بقلم:
مهند شريم
الباحث بمركز حضارات
نفذ الجيش الصهيوني عملية إجرامية قبل أيام في مخيم بلاطة كانت حصيلتها ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى والمعتقلين وثلاثة بيوت تم تفجيرها بحجة كونها تستخدم لتصنيع المتفجرات لفصائل المقاومة، وهذه العملية رغم حجمها الكبير والعمل غير المعتاد من قبل العدو بتفجير البيوت بهذا الشكل دون أن يكون فيها مطاردين أو مقاومين محاصرين إلا أنه كان يمكن اعتبارها نشاطاً اعتيادياً للجيش في الضفة الغربية ضمن ما يسميه العدو عملية (كاسر الأمواج) إلا أن هذه العملية كانت لها ميزات أخرى يمكن رصدها بالنقاط التالية:
أولاً: عدد جنود غير مسبوق:
سارع العدو بإعلان اشتراك أكثر من 400 جندي من عديد الوحدات (جفعاتي ومجلان ودفدوفان والناحل وحرس الحدود] وبَثّ صورًا وفيديوهات متعددة کأنهم في فيلم يتم إخراجه لأجل العرض في دار السينما، وهذا العدد من الجنود وبهذا الحجم لمثل هذه العمليات هو عدد غير مسبوق يستهدف الاستعراض أكثر من الحاجة الحقيقية العملياتية.
ثانياً: استهداف وعي الفلسطيني عبر الاستعراض والقتل
لعل أخطر ما استهدفه العدو من هذه العملية هو ما أعلنت عنه مراسلة الشؤون العسكرية (لقناة كان) قولها أن هدف العملية الحقيقي لم يكن القتل أو هدم البيوت وإنما كيّ وعي الفلسطيني، وذلك يفسر عديد هذه القوات وهذا الإخراج السينمائي وما خلفه العدو من دمار كبير داخل المخيم، إذ يريد العدو أن يقول للمقاومة يمكننا الوصول إلى كل مكان ويريدون القول للشعب الفلسطيني ولحاضنة المقاومة في الضفة ستدفعون ثمناً باهظاً لدعمكم للمقاومين حتى لو كانوا من أبنائكم.
ثالثاً: إبراز التفوق الاستخباري
إذ تمكن العدو من الوصول إلى ثلاثة من شباب بلاطة الثائر وقتلهم بصورة بشعة لإيصال الرسائل المباشرة لمن معهم أو من سيأتي بعدهم، أن يد العدو ستطالكم فلا تسيروا في هذا الطريق. وهنا يجب أن نشير إلى أن المعركة على الوعي ليست جديدة بل هي أهم مرتكز من مرتكزات الرؤية الأمنية الإسرائيلية وجدارها الحديدي إذ تنص على أهمية ضرب الفلسطينيين وقمعهم بشكل لا متوازي مع فعلهم حتى يسلم الفلسطيني بحق "إسرائيل" بالوجود، ولأجل مواجهة هذه السياسة وعدم السماح لها من اختراق الوعي الفلسطيني.
على المجتمع الفلسطيني بكل قواه الحية مواجهتها بعديد من الخطوات منها:
1. دعم المواطنين الذين تضررت بيوتهم والوقوف معهم وإعادتها أفضل مما كانت عليه قبل العدوان.
2. رعاية أسر الشهداء والجرحى وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
3. على المقاومين القيام بالتالي:
أ. عدم تسهيل عمل العدو بالوصول إليهم سواء باستخدام التقنيات الحديثة أو الإهمال بالأمن الشخصي.
ب. السعي إلى ضرب العدو ومفاجأته من حيث لا يحتسب وعدم انتظاره حتى يقتحم عليهم أماكنهم.
ت. تجهيز أحزمة من نار حول أماكن الاحتماء حتى إذا فاجأهم العدو يتم استهدافه بما لا يتوقع.
ث. يفضل عدم مواجهة العدوعند اقتحامه أماكن الاحتماء والانسحاب الآمن ما أمكن، وهذا يتطلب التحضير المسبق لخطط انسحاب وطرق آمنه، حيث أن مواجهة العدو وهو متجهز تحوي خطراً كبيراً على المقاومين يجب اجتنابه ما أمكن.
4. على وسائل الإعلام أن تعلم ما تنقل وكيف تنقل، وألا تساعد العدو من حيث لا تدري بنشر استعراضاته وزعرناته، فالمسموح بنشره هو فقط ما يحفظ المجتمع الفلسطيني ويرفع معنوياته ويحمي مقاوميه وما دون ذلك لا داع له.
إن معركة الوعي ستبقى مستمرة بيننا وبين عدونا، وعلينا أن نحرمه من إنجاز مبتغاه سعياً منا في نيل حريتنا وتحرير أرضنا.