مطلوب تحقيق سريع وشفاف

القناة الـ12

مقال التحرير


تعدُّ البلدة القديمة في القدس من أكثر المناطق التي تم تصويرها وتوثيقها في العالم، على الرغم من ذلك، كلما كان هناك اشتباه في الاستخدام المفرط للعنف من قبل الشرطة لا يُعرض توثيق الأحداث للجمهور بأعذار مختلفة، مثل: أن الكاميرات لم تعمل على الإطلاق، أو وقع الحدث خارج نطاق الكاميرات.

حدث نفس الشيء يوم الجمعة الماضي، عندما قتل رجال الشرطة بالرصاص محمد العصيبي، 26 عامًا، من سكان حورة.

وبحسب الشرطة، جاء العصيبي إلى الحرم القدسي (الأقصى) بهدف الإضرار بالشرطة، هاجمهم وسحب سلاح أحدهم، ولم يُطلق عليه الرصاص إلا بعد أن تمكن من إطلاق رصاصتين.

ويشير تسجيل الأعيرة النارية إلى أن رجال الشرطة أطلقوا ما لا يقل عن عشر رصاصات باتجاه العصيبي.

هذه الرواية دُحضت على الفور من قبل عائلة العصيبي ورؤساء الجمهور العربي في "إسرائيل".

أولاً: العصيبي الذي أنهى للتو دراساته الطبية في ألمانيا لا يتناسب مع الصورة المعتادة لـ"إرهابي" منفرد.

ثانياً: ادعى شاهد عيان فلسطيني أن الحادث برمته بدأ بشجار بين العصيبي ورجال الشرطة وليس بمهاجمته إياهم.

لكن الأهم، على الرغم من وجود الكاميرات الأمنية في مكان الحادث، لم تقدم الشرطة أي توثيق للحادث للجمهور، وزعمت الشرطة أن الحادث وقع في "منطقة ميتة" لم تسجلها الكاميرات الأمنية.

يبدو هذا التفسير ضعيفًا نظرًا لوجود كاميرات أمنية في المنطقة، ونظراً لحقيقة أنه في حالة العمليات السابقة في البلدة القديمة أصدرت الشرطة توثيقًا تفصيليًا للهجوم في وقت قصير.

كل هذا يثير الشكوك في أن مقتل العصيبي كان غير مبرر، أو على الأقل نتج عن رد فعل مبالغ فيه من قبل الشرطة في الحرم القدسي.

لقد علم الجمهور العربي والفلسطيني بالفعل أن الشرطة تدعم الضباط حتى في الحالات التي يقتلون فيها شخصًا دون داع.

هذا ما حدث في الحادثة التي أدت إلى مقتل يعقوب أبو القيعان عام 2017، وهكذا حدث في مقتل الشاب إياد الحلاق في البلدة القديمة عام 2020.

كما أن مقتل أحد المصلين داخل الحرم القدسي الشريف خلال شهر رمضان يُعدُّ مساسًا خطيرًا للمسلمين، وأيضًا حادثًا خطيرًا جدًا من وجهة نظر أمنية تتعدى نتائجه إلى ما وراء الحرم القدسي الشريف.

وعرضت الشرطة أمس نتائج اختبار معهد الطب الشرعي الذي عُثر بموجبه على بقايا الحمض النووي للعصيبي على مسدس الشرطي؛ لكن هذا لا يكفي.

يجب على الشرطة أن تكشف دون تأخير ودون النظر في اعتبارات الصورة عن أي دليل فوتوغرافي يمكن أن يلقي الضوء على الحادث.

كما يجب على معهد الطب الشرعي وإدارة التحقيقات الشرطية إجراء تحقيق سريع ومعمق وشفاف، ما سيعيد ثقة الجمهور في الشرطة ويساعد في تقليل التوترات الأمنية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023