بقلم الأسير/ إسلام حسن حامد
27/05/2023
تعمل المقاومة الفلسطينية حيثيًا وبكل الوسائل على التواصل مع الجمهور الفلسطيني في كافة ساحات المواجهة؛ لتشكيل الحاضنة الشعبية ذات الوعي المقاوم، التي ستقدم نخبتها المقاومة كنتيجة تلقائية للوعي الجمعي الوطني المقاوم.
الوسيلة الأكثر بروزًا في هذا المجال، الاستخدام الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، كون الجيل الصاعد مرتبط بشكل وثيق بالتقنيات المتقدمة والشبكة العنكبوتية، إلا أنه يحمل في طياته أيضًا الخطورة الأمنية المؤكدة، فنظام السايبر الصهيوني متقدم ويتخطى الخيال في كثير من تفضيلاته.
ومع ذلك، إلى حد ما يمكن أن يكون هناك نار بدون دخان!.
فلقد كشف الإعلام العبري مؤخرًا عن قضية المجاهد محمد محاجنة، التي تتعلق بإجراء تواصل أولي عبر الشبكة العنكبوتية الذي تحول إلى ترتيبات أمنية وعسكرية سرية، ناشط عسكري يتبع لحركة حماس في قطاع غزة، الذي قدم نفسه باسم "زاني أحمد" عبر موقع الفيس بوك لمحاجنة، طالبًا منه أن يتجند لصالح حركة حماس؛ ليوافق الأخير على ذلك.
لاحقًا وللسرية تم الانتقال إلى تطبيق التلغرام الذي يتيح إجراء محادثة أقرب للسرية، الهدف من كل ذلك تنفيذ عمليات عسكرية وعلى رأسها هجمات تفجيرية.
الشاب محمد محاجنة ابن العشرين عامًا، من مدينة أم الفحم الواقعة في المنتصف الجغرافي، لمدن رئيسية في الكيان الصهيوني ذات التعداد والتكوين السكاني الكبير والمتنوع، فمن الجنوب مدينتي الخضيرة ونتانيا (أم خالد الفلسطينية) ومن الشمال مدينة حيفا المشهورة ومن الشرق مدينتي العفولة والناصرة، خطط لتنفيذ عدة عمليات، منها تفجير عبوة ناسفة عن بعد داخل الباص العاكل على خط سير 921 التابع لشركة "إيجد" الواصل بين مستعمرة بتاح تكفا ومدينة الخضيرة.
خلال التحضير الأخير للعملية قام المشغل من غزة بوصل محاجنة بآخرين، الأول خبير تكنولوجي والثاني مختص في قضايا التمويه والتخفي، اللذين قدما له معلومات وإرشادات مهمة تساعده وتوجهه نحو تحقيق المطلوب منه.
ليبدأ محاجنة بتنفيذ عدة جولات استطلاعية راقب من خلالها المحطة المركزية في مدينة الخضيرة للباصات، ومستوى الوضع الأمني من كاميرات مراقبة ونظام الحراسة اليومي، ومن ثم توجه لاحقًا برفقة أخيه، الذي لا يعلم شيء من التخطيط السابق إلى منطقة تل أبيب، في مهمة استطلاعية للمجمع التجاري في عزرائيلي، وقاعدة (الكرياه - وزارة الحرب الصهيونية) ليقدم تقريره لمشغله في غزة يحتوي على صور وخرائط استخرجها من موقع جوجل، موضحًا الصورة وطبيعة الأهداف المحتملة، والكيفيات الأكثر ملاءمة لتطبيق التوجيهات العملياتية العسكرية كما هو مطلوب.
وبحسب لائحة الاتهام التي قدمت لمحاجنة الذي تم اعتقاله من قبل جهاز الشاباك الصهيوني من قبل عدة أسابيع، أنه جرى نقاش بينه وبين مشغليه حول إمكانية استهداف مظاهرات المعارضة الصهيونية التي تطالب بوقف التعديلات القانونية والقضائية؛ ليكون الرفض جوابًا مقدمًا من محاجنة لمشغليه.
وعند التنفيذ في 30 مارس من هذا العام اتفق المشغل مع محاجنة على أن يذهب إلى المنطقة الصناعية التابعة للمجلس الإقليمي في جلبوع بالقرب من العفولة، ويستلم عبوة ناسفة موضوعة في سيارة سوبارو لون أبيض، مع مبلغ 2.000 شيقل، هذا وعند لحظة وصوله للسيارة حسب التعليمات حاول أن يفتح أبوابها التي كانت مقفلة جميعًا؛ ليلجأ إلى مشغله عبر اتصال هاتفي، لكنه لم يستطع الوصول إليه، انتظر لنصف ساعة في الموقع، ثم انسحب من المنطقة.
وفي الخلاصة، يمكن لنا تقديم عدة تساؤلات، لا على الحصر:
1. الجدوى من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العمل الأمني والعسكري كما في الحدث السابق، مع العلم أن الكيان الصهيوني له سيطرة وتحكم بكافة الإمكانيات الإلكترونية والتقنية على مساحة الجغرافيا الفلسطينية.
2. هشاشة الثقافة الأمنية والوقوع في شراك الثقة العمياء، كالحاصل هنا من تواصل شخص مجهول مع طرف آخر (محاجنة مثالًا) طالبًا منه فعاليات أمنية وعسكرية.
3. إن كان هناك قدرة لدى فصائل المقاومة بالتواصل مع عموم الجمهور الفلسطيني وتنظيمه أمنيًا وعسكريًا، فأن أجهزة مخابرات العدد ذات الإمكانيات المطلقة في هذا المجال أقدر على أن تصل إلى الشجعان من أبناء شعبنا الفلسطيني والمندفعين؛ لتقوم بتجنيدهم ضمن خلايا وهمية تستنزف الروح القتالية، وتزرع عدم الثقة بين مركبات العمل الوطني الفلسطيني المقاوم وعموم الشعب الفلسطيني.
وأخيرًا، تجربة المجاهد محمد محاجنة دليل على الإمكانيات والطاقات العظيمة الكامنة في أبناء الشعب الفلسطيني، تبشرنا بقدوم جيل التحرير والنصر.