نمط فتاك: 20 صحفيًا قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي خلال 22 سنة دون أن يُحاسب أحد

هآرتس

هاجر شازيف

ترجمة حضارات



الجيش الإسرائيليّ قتل 20 صحفيًّا منذ 2001، لكنه لم يُحاكم أيّ جنديّ، كما نُشر صباح الثلاثاء، في تقرير لجنة حماية الصحفيين (CPJ).

وفق بيانات المنظّمة الأمريكية، كان 18 من الصحفيين فلسطينيين، فيما كان اثنان أوروبيَّين، وقد قُتلوا جميعُهم في الضفة الغربية أو في قطاع غزّة.

"لا أحد يتحمل المسؤولية"، كما يذكر التقرير، الذي خلص إلى أنّ إسرائيل بدأت تحقيقًا جنائيًّا في حالة واحدة فقط، ولم تُجرِ فحوصًا عميقة سوى حين كان الصحفيّون القتلى يحملون جنسية أجنبية أو يعملون في وسيلة إعلاميّة معروفة.

صدر التقرير بمناسبة الذكرى السنويّة الأولى لمقتل شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية التي قُتلت رميًا بالرصاص خلال اقتحام للجيش الإسرائيليّ لمخيّم اللاجئين في جنين.

وقد توصّل تحقيق للجيش الإسرائيلي إلى أنّها قُتلت "بأرجحيّة كبيرة" بنيران جنوده، لكنّ النيابة العسكريّة قرّرت عدم البدء بتحقيق جنائيّ.

ولم يُعرَض تحقيق الجيش للجمهور سوى على شكل إعلان للصحافة، دون تقديم دلائل على هذا الاستنتاج أو توضيح قرار عدم فتح تحقيق جنائيّ.

وفق التقرير، يعكس هذا التصرّفُ نمطًا ترسَّخ في "إسرائيل" في حالات قتل الصحفيين، حيث تُجري "إسرائيل" فحوصًا أوليّة تمتدّ شهورًا أو سنوات، لكنها لا تفتح تحقيقًا جنائيًّا في نهاية المطاف.

في هذه الأثناء، كما جاء في التقرير، تخفت ذاكرة الشهود ويمكن أن تتلاشى القرائن.

والاستثناء الوحيد كان في حالة الصحفيّ البريطانيّ جيمس ميلر، الذي قُتل في غزّة عام 2003، والذي ابتُدئ بتحقيق عسكريّ جنائيّ في شأنه، لكنّ هذا التحقيق لم تنتج عنه لائحة اتهام.

يخلص التقرير إلى أنه حين تكون للحدث أصداء عالميّة، يزداد احتمال إجراء فحص، ولو ذرًّا للرماد في العيون. حتى في تلك الحادثة "تمتدّ التحقيقاتُ شهورًا أو سنوات، وتنتهي بتبرئة مُطلِقي النار من أية تُهمة".

كما كشف التقريرُ النقابَ عن ممارسات أخرى، مثل تجاهُل تناقُض المصالح في السلسلة القياديّة، إخفاء النتائج بذريعة السريّة الأمنيّة، وعدم تقديم دلائل على الاستنتاجات.

وفقًا للتقرير، لم تُقم "إسرائيل" اعتبارًا للشهادات من مسرح الحدث أو للتقارير المستقلّة في 13 من الحالات التي فُحصت، أمّا بالنسبة لأبو عاقلة، فقد كشفت المنظّمة تجاهُل الجيش الإسرائيليّ تقريرًا مشترَكًا لمعهد Forensic Architecture وجمعيّة "الحقّ" لحُقوق الإنسان، وجد أنّ سُترة الصحافة التي كانت أبو عاقلة ترتديها كانت ظاهرة بوُضوح، وذلك عبر استعادة مجال رؤية مُطلِق النار.

بالتباين، ادّعى الجيش الإسرائيليّ أنّه لم يتمّ تحديد هويّة أبو عاقلة كصحفيّة.

كما خلص التقرير إلى أنّ معظم الصحفيين كانوا يحملون علامات تُحدِّد هويّتهم، أو كانوا موجودين في مركبة تحمل شارة الصحافة حين قُتلوا.

لم تكن هذه نقطة الخلاف في حالة قتل الصحفيًّين الفلسطينيَّين فاضل شناعة وياسر مرتجى، فـ"إسرائيل" لم تُنكر أنهما كانا يحملان سمات تُحدِّد هويّتهما، حتّى إنّ بعض مسؤوليها زعموا أنّ هذه العلامة كان يمكن أن تساهم في تحديد هويّتهما خطأً كـ"إرهابيَّين".

وفق تقرير من عام 2008 لوكالة رويترز، التي كان شناعة يعمل مُصوِّرًا لصالحها، ادّعى النائب المستشار القانوني آنذاك أفيحاي مندلبليت، أنّ شناعة كان يلبس سترة واقية شائعة بين المسلحين.

أمّا مرتجى فاتّهمه وزير الدفاع حينذاك أفيغدور ليبرمان بالعضويّة في الجناح العسكري لحماس، دون أن يكلّف نفسه عناء تقديم أيّ دليل على ذلك، حتى إنّ الجيش الإسرائيليّ ألقى بتهمة الـ"إرهاب" على المُصوِّرَين الصحفيًّين حسام سلامة ومحمود الكومي، رغم أنّ تحقيق Human Rights Watch لم يُظهر أيّ علاقة لهما بأيّ تنظيم معاديّ.

"يُشكّل نمط قتل الصحفيّين من قِبل الجيش الإسرائيلي تهديدًا كبيرًا لحريّة الصحافة، ويمسّ بقدرة الصحفيين على نقل تقارير إخباريّة بشكل حُرّ وآمن"، كما جاء في فصل توصيات المنظّمة.

وقد دعت المنظّمة "إسرائيل" إلى البدء بتحقيقات جنائيّة في شأن مقتل ثلاثة صحفيّين، شيرين أبو عاقلة، الصحفيّ الغزّيّ أحمد أبو حسين الذي قُتل رميًا بالرصاص أثناء تغطية تظاهُرات بجانب الجدار عام 2018، والمصّور الغزّيّ ياسر مرتجى الذي قُتل في غزّة في السنة نفسها.

أمّا الجيش الإسرائيليّ فردّ بأنه لا يُطلق النار عمدًا على غير المتورّطين، وأنّ إطلاق الرصاص الحيّ يتمّ "بعد استنفاد كلّ الإمكانيات الأخرى".

كما ذكر أنّ "الجيش يدرس نشاطاته ويُجري تحقيقًا دوريًّا فيها، عبر آليّات فحص وتحقيق مستقلّة ومعمّقة، بينها آليّة تحقيق هيئة الأركان.

وفي الحالات التي يُزعَم فيها وجود مسّ غير قانونيّ بمدنيّين، بمَن فيهم الصحفيون، تُجرى إجراءات تقصٍّ لفحص الادّعاء، تُقرِّر النيابة العسكريّة إثرها متابعة الاهتمام بالملفّ وفق الموادّ التي جُمعت، بشكل مستقل وبناءً على اعتبارات مهنيّة بحتة".

وفق الجيش، "في الحالات التي يكون فيها اشتباه معقول بتنفيذ مخالفة جنائيّة، يتمّ البدء بتحقيق جنائيّ. وبشكل عامّ، حين يُقتَل إنسانٌ نتيجةَ اقتحامات الجيش الإسرائيليّ للضفة الغربية، يُفتَح تحقيق جنائيّ، إلّا إذا كان كان الاقتحام ذات طابع قتاليّ فعليّ، أو إذا بدا أن لا اشتباه بتنفيذ مخالفة من جانب جنود الجيش الإسرائيليّ".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023