معهد بحوث الأمن القومي
ألون لففي ومئير إلران
في 27 مارس 2023، أُفيد أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اتفق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أن اقتراح إنشاء الحرس الوطني تحت إشراف وزارة الأمن الوطني سيكون في الجلسة المقبلة للحكومة، وأن يتم إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لتأسيسها.
توقيت النشر يشير إلى الخلفية السياسية الواضحة للخطوة، كما نشر الوزير بن غفير منبرًا للمناقشات حول هذا الموضوع، مفصلاً موقفه ومطالبه.
قرارات الحكومة بشأن إنشاء الحرس الوطني بناءً على الدروس المستفادة من المواجهات في مايو 2021 في المدن المختلطة، اتخذتها بالفعل حكومة نتنياهو السابقة ومرة أخرى في يونيو 2022 من قبل الحكومة برئاسة نفتالي بينيت.
وقد بدأ بالفعل اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه من قبل وزير الأمن الداخلي السابق عومر بارليف، إذ كانت النية في ذلك الوقت هي إنشاء هذه القوة على غرار حرس الحدود، كجزء من شرطة "إسرائيل"، ولم يطل طلب الوزير بن غفير من إخضاع الحرس مباشرة لوزير الأمن الوطني إلا عند تشكيل الحكومة الحالية، مع فصله عن هرمية الشرطة.
في مقال نشره معهد دراسات الأمن القومي في 22 فبراير 2023 بعنوان "حرس الحدود - نحو تغييرات جوهرية في مهام الجندي؟" فُحصت تداعيات إنشاء الحرس الوطني بعمق، وجرى التأكيد على أن إنشاء الهيئة الجديدة التي ستتمتع بصلاحيات إنفاذ الشرطة خطوة صحيحة وفي الوقت المناسب.
ومع ذلك، فإن إخضاعها لوزارة الأمن القومي وعدم إنشائها كجزء من شرطة "إسرائيل" سيكون خطأً فادحًا، وذلك للأسباب الرئيسية التالية:
* إنشاء حرس وطني منفصل عن شرطة "إسرائيل" يضعفها: فلسنوات، كان يُنظر إلى الشرطة على أنها نوع من الأخ غير الشقيق للنظام الأمني وللجيش الإسرائيلي، كما ينعكس ذلك في الميزانيات والمعايير والاهتمام الوطني.
لا جدال في أن الشرطة- وهي صغيرة بالنسبة للمهام الموكلة إليها- وتنظيمها؛ لتكون بالإضافة إلى أداء مهامها التقليدية (ضد الجريمة وحوادث الطرق والاضطرابات العامة) مستعدة للتعامل مع حالات الطوارئ المدنية، مثل: الحرائق والفيضانات والزلازل وانهيارات المباني، والطوارئ الأمنية (الحرب والـ"إرهاب" والاضطرابات الخطيرة والكوارث الجماعية).
يمكن للحرس الوطني كجزء من الشرطة الإسرائيلية تعزيز قدراته التنفيذية بشكل كبير، خاصة في حالات الإجهاد المدني.
* تعقيد تشغيلي غير ضروري وإشكالي: إن حجم البلد وتعدد الأحداث فيه وتواترها وتعقيدها تتطلب من الشرطة التنسيق على مستوى عالٍ مع وكالات الأمن وإنفاذ القانون الأخرى. سيتضرر هذا الجانب الأساسي بشدة مع إنشاء هيئة تنفيذية أخرى، مما قد يؤدي إلى تداخلات تنظيمية غير ضرورية ويسبب إخفاقات تشغيلية في هذا المجال.
تعتمد طريقة عمل الشرطة الإسرائيلية على مفهوم وحدة القيادة، فكل مساحة معينة لها قائد واحد فقط، وسيؤدي إنشاء هيئة جديدة إلى إجبار تقسيم مناطق السيطرة إلى شرائح صغيرة من أقسام المسؤولية الوظيفية، أو بدلاً من ذلك، سيتطلب إنشاء آلية تنسيق مرهقة ومكلفة وغير عملية.
* الازدواجية غير الضرورية التي تتطلب موارد كثيرة: إنشاء هيئة جديدة ومستقلة يعني إنشاء آليات دعم مكررة وغير ضرورية ومهدرة: التخطيط، والشؤون المالية، والقوى العاملة، واللوجستيات، والتكنولوجيا، والعمليات، والتحقيقات والدعاوى القضائية.
يتطلب إنشاء حرس وطني منفصل عن الشرطة موارد ستُنقل إليه حتماً على حساب تخصيصها لتعزيز الشرطة.
* إلحاق الضرر بالتكامل والتنسيق بين الشرطة وحرس الحدود: حيث تتغذى شرطة "إسرائيل" وحرس الحدود التابعان لها وتعتمدان على بعضهما البعض في كل ما يتعلق بنشر الأفراد وتشغيل القوة العملياتية، وينتج التعايش بينهما التكامل المهني والتعلم المتبادل والمرونة في وضع وتعزيز الوحدات حسب الحاجة.
سيتأثر هذا المجال الحيوي بشكل كبير، وسيتطلب إنشاء هيئة منفصلة عن الشرطة إنشاء آليات مكررة واستثمار غير ضروري للموارد في العديد من المجالات بما في ذلك بناء القوة وتشغيلها.
* حرج وصول المدنيين إلى الشرطة، إذ تكون واجهة المواطن مع الشرطة من خلال المكالمات إلى 100 خط ساخن، أو الوصول المادي إلى مراكز الشرطة، ومن الواضح أن إنشاء مراكز طوارئ جديدة (يوجد حالياً سبعة من هذا القبيل، واحد في كل منطقة شرطة، وغنية بالموظفين والتقنيات) خطوة غير عملية.
السؤال الرئيسي الآخر هو: ما هي أدوار الحرس الوطني؟، من المفترض أن يركز على الأنشطة ضد العمليات والمهمات الأمنية المستمرة والتعامل مع الاضطرابات في الفضاء المدني وإدارة حالات الطوارئ بجميع أنواعها، يُضاف إلى ذلك طلب الوزير بن غفير، كجزء من مقترح اتخاذ القرار (29 مارس 2023) أن يتعامل الحرس الوطني أيضًا مع الجريمة القومية وتعزيز السيطرة في المجالات التي تتطلب ذلك.
كل هذه هي جزء من مهام الشرطة وحرس الحدود، هل سيتوقفون عن الانخراط في هذه المجالات التي كلفوا بها وفقًا للقانون؟ هل ستشترك المنظمات الثلاث في هذا في نفس الوقت؟
منذ البداية كان من المفترض أن يساهم إنشاء الحرس الوطني في تحسين مستوى الخدمة لدى المواطن وإحساسه بالأمن الشخصي والقدرة الشاملة على التعامل مع التحديات التي تواجه شرطة "إسرائيل"؛ لكن التحديات لن يتم الرد عليها ما لم يتم إنشاء الحرس الوطني كجزء لا يتجزأ من الشرطة.
على أي حال، حتى إذا أُنشئ الحرس الوطني وجرى تشغيله خارج الشرطة، فسيتعين عليه العمل كهيئة تنفيذية لها سلطات شرطية مع مراعاة القانون.
ويحظر خلق وضع يكون فيه لوزارة الأمن الوطني سلطة التدخل في العمليات التشغيلية للحرس الوطني، وهو تدخل من شأنه أن ينطوي حتمًا على اعتبارات ومصالح سياسية في التنفيذ والعمليات، فالشرطة ليست جيشًا، وحرس الحدود ليس جيشًا، والحرس الوطني ليس جيشًا، ووزارة الأمن القومي ليست وزارة الدفاع.
تتعامل جميع هذه الهيئات بشكل أساسي ومباشر مع أمن المواطنين الإسرائيليين، الذين يتمتعون جميعًا بحقوق الإنسان والحقوق المدنية التي يمنحها القانون.