موقع نيوز 1
يوني بن مناحيم
توضح أحداث شهر رمضان بوضوح التدهور الكبير في مكانة السلطة الفلسطينية في الشارع الفلسطيني، وينشأ الانطباع بأن السلطة الفلسطينية اختفت تمامًا من الخطاب الإعلامي الذي استولت عليه منظمة حماس التي قادت القتال ضد "إسرائيل" في المسجد الأقصى وقطاع غزة وجنوب لبنان بإطلاق الصواريخ.
يذكرنا الجو في الشارع الفلسطيني بالجو الذي ساد في أيار/مايو 2021، والذي أدى إلى العملية العسكرية الكبرى للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة "حارس الأسوار".
وأدت التسريبات من وثائق البنتاغون في الولايات المتحدة إلى إحراج كبير للسلطة الفلسطينية، وكشفت كيف تقود السلطة الفلسطينية الجمهور الفلسطيني، وتواصل سراً التنسيق الأمني مع "إسرائيل"، وهي ضربة أخرى لمصداقية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
السلطة الفلسطينية محرجة، ولم يتم بعد تحديد موعد لاجتماع آخر للمنتدى الأمني المشترك للولايات المتحدة، و"إسرائيل"، والسلطة الفلسطينية، والأردن، ومصر، بعد اجتماعين في العقبة وشرم الشيخ قبل رمضان؛ في محاولة لتهدئة الوضع على الأرض.
تعزز موقف الجماعات المسلحة في شمال الضفة الغربية على حساب موقف السلطة الفلسطينية في الشارع الفلسطيني، والأسباب لذلك كثيرة، ويعتقد كثيرون في الشارع الفلسطيني أنها أنهت دورها التاريخي.
وأظهر استطلاع للرأي العام الفلسطيني أجراه معهد أبحاث في رام الله برئاسة د. خليل الشقاقي أن 54٪ من الجمهور الفلسطيني يعتقدون أن انهيار السلطة الفلسطينية أو حلها في مصلحة الشعب الفلسطيني، كما أظهر أن أكثر من 70٪ من الجمهور لا يؤمنون بالعملية السياسية مع "إسرائيل" ويؤيدون الكفاح المسلح ضدها.
هناك عدة أسباب للضعف الكبير في الدعم الشعبي للسلطة الفلسطينية أبرزها:
-فشل اتفاقيات أوسلو بعد 30 عامًا، كان من المفترض أن تكون السلطة الفلسطينية كيانًا مؤقتًا من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، إلا أن الكثيرين في الشارع الفلسطيني يعتقدون أن محمود عباس، الذي انتخب عام 2005 رئيس السلطة الفلسطينية، قاد النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال دون جدوى.
-تفشي الفساد في أجهزة السلطة الفلسطينية، يشعر الشارع الفلسطيني أن الفساد يتزعمه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ونجليه والعصابة المحيطة بهم، وهي ظاهرة تؤثر على جميع آليات السلطة الفلسطينية.
-الحكم الديكتاتوري للسلطة الفلسطينية، وانتهاك حقوق الإنسان، وقمع حرية التعبير، وأبرز مثال على ذلك: مقتل الناشط الحقوقي نزار بنات في الخليل، على يد رجال أمن السلطة الفلسطينية؛ بسبب انتقاداته الشديدة لرئيس السلطة محمود عباس.
-استمرار السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، والصراعات الميدانية بين المستوطنين والفلسطينيين، وأبرز مثال على ذلك: الأحداث التي وقعت في بلدة حوارة بعد مقتل إسرائيليين اثنين، واعتداء مستوطنين على منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم في البلدة.
-استمرار دخول الجيش الإسرائيلي إلى مراكز المدن الفلسطينية لإحباط الهجمات المخطط لها من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة واعتقال المطلوبين (عملية "كاسر الأمواج").
-استمرار التنسيق الأمني مع "إسرائيل"، المزاج السائد في الشارع الفلسطيني هو أن السلطة الفلسطينية أصبحت هيئة بلدية كبيرة تدير الحياة اليومية في الضفة الغربية ولكنها عملياً هي المقاول التنفيذي لجهاز الأمن الإسرائيلي.
-الجو العام في الضفة الغربية صعب، والإحباط واليأس يتزايدان بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب، فقد أضرب حوالي 20 ألف معلم منذ شباط وحتى الآن، مطالبين بحل مشاكل الرواتب، والعجز في موازنة السلطة الفلسطينية مستمر، أوقفت الدول العربية المساعدات المالية السنوية للسلطة الفلسطينية، والدول المانحة لا تريد تحويل الأموال بسبب الفساد في أجهزة السلطة الفلسطينية.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتجنب إجراء انتخابات عامة للرئاسة والبرلمان، ويلقي باللائمة على "إسرائيل" في ذلك، والحقيقة أنه يخشى هزيمة شخصية في الانتخابات الرئاسية، وخسارة كبيرة لحركة فتح في الانتخابات النيابية، على غرار خسارتها في الانتخابات ضد حركة حماس عام 2006.
ضعف السلطة الفلسطينية يمكن أن يؤدي إلى انهيارها، وخلق فراغ حكومي وأمني في المنطقة تملأه الجماعات المسلحة التي بدأت بالفعل في الصعود في شمال الضفة الغربية، واليوم هناك بالفعل حوالي 9 مثل هذه الجماعات ومن أبرزها مجموعة "عرين الأسود" في مدينة نابلس.
مثل هذا السيناريو سيكون له عواقب وخيمة على الفلسطينيين الذين قد ينجرون إلى الفوضى الأمنية في جميع أراضي الضفة الغربية وإلى حرب أهلية، كما سيؤدي إلى زيادة العمليات ضد "إسرائيل".
"إسرائيل" ليس لديها حل للوضع وكذلك المجتمع الدولي، في هذه الأثناء يعتبر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو العنوان الرسمي القانوني للفلسطينيين، لكن هذا لن يستمر لفترة أطول بسبب تقدمه في السن (88) وحالته الصحية، المستقبل لا يبشر بالخير للفلسطينيين و"إسرائيل".