الردع الملون

بقلم/ رائد أبو ظاهر


الردع، تلك الكلمة أو ذاك المفهوم والذي أصبح مرافقاً دائماً لنا ولأحاديثنا اليومية، لكن دون أن نفهم معناه ومدلولاته الحقيقية، والتي جعلت خبراء الأمن والجيش في دولة الكيان يقوموا بتصنيفه إلى عدة أصناف وأشكال، يقود كل شكل منه إلى فهم ومعنى معين، لكن المتفق عليه في جميعها قيام الردع على ركيزتين أساسيتين:

أولًا: استخدام القوة.

ثانياً: تثبيت النتائج العقابية في الرأس بفعل تلك القوة، أي عندما يتم اختراق الخطوط الحمراء المرسومة من قبل الطرف الرادع، فإن العقاب يكون باستخدام القوة، لكن لأن الجيش الصهيوني لم يعد مثل الماضي، فإنه قام بتصنيف أعدائه وأصبح يتحرك ضدهم بحسب طاقة تحمّله وتحمّل مجتمعه، وليس حسب خطورة هؤلاء أو ذاك العدد، وهذا برهان إضافي على حالة الضعف والتراجع التي يعيشها، وهنا أطلقنا على ذلك التصنيف الصهيوني مفهوم الردع الملون، بحسب لون وتوجه أعداء دولة الكيان لها.  

الردع الأسود: فمنذ حرب 2014 على غزة، أصبح الجيش الصهيوني يفضل الحصول على بعض المكاسب الصغيرة سياسيًا وعسكرياً، وهذا مرهون بإدارة المخاطر في أي مواجهة، لذا اتجه إلى الاصطدام بالجهاد الإسلامي (أصحاب الراية السمراء) في ثلاث مواجهات منفردة، لأن الثمن الذي سيدفعه سيكون أقل من الثمن الذي سيدفعه لو اختار حماس، أي اختار الهدف الأسهل والأسرع في جني الثمار و المكاسب.  

الردع الأخضر: هذا الردع يحسب العدو له ألف حساب، ويتجنب الاصطدام (بحماس) بفعل ما تمتلكه من قدرات قتالية وبشرية أفضل وأكثر من الجهاد، لأن الثمن الذي سيدفعه سيكون كبير حتى أنه أصبح يستخدم مفاهیم، "إن دخول حماس للحرب: لا سمح الله.." سيؤدي إلى نتائج كارثية، ودخول "إسرائيل" حرب استنزاف طويلة.  

ربما استاء البعض من عدم دخول الأخضر إلى المواجهة العسكرية، لكن في الحقيقة هذا يسجل لنا وينمي قدرة الردع المتبادل تجاه عدونا.

الردع الأصفر: رغم تصنيف حزب الله بأنه يشكّل خطر استراتيجي على دولة الكيان، إلا أنها تجرأت على إيران ولم تفعل أو تجرب معه، لأنها تعلم أن اللعب معه سيكون مكلفًا ليس مادياً وبشرياً فقط، وإنما سيكشف أكذوبة جديدة من أكاذيب هذه الدولة حول وجودها، والتي ترسخت في رؤوس بعض العرب والمسلمين، والذين لم يشاهدوا أو لم يريدوا أن يشاهدوا حجم الشرخ في الجدار الحديدي لهذه الدولة.  

في النهاية جيد أن تُعتبر بعض الألوان رادعة أكثر من غيرها، بالنسبة لدولة الكيان لكن السماح لها باختيار لون الردع الأسهل، فإن هذا یمس بالمقاومة ومصداقيتها ومصداقية وحدة الساحات، والمثل يقول "من أمن العقاب (العدو) أساء الأدب"، فالعقاب يجب أن يكون مساوي لطبيعة الجريمة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023