انتشرت فيها أنباء الاختطاف والقتل، اندلعت اضطرابات كبيرة في القرية، وتظاهرات عاصفة، ودعوات للتحرك والانتقام، والتنظيم للتوجه نحو جنين، وهددوا جنين: "سوف نأتيكم لنذبحكم"، حيث كان الوضع متوتر وقابل للاشتعال.
لدى الدروز العديد من المبادئ التي يلتزمون بها بتعصب، واحد منهم هو الاحترام المدعوم بالقوة، اثنان من ثلاثة أقوياء بارزين مشهورين، ليس المال_بل الشرف والقوة، بدون اعتذار، و في مظاهراتهم، عبروا عن عدم الثقة في الحكومة الضعيفة التي لا تزال في السلطة، وخاصة وزير الجيش.
كما أخبرني أحد العارفين في الطائفة: لا ننسى دوره في قضية الجندي المقتول يوسف مدحت، قبل 22 عامًا، نزف حتى الموت بينما كان غانتس قائدًا لفرقة الضفة الغربية، فهل كانوا سيتركونه ينزف حتى الموت لمدة أربع ساعات إذا لم يكن درزيًا؟
التضامن الدرزي من أشهرها، عبور الحدود بمجرد أن يكون أحد أعضاء المجتمع في حاجة، سيشعر الجميع بمساعدته، كما أنهم سينشطون إخوانهم في سوريا ولبنان كما فعلوا في حالة الشاب تيران، فلقد كانوا بالفعل على وشك الانتقام من المسلحين، حالما كان الأمر يتعلق بشرف المجتمع، "لم يثقوا" بقواتنا الأمنية وكان من الممكن أن يدفعوا ثمنًا باهظًا للعديد من الضحايا.
انزعجت السلطة الفلسطينية، وازداد الخوف من المستقبل في "إسرائيل"، وهنا الدافع الواضح للإنهاء السريع للقضية.
وأوضح مصدر في الطائفة أن الدروز "يتكلمون العربية وليس الأشكنازي" لغة الشرق الأوسط، حيث يفوز القوي، القوة ليست فقط عسكريًا، ولكن أيضًا بعزم وتفكير، فالتهديد الدرزي بغزو جنين لم يكن مناورة، ففي القرى الدرزية، يتم تخزين العديد من الأسلحة، المشروعة أو غير القانونية، والتي يمكن استخدامها لغرض الانتقام وإعادة الجسد والحفاظ على شرف المجتمع، حيث أدركت السلطة الفلسطينية ذلك على الفور.
قتلة تيران أيضاً، تم تجنب حمام الدم، ولذا تلقينا درسًا في التضامن الوثيق، في الاستعداد للدفاع لإنهاء الشرف القومي أو الطائفي، وفي تعزيز قوة الردع والاستعداد للقتال من أجل أحد أعضاء الطائفة -حياً أو ميتاً- بأي ثمن.
أقيمت في دالية الكرمل جنازة ضخمة مليئة بالشرف والعظمة للشاب الدرزي، كما شارك فيها سمحا غولدين، والد الجندي، الذي تحتجز حماس جثته في غزة منذ عدة سنوات، وتساءل "كيف يمكن أن يكون الدروز في عملية بسيطة قد أعادوا الجثة في غضون يوم والجيش الإسرائيلي غير قادر على إعادة جثة ابني؟"
يمكن للمرء أن يتفهم ألمه، لكن قضية هدار في غزة ليست مثل قضية تيران في جنين، وليس فقط لأن تيران كان درزيًا، فحماس أقل عقلانية من السلطة الفلسطينية، إنها مستعدة لامتصاص ضرب وحرب إسرائيلية آخرى، ولن تخجل من وقوع خسائر بشرية كبيرة في قطاع غزة، إنها تنجح ببطء في غرس أنماطها القاتلة من الرعب التي تزداد حدتها في الضفة الغربية، وأنا متأكد: سيعود هدار غولدين وأورون شاؤول.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تصريح نبيل لوالدي المخطوف في جنين قبل انتهاء القضية: "لا أريد أن يخاطر جندي إسرائيلي واحد بحياته من أجل عودة جثة ابني".
كان شباب المجتمع قد حملوا السلاح بالفعل، وكانوا يستعدون للعمل، مدركين أنهم سيخاطرون بحياتهم، بل ويخالفون القانون، بشرط أن يحضروا صديقهم إلى الدفن في قريتهم، ويبقى شرف الأسرة محفوظاً.
يعرف الدروز مدى قوة الجيش الإسرائيلي، فهم يتجندون في صفوفه، لكنهم يرون أيضًا ترددًا ونقاط ضعف في أعلى القيادة، فهم لا يحافظون بغيرة على شرف مجتمعهم فحسب، بل يقفون أيضًا حراسًا لبلدهم.