ضربة ثقيلة بالجناح

هآرتس

ترجمة حضارات


في الضربة الأولى لعملية "الدرع والسهم" التي بدأت ليل الثلاثاء من الأسبوع الجاري، كان من بين الشهداء الـ 13 عشرة مدنياً 3 أطفال، لكن من دون غمضة عين زُعم أن هذا "ضرر عرضي" لضرورة القضاء على كبار أعضاء الجهاد الإسلامي الثلاثة.

 والواقع هو عكس ذلك تمامًا: كان من المفترض اعتبار كبار القادة الثلاثة "نتيجة عرضية" لاغتيال المدنيين في غزة.

يطرح العدد الكبير من القتلى المدنيين تساؤلات صعبة حول الجانب الأخلاقي والقانوني للعمليات العسكرية من هذا النوع، ويجب توجيهها إلى عدة عناوين:

 أولًا وقبل كل شيء لقادة الجيش، الذين قرروا بعد "تفكير" (بتعبير أدق، بدم بارد) تنفيذ عملية عندما عُرف، وباحتمالية عالية أن مدنيين، ومن بينهم أطفال، يقيمون بالقرب من الأهداف.

 أما العنوان الثاني فهو المستوى السياسي برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وافق على هذا الإجراء.

 هل تأكد صناع القرار أنه لا يوجد خطر على حياة المدنيين أم أنهم عولوا على توصيات الجيش؟ هل حسبوا الثمن القاتل للعملية - قتل الأبرياء بمن فيهم الأطفال، وتوصلوا إلى نتيجة مشوهه مفادها أن "الثمن" يستحق كل هذا؟ إذا كان الجواب نعم، فهذه ليست مجرد جريمة أخلاقية، بل جريمة حرب.


أما المُرسل إليه الثالث فهو المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، التي وافق على العملية دون الحاجة إلى عقد مجلس الوزراء الأمني.

 هل تحققت بعمق، حول ما إذا كان هناك خطر على حياة المواطنين المدنيين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل ترى أنه من المناسب الموافقة على العملية بالرغم من ثمنها الاجرامي؟


العنوان الرابع هو الطيارون الذين نفذوا المهمة، ألم يعلموا، أو لم يقدّروا في ضوء الوضع الحالي والتجربة الماضية، أن قصف المنازل وليس المواقع العسكرية يحمل احتمالية كبيرة لقتل المدنيين؟ هذا السؤال بالغ الأهمية في ضوء حقيقة أن بين أفراد القوة الجوية، وخاصة جنود الاحتياط، كانت هناك دعوة لرفض الخدمة؛ بسبب الانقلاب القانوني، هل هؤلاء الطيارون يعيشون بسلام مع قتل المدنيين الأبرياء بمن فيهم الأطفال؟ وهل مقبول عليهم تنفيذ الأمر بعلم أسود يرفرف فوقه؟


قال دان حالوتس، قائد سلاح الجو ثم رئيس الأركان في عام 2002، بعد مقتل 14 مدنياً إثر قصف منزل مسؤول حماس البارز صلاح شحادة: "عندما أطلق قنبلة، أشعر بضربة خفيفة في الجناح".

 غطرسة حلوتس فيما يتعلق بالقتل بالجملة -وهو الموقف الذي تلقى وبصدق انتقادات علنية شديدة- أصبح موقفًا روتينيًا، يجب ألا نقبل أن تصبح جرائم الحرب وموت الأبرياء جزءًا من الروتين الإسرائيلي. قيادة هذه رؤيتها، لا يمكن أن تكون شرعية في الديمقراطية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023